القاهرة- سلط مؤتمر طبي عُقد بقصر عابدين بالعاصمة المصرية القاهرة الضوء على بكتيريا جرثومة المعدة (الملوية البوابية) وارتفاع نسبة الإصابة بها في مصر، إذ باتت واحدة من المشاكل الصحية التي تؤرق كثيرا من المصابين بها.
وقال مستشار منظمة الصحة العالمية وأستاذ الكبد والجهاز الهضمي بجامعة القاهرة جمال عصمت “إن نسبة إصابة المصريين بجرثومة المعدة بلغت 70%، مما عدّها البعض نسبة مرتفعة.
المؤتمر العلمي للجهاز الهضمي -الذي حضره لفيف من الأطباء، وعُقد السبت الماضي- بحث أحدث العقاقير والعلاجات الخاصة بعلاج جرثومة المعدة -واسمها العلمي بكتيريا الملوية البوابية، أو “هيليكوباكتر بيلوري” (Helicobacter pylori)– التي تسبب مضاعفات للمريض إذا لم يتم علاجها بشكل صحيح وفعال.
وكشف عصمت عن أنه تم تحديث البروتوكولات العلاجية الخاصة بمواجهة مرض الإصابة بالجرثومة، لافتا إلى أن الدولة تستهدف توطين الصناعة الخاصة بالأدوية الحديثة، وتوفير العلاج الآمن والفعال وتوعية المواطنين.
الإصابة بالجرثومة كعدوى
بخصوص ارتفاع إصابة المصريين بجرثومة المعدة، قال الدكتور جمال عصمت للجزيرة نت إنه ينبغي أن نفرق بين الإصابة بالجرثومة كعدوى والمرض الناجم عنها، فنسبة الإصابة بالجرثومة بين المصريين تبلغ نحو 70%، لكن نسبة المرضى الذين يعانون من المرض الناتج عن الجرثومة أقل من 10%.
وأشار مستشار منظمة الصحة العالمية -الذي شغل منصب نائب رئيس جامعة القاهرة سابقا- إلى أن هذه النسبة هي إحصاءات لأبحاث أجراها أساتذة بالجامعات المصرية المختلفة، والهدف من الإعلان عنها هو توعية الناس بالجرثومة ومضاعفاتها.
وإذا كانت الأعداد المصابة بحاجة إلى توفير حملة قومية للكشف عن المرض ومعالجته، كما في العديد من الأمراض المزمنة والخطرة الأخرى؛ أكد عصمت أن الأمر لا يحتاج إلى ذلك؛ لأن المبادرات التي أطلقتها الوزارة لمواجهة بعض الأمراض مثل فيروس “سي” (التهاب الكبد الوبائي) كانت لأنه ينتج عنه مضاعفات خطيرة مثل تليف الكبد والسرطان والفشل الكبدي بصورة كبيرة، لكن مضاعفات الإصابة بالبكتريا الحلزونية ليست بحاجة إلى حملة طبية قومية.
واستدرك قائلا “لكن الأمر بحاجة إلى توعية للمريض والطبيب على أساس أمرين: أولهما حسن تشخيص الإصابة والمرض والفرق بينهما، وثانيهما كيفية علاج المرض نفسه وليس الإصابة، وبالتالي الإصابة لا تمثل مشكلة صحية كبرى في مصر تستدعي القلق”.
متى يجب علاج جرثومة المعدة؟
وقال مستشار وزير الصحة الأسبق لأمراض الكبد، وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية الدكتور يحيى الشاذلي إن وجود جرثومة المعدة أمر “غير مرضيّ”، أي أن وجود الجرثومة في حد ذاتها أمر غير ذي جدوى ولا داعي لعلاجها.
وأضاف للجزيرة نت أنه في حالات بعض الأمراض مثل التهاب وقرحة جدار المعدة والاثنى عشر، فإنها لا تشفى بوجود الجرثومة، وبالتالي يجب علاج الجرثومة إلى جانب علاج هذه الأمراض، بمعنى أنه إذا كانت الجرثومة مصاحبة لهذه الأمراض فيجب علاجها.
وأكد أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب جامعة عين شمس أن هذه الأمراض (المتعلقة بقرحة والتهاب المعدة والاثنى عشر) قد تكون موجودة في غير وجود الجرثومة، ولكنها إذا وجدت معها فيجب علاجها حتى يشفى المريض ولا يعود إليه المرض مرة أخرى.
الاهتمام بالنظافة الصحية
بدوره، أكد استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي بمعهد تيودور بلهارس وزميل جامعة هارفارد الدكتور هشام الخياط أن نسبة العدوى وليس المرض أي الإصابة بالجرثومة الحلزونية في مصر تتجاوز 70% في الأعمار فوق 50 عاما، وتقل إلى 20% عند الأطفال، ولدى الشباب تتراوح بين 30 و40%، أما كبار السن فإنها تتراوح بين 70 و80%. ورغم هذا فإن ما نسبته 5 إلى 10% لديهم أمراض متعلقة بجرثومة المعدة مثل التهاب وتقرحات المعدة والاثنى عشر.
وأكد في حديثه للجزيرة نت أن هناك فرقا بين العدوى والمرض، والمشكلة في مصر أن هناك خوفا من الجرثومة الحلزونية، ويعتقد كل مصاب بالجرثومة أنه مريض وهو غير مريض بأي أعراض لها؛ وبالتالي وجودها من دون أعراض لا قلق منه، وبالتالي عدم إجراء إحصاء رسمي على مستوى الجمهورية سببه أن الجرثومة لا تمثل خطورة، ولكن هذه الأرقام مصدرها الأبحاث التي تجريها بعض المعاهد الصحية والجامعات في عدد من المحافظات المصرية المختلفة.
وأضاف أن جرثومة المعدة معدية، ويمكن أن تنتقل من شخص لآخر، وتنتقل أيضا عن طريق الطعام الملوث والمياه الملوثة، وهذه مشكلة تعاني منها بعض المناطق والقرى في مصر التي تسعى الدولة إلى معالجتها عبر برنامج “حياة كريمة”.