الرئيسيةكندا اليوم هؤلاء الكنديون الذين اختاروا العيش في تونس

[تقرير] هؤلاء الكنديون الذين اختاروا العيش في تونس



سمير بن جعفرتاريخ النشر: 00:19يتراوح عدد الكنديين المقيمين في تونس من ثلاثة إلى خمسة آلاف شخص، بحسب تقديرات السفارة الكندية في تونس.’’يوجد حالياً 1.804 كندياً مسجلين في تونس، وفقًا لقاعدة بيانات تسجيل الكنديين في الخارج، ولكن بما أن التسجيل في الخدمة اختياري، فلا يمثّل ذلك صورة كاملة لعدد الكنديين في تونس’’، حسب ما صرّح به لراديو كندا الدولي قسم الاتصالات في وزارة الخارجية الكندية.
وليس من السهل معرفة عدد الأشخاص الذين لديهم جنسية مزدوجة لأن ’’البيانات المتعلقة بالجنسية المزدوجة لا يتم جمعها من قبل المصالح القنصلية’’، وفقاً للمصدر نفسه.
ومع ذلك ، ’’وفقاً للتجربة، فإن الغالبية العظمى من الذين يتحصًلون على الخدمات القنصلية في السفارة الكندية في تونس يحملون الجنسيتين الكندية والتونسية أو الكندية والليبية’’، كما تضيف وزارة الشؤون الخارجية.
يقيم الكيبيكي كريستيان ليفيك، كبير مستشاري مكافحة الفساد للقارة الإفريقية في شركة ’’دلويْت‘‘ (Deloitte)، في تونس منذ ثلاث سنوات.الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjaferكريستيان ليفيك و مكافحة الفسادفي عام 1996، فاز كريستيان ليفيك في ’’المسابقة الدولية للشباب في ريادة الأعمال’’ (Mondial de l’ entrepreneuriat jeunesse) التي نظمتها الحكومة الكندية آنذاك.
وبفضل هذا الحدث بدأت قصته مع تونس حيث عمل مع شركة لصناعة النسيج لتنمية صادراتها وكان يتنقّل ’’بين كندا وتونس كل شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى عام 2002‘‘ ، كما أوضح في مقابلة مع الدولي الذي قابله في مطعمه المعتاد في مدينة المرسى في الضاحية الشمالية الشرقية لتونس العاصمة.
لكنّ بروز الصين في قطاع النسيج أجبره على تغيير خططه والعودة إلى كيبيك للعمل في مؤسسة عائلته لتصنيع الأبواب والنوافذ.
بعد عودتي إلى كيبيك، قلت لنفسي إنّني سأعود للعيش هنا [في تونس] عندما أكبر.نقلا عن كريستيان ليفيك
وبم يضيّع هذا الأخير وقته. ففي عام 2007، تم انتخابه لولاية واحدة في الجمعية الوطنية في كيبيك تحت لواء حزب العمل الديمقراطي في كيبيك (ADQ) في دائرة ليفي في الضاحية الجنوبية لمدينة كيبيك.
وأصبح، بعد ذلك، الرئيس التنفيذي لهذا الحزب الذي اندمج فيما بعد مع حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك (CAQ) الذي يحكم مقاطعة كيبيك حالياً.
وفي عام 2013، أنشأ كريستيان ليفيك شركته الاستشارية ’’ليفيك ستراتيجيز‘‘ (Lévesque Strategies).
وفي عام 2019، من خلال هذه الشركة، قدّم أوّل مشروع لمدينة تونس حول الوقاية من الفساد.
وكان عليه تحليل الفجوات بين ممارسات بلدية تونس ومعيار ’’أيزو 37001‘‘ (ISO-37001) الذي تم إنشاؤه في عام 2016.
وترأّس حينها كريستيان ليفيك الوفد الكندي خلال أعمال إنشاء هذا المعيار الدولي.
وفقاً للمنظمة الدولية للمعايير (ISO) ، فإن’’ معيار أيزو 37001 هو المعيار الدولي الذي يمكّن المؤسسات من جميع الأنواع من الوقاية واكتشاف ومعالجة مشكلات الفساد.‘‘
وفي مارس/آذار بينما كان متواجداَ في تونس أغلقت السلطات التونسية المجال الجوي بسبب جائحة كوفيد-19 ووجد نفسه عالقاً هذا البلد.
’’لم أستطع العودة إلى كندا لمدة عام تقريباً. وجدت نفسي هنا [في تونس] بدون عمل وبدون دخل ولم يعد بإمكاني إدارة شركتي في كيبيك’’، كما أوضح في حديثه.
وقال إنّه ’’لحسن الحظ، كان لدي بعض المال جانباً. لقد كانت فترة صعبة للغاية.‘‘
’’باب البحر’’ إحدى بوابات مدينة تونس العتيقة.الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjaferوفي تلك الفترة اتصلت به شركة ’’ديلويت‘‘ (Deloitte) للتدقيق والاستشارات، التي سمعت عنه، واقترحت عليه منصب عمل يغطي البلدان الإفريقية.
وكان بإمكانه الاستقرار في تونس أو المغرب أو كوت ديفوار، لكنه اختار البلد تونس الذي ’’أعرفه والذي يتماشى مع ما كنت أخطط له‘‘، كما أوضح.
وتعرّف حينها على سيّدة تونسية وقرّرا الزواج. تأكّد حينها أنّ بقاءه في تونس هو الخيار الأمثل.
’يسمح لنا الزواج بِبدء حياة جديدة وزرع جذور جديدة هنا [في تونس]. لا يزال لدي علاقات قوية مع كيبيك التي أزورها مرارا، لكن من المهم إنشاء روابط مع البلد المضيف.نقلا عن كريستيان ليفيك
ويتذكر هذا الأخير أيامه الأولى في تونس حيث كان عليه، مثل أي وافد جديد، التكيف مع الفوارق الثقافية ’’الكبيرة جداً‘‘، كما قال، بين تونس وكندا.
وقال إنّه ’’في كيبيك، كنت معتاداَ على أنه إذا طلبت شيئاً ما ، فإنني تحصل على ما طلبته بالضبط دون التفكير في احتمال معنى مزدوج لما يقوله البائع أو تفسير ما أسمعه. المعاملات مباشرة وغير ضمنية.‘‘
ويتذكر أوّل سريره اشتراه في تونس. لقد ارتكب ’’خطأ‘‘ بإعطاء مبلغ السرير كاملاً كعربون.
وفي آخر المطاف، حصل على سريره بعد طول انتظار واكتشف فيه عيوباً. ’’بما أنّ البائع حصل على كامل ماله، لم يعد هناك داعٍ لكي يسرع في تسليمي السرير!‘‘، كما أوضح.
وللاندماج في بلده الجديد، قرّر كريستيان ليفيك تعلم اللهجة التونسية التي يتقن بعض عباراتها. ’’أحب أن أفهم ما يدور حولي من حديث !‘‘، كما قال.
تعيش الكيبيكية جولي فورتان في تونس منذ عام 2007 وهي مستشارة تعليمية وإدارية للمدرسة الكندية بتونس.الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjaferجولي فورتان دروب الحب تؤدي إلى تونسعلى عكس كريستيان ليفيك الذي يستعمل بعض الكلمات فقط من اللهجة التونسية، تتحدث جولي فورتان هذه اللهجة بدون صعوبة كبيرة.
وعند ما التقى بها الدولي في مكان عملها، المدرسة الكندية في تونس، كانت تتحدث باللهجة التونسية مع حارس المدرسة.
وتقدم حاليا خدماتها لهذه المدرسة كمستشارة تربوية وإدارية بعد أن شغلت مناصب مختلفة بما في ذلك منصب نائبة المدير.
جولي فورتان من مواليد منطقة غاسبيزي (Gaspésie) في مقاطعة كيبيك. تُقيم في تونس منذ عام 2007 وهي متزوجة من تونسي.
التقت زوجها في كيبيك بينما كانا يدرسان في جامعة كيبيك في ’’تروا ريفيار’’ (Université du Québec à Trois-Rivières).
كانت تدرس علم النفس بينما كان زوجها المستقبلي يحضّر للحصول على درجة الماجستير في الإدارة. وفي نهاية تدريبها، عاد زوجها إلى تونس ثمّ تبعته.
ويعمل زوجها حاليًا في القطاع المالي.
الحب هو الذي جاء بي إلى هنا [إلى تونس].نقلا عن جولي فورتان
ولم يعترض والديها وإخوتها على قرارها، وفقاً لها. ’’ما عدا قريبة من العائلة أخبرتني عن كتاب ’أبدا بدون ابنتي’ لِبيتي محمودي عندما اكتشفت أنني ذاهبة إلى تونس‘‘، كما أضافت.
وقات : ’’زوجي وعائلته منفتحون. لم أفكر ابدا في هذه القضية. إننا نتشارك في الكثير من القيم.‘‘
وبعد 15 عاماً من الإقامة في تونس، تقول إنها لم تندم أبداً على قرارها في اتباع حبّها ’’حتى في الأوقات التي تسود فيها الخلافات‘.‘
وتقول إنّها خلُصت إلى أنه ’’حتى لو كنا منفتحين، فإننا لا نتأقلم أبداً بشكل كامل مع بيئة جديدة.‘‘
فعلى سبيل المثال دون التعميم، تقول إنها ’’لا تزال غير قادرة على قبول العلاقات القائمة على الانتهازية.‘‘
وعن العلاقات الزوجية، أوضحت أنّه ’’على الرغم من أن أدوار الرجال والنساء لم تتغير في تونس كما هو الحال في كيبيك، إلاّ أنّها تجد أن المرأة التونسية قوية.‘‘
وتأسفت لـ’’عدم التضامن بين النساء‘‘، على حدّ قولها.
وعلى الرغم من أنها اعتادت قيادة سيارتها في كيبيك، إلا أنّها توقفت عن ذلك في تونس لأنها وجدت السائقين على الطرق التونسية ’’عصبيين‘‘ بعض الشيء.
وتقول إنها ’’مُعجَبة بمراوغاتهم لِقانون المرور!‘‘
وأكثر شيء تفتقده في تونس هو ’’شراب القيقب‘‘، على حد قولها.
وتضيف جولي فورتان أنّها تتخيل نفسها ستعود للعيش في كيبيك في غضون سنوات قليلة عندما يبلغ ابنها ذو الـ13 عاماً سناً يسمح له بالالتحاق بالجامعة.

سمير بن جعفر

Most Popular

Recent Comments