Colette Darghamتاريخ النشر: 14:25سيدات عربيات في مدينة مونتريال يروين تحديات كثيرة يواجهنها من أجل المحافظة على الطقوس في الشهر الفضيل بسبب الضائقة الاقتصادية ’’والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الأولية‘‘. ما يحتم عليهن ’’اعتبارات جديدة تتلاءم مع المرحلة الراهنة من دون إلغاء روح العادات والتقاليد في هذا الشهر، ولكن التكيف مع الواقع الجديد بحنكة وتدبير‘‘.للشهر السابع على التوالي، قفز سعر المواد الغذائية المشتراة من المتاجر بنسبة 10٪ وأكثر مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ووفقاً لوكالة الإحصاء الكندية، فإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 10.6٪ على أساس سنوي الشهر الماضي. وتشير الوكالة الفدرالية إلى الارتفاع في أسعار منتجات الحبوب والسكر والحلويات والأسماك والمأكولات البحرية ومنتجاتها، وأكبر ارتفاع شهدته أسعار منتجات الحبوب بمعدل بلغ أكثر من 14،5%.
كانت مطيعة شقفة تعمل مهندسة ديكور في إحدى الشركات عندما أقالها رب العمل مؤخرا بسبب تراجع السوق العقارية في مونتريال. تقول: ’’إن ذلك أدى إلى تراجع مدخول العائلة، ولعلني أختارعدم شراء لباس جديدة للعيد لنفسي مثلا ولكنني لا أقصّر مطلقا في احتياجات وحيدتي، وفي بهجتها برؤية فوانيس رمضان تزين المنزل‘‘.
الصورة: Radio-Canada / Colette Darghamهل يؤثر هذا التضخم على نوعية الغذاء في منازل العائلات المسلمة في مونتريال؟ وماذا عن المحافظة على إحياء الإفطارات الرمضانية الغنية وغيرها من عادات الشهر الفضيل؟
تؤكد كل من مطيعة شقفة ومها صابوني ولمى أبو دان أنهن يحاولن قدر المستطاع عدم التفريط في الحفاظ على نوعية الأكل في منازلهن والاستغناء عن الكماليات فحسب.
في السنوات الأخيرة، يأتي رمضان حزينا ولكننا نحاول أن نخلق البهجة من أجل أولادنا.نقلا عن لمى أبو دان، ربّة منزل
تلاحظ المتحدثة الارتفاع في أسعار السلة الغذائية من دون أن تعود الأمور إلى طبيعتها منذ بدء جائحة كوفيد-19 قبل ثلاث سنوات. وتستمر أسعار الغذاء في الارتفاع يوما بعد يوم، علما أن هناك سلعا تضاعف سعرها منذ آذار / مارس 2020. أم لأربعة أطفال، تجد لمى أن عليها كل يوم مراجعة حساباتها لكي تكمل مصروف الشهر ولا تُقصّر في أي من الاحتياجات الأساسية لمنزلها. وبالنسبة لإحياء طقوس رمضان فهي ماضية في ترتيبها حسب الأولويات.
تقول لمى أبو دان ’’إن هناك اعتبارات جديدة طرأت على طريقة إحياء بعض الطقوس الرمضانية فرضها تضخم أسعار الغذاء‘‘. الصورة: Radio-Canada / Colette Dargham
شرحت لأولادي أنني لن أشتري لهم هديَتين هذه السنة بل واحدة فقط، وجرت العادة أن يكون لهم واحدة في رمضان وأخرى في عيد الفطر [..] في الشهر الواحد أقصد ثلاث مرات أحد المحلات الغذائية الكبرى، فأجد سعر السلعة ذاتها في كل مرة أغلى من المرة السابقة. الفارق في كل مرة يكون من 10 إلى 20 دولارا أكثر في الفاتورة الإجمالية.نقلا عن لمى أبو دان، ربّة منزل
’’تأثرت المأدبة الرمضانية في شكل خاص، تقول مطيعة شقفة، لقد استغنينا عن المكسرات مثل الصنوبر والكاجو في أطباقنا وعلى موائدنا، فهي أصبحت من المواد الكمالية وارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ‘‘.
من جهتها تقول مها صابوني: ’’ألحظ في كل مرة أذهب فيها الى السوبر ماركت المزيد من الارتفاع في الأسعار، ميزانيتي هي ذاتها ولكن السلع التي اشتريها آخذة في التقلص مرة عن آخرى‘‘. تشير المتحدثة إلى أنها توفر من خلال عدم شراء السلع الكمالية مثل الشوكولاتة، ’’هاجسي اليوم هو تأمين الضروري فقط في المأكل والمشرب‘‘.
تستثمر مها صابوني في طاقاتها وهي بدأت بتصنيع الحلوى ولكنها تشكو من الارتفاع المستمر للمواد الأولية، بشكل خاص الزبدة، وتتساءل عن مدى نجاح استثمارها على المدى البعيد وسط التحديات الكبيرة التي تواجهها وهي لا زالت في بداية الطريق وتعمل بمجهود فردي.الصورة: Radio-Canada / Colette Darghamهل يشعر الأطفال بعواقب التضخم؟توضح لمى أبو دان أنها تتعامل مع طلبات أطفالها بطريقة ديبلوماسية من دون أن تشعرهم بوقع الضائقة. فهي توجههم لاختيار قطعة واحدة لا أكثر من السكاكر والشوكولاتة والحلويات الأخرى المحببة كثيرا لقلوبهم. كذلك تعمد إلى التحضير المنزلي لوجبات السناك الخفيفة، بتكلفة أقل من تلك التي تشتريها جاهزة من السوق. ويسري التدبير في كل ما تستهلكه عائلتها من مأكل، فعوض أن تشتري عدة أنواع من الأجبان مثلا، يقتصر الأمر على شراء نوع واحد.
من جهتها، تؤكد مهى صابوني ’’أنه بعيدا عن الأطفال، تحصل نقاشات كثيرة بينها وبين زوجها حول ضرورة التقشف في النفقات تحسبا للمرحلة المقبلة‘‘.
تشير لمى أبو دان إلى أن المائدة الرمضانية ترتكز على أطباق أساسية لا يمكن أن يطالها التقشف وهي الشوربة والسمبوسك والسلطة والأطباق البيضاء. تقول مهى صابوني ’’إن طبق الشيش برك باللبن سيزين مائدة الطعام في أول إفطار في رمضان‘‘.
على الرغم من تراجع معدل التضخم في البلاد حيث بلغت نسبته الشهر الماضي 5,2% على أساس سنوي، بعدما كان ارتفع إلى 8,1% في حزيران / يونيو الماضي، مسجلا أعلى مستوى له منذ العام 1983. تنعي المتحدثات الثلاث استمرار الارتفاع في أسعار السلة الغذائية التي لا تعكس أبدا التباطؤ في التضخم الذي تشهده كندا مؤخراً.
تستغرب أبو دان الارتفاع الذي طرأ على سعر كيلو البطاطا مثلا وهي المادة الأساسية في كل مطبخ. ’’لقد اشتريت أمس 3 كيلوات من البطاطا بـ 16 دولارا، وهذا غالٍ طبعاً، غالٍ جداً، خصوصا أن كندا بلد منتج للبطاطا‘‘.
تقول مطيعة (إلى يسار الصورة) ومها ولمى إنهن بدأن يصدقن أن جائحة كوفيد-19 ربما كانت مفتعلة لتغيير مسار العالم إلى الأبد، ’’كل التدابير الاحترازية وكل الذعر والخوف في نفوسنا وفجأة اختفت الجائحة وكأنها لم تكن […] أسعار الطيران والبنزين وأسعار السيارات وغيرها من السلع الاستهلاكية صارت خيالية بعد الجائحة‘‘.الصورة: Radio-Canada / Colette Darghamلا رحلات إلى الخارج في العطلة الصيفية المقبلةتشير مها صابوني إلى الاقتطاعات التي لحقت أيضاً بعدد من الأنشطة الترفيهية والرياضية للأطفال والأسرة. ’’قللنا كثيرا من تبادل الدعوات على إفطار رمضان وكذلك قلت كثيرا نسبة خروجنا إلى المطاعم‘‘، تقول المتحدثة.
أما بالنسبة إلى إجازة الصيف فستمضيها عائلة لمى (4 أولاد) وعائلة مها (3 أولاد) في مونتريال مع سياحة محلية عبر مقاطعة كيبيك، والتنزه في حدائق المدينة الخلابة في فصل الصيف. ’’لا ميزانية للسفر إلى الشرق الأوسط مع الغلاء الفاحش في أسعار الطيران‘‘ تقول المتحدثتان. أما مطيعة فهي ستسافر إلى أهلها في السعودية مع ابنتها. توضح المتحدثة أن سعر تذكرتي السفر تعدى الـ 5000 دولار كندي، ’’يضاف إلى ذلك طبعا ثمن الهدايا التي لا بد من حملها للأهل والمصروف هناك‘‘.
Colette Dargham