يتوجّه التونسيون غدًا إلى مكاتب الاقتراع لانتخاب 161 نائبا لتمثيلهم في برلمان بلدهم، 10 منهم يُمثّلون التونسيين المقيمين في الخارج.وبدأت أمس الخميس عملية تصويت تونسيّي الانتشار في ثلاث دوائر انتخابية واقعة في فرنسا وإيطاليا.
وفي كندا، لن يتسنّى للجالية التونسية الإدلاء بصوتها لعدم وجود مرشّحين في دائرتها الانتخابية، بحسب ما علمه الدولي من ممثّل الهيئة [التونسية] العليا المستقلة للانتخابات (L’Instance Supérieure Indépendante pour les Élections – ISIE) في كندا.
ووفقاً للهيئة، لم يتقدّم سوى ثلاثة مرشّحين للمقاعد العشرة المخصصة للمغتربين في البرلمان.
ويعيش ما يقرب من 40 ألف تونسي في كندا التي تنتمي لدائرة الأمريكتين الانتخابية التي تضم أربع دول: كندا والولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل.
وإن لم يكن هناك تحمّس جماهيري لإيداع ملفّات الترشّح، فلم يمنع هذا الأمر الكندي التونسي كريم الطوايبي من محاولة تقديم طلبه للترشّح.
ولكنّ لسوء حظّه، لم تقبل الهيئة ملفّه.
واجهتُ مشكلة بيروقراطية. كان عليّ جمع 400 توقيع تأييد من ناخبي الدائرة الانتخابية [الأمريكتين]. وتمكّنت من جمع عدد أكبر ولكن بعضها لم يُقبَل. نقلا عن كريم الطوايبي
حاول كريم الطوايبي المقيم في غاتينو (كيبيك) الترشح للانتخابات التشريعية التونسية في 17 ديسمبر/كانون الأول ، لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رفضت ملفّه.الصورة: Capture d’écran / Facebookووفقاً لقانون الانتخاب التونسي، يتعيّن على الأشخاص الذين يدعمون المرشح أن يكونوا مسجلين في قائمة الناخبين للدائرة الانتخابية حيث يقيم المرشّح.
وعموماً يتم تسجيل جميع التونسيين تلقائياً في هذه القوائم، لكن يجب عليهم تحديث عناوينهم في القائمة الانتخابية.
وإذا قام شخص ما بتغيير مكان إقامته وانتقل للعيش في كندا، فيجب عليه إبلاغ السلطة الانتخابية بذلك.
ويبدو أنّ هذا ما تسبّب في عدم قبول التواقيع التي جمعها كريم الطوايبي.
وأشار هذا الأخير أيضا إلى الصعوبات التي يُواجهها المرشحون في جمع توقيعات المغتربين.
’’ليس من السهل في كندا أن تطلب من الناس تسليمك نسخة من جواز سفرهم. فهم يتردّدون بعض الشيء لحماية خصوصيتهم‘‘، كما أضاف هذا المقيم في مدينة غاتينو في كيبيك.
أما ’’الصعوبة الأخرى التي واجهها‘‘، كما ذكر، فهي وجوب جاهزية الموقِّعين في أي وقت إذا طلبت الهيئة الانتخابية بعض الإيضاحات.
’’نحن نعلم جميعاً أنه في كندا، عندما يكون المرء في مكان عمله، ليس من السهل أن يتوقّف ولو مؤقّتاً للردّ على الهاتف‘‘، كما قال كريم الطوايبي.
بالإضافة إلى ذلك، يفرض قانون الانتخاب التونسي أن يكون عدد النساء الموقّعات على ملف المرشّح مساوياً لعدد الرجال (200/200).
ويجب أن يتراوح سنّ 25٪ من كل مجموعة بين 25 و 35 سنة.
الناشط الحقوقي الكندي التونسي جمال جاني.الصورة: Capture d’écran / Zoomمَطلب للجالية التونسيةوبسبب عدم وجود مرشّحين في بعض الدوائر الانتخابية، ستكون عدّة مقاعد شاغرة في البرلمان التونسي المقبل.
كما سيُنتخب بعض النواب بالتزكية لعدم وجود منافسة كما هو الحال في الدائرتين الانتخابيتين لفرنسا وإيطاليا، من بين دوائر أخرى.
وفي مقابلة مع الدولي، قال الناشط الحقوقي الكندي التونسي جمال جاني أن التونسيين المقيمين في الخارج هم من طالبوا بتمثيل الجالية في البرلمان التونسي.
مشاركة الجالية التونسية بالخارج مطلب ناضل من أجله لمدّة سنوات طويلة كلّ التونسيين المقيمين بالخارج. وجود تمثيلية للمواطنين يمكّنهم من إيصال اهتماماتهم إلى بلدهم الأم. نقلا عن جمال جاني
وأعرب هذا الأخير عن أسفه لقلة المرشحين. ’’من المؤسف أن يكون صوت المهاجرين التونسيين غير مسموع في البرلمان [التونسي]‘‘، كما قال هذا المقيم في العاصمة الكندية أوتاوا.
وتعهّدت السلطات التونسية بإيجاد حلّ لهذا الوضع.
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أكد في نوفمبر تشرين الثاني الماضي خلال مؤتمر صحفي أنه بعد إعلان نتيجة التصويت سيدعو إلى إجراء انتخابات فرعية في للدوائر التي بقيت بدون نواب.
وقد يفسّر غياب المرشحين قلّة الاهتمام الملحوظ بين تونسيين الانتشار بهذه الانتخابات.
الناشط الجمعوي الكندي التونسي حسين مذكور.الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjaferوبحسب الناشط التونسي الكندي الشاب حسين مذكور، فإن سبب عدم الاهتمام يكمن في التجربة التي عاشها التونسيون مع البرلمان المُنحل الذي انتُخب في عام 2019.
يبقى تصور’التونسيين‘ أنهم انتخبوا [في 2019] نواباً لحل مشاكلهم اليومية، ولكنّ في نهاية الأمر وجدوا أنفسهم مع مسؤولين مُنتخبين يتشاجرون على المناصب والسلطة. نقلا عن حسين مذكور.
وعموماً هذا ما ذكره الرئيس التونسي قيس سعيّد عند حلّ البرلمان في مارس/آذار الماضي أوعندما قام بتعليق نشاطاته في 25 يوليو/تموز 2021في خضمّ أزمة جائحة كوفيد-19 .
ومنذ ذلك الوقت، حكم الرئيس التونسي بمراسيم.
وفي يوليو/تموز الماضي، قدّرت منظمة العفو الدولية أن تونس شهدت ’’عاماً من التراجع في مجال حقوق الإنسان منذ استيلاء الرئيس قيس سعيد على السلطة.‘‘
وأضافت هذه المنظمة غير الحكومية أن الرئيس ’’منح نفسه صلاحيات لا حدود لها في الحكم والتشريع، فأصدر ما لا يقل عن 68 مرسومًا دون مراجعة أو إشراف من أي هيئة أخرى.‘‘
وتم تنظيم استفتاء على دستور جديد يمنح، حسب المراقبين، سلطة واسعة لرئيس الدولة فيما يبدو على أنّه نظام يركّز السلطة بين أيدي الرئيس.
سمير بن جعفر