كما تتعايش في أحشائنا مجموعات من الميكروبات المتنوعة النافعة لأجسادنا، والتي بات العلماء يعرفونها باسم “الميكروبيوم” (microbiome)، تتعايش على أجسادنا من الخارج مجموعات أخرى من تلك الكائنات، ومن بين تلك المجموعات يأتي “العث” (mites) ثماني الأرجل الذي توجد الآلاف منه على وجوهنا.
وقد أوضح مارك ساندمان الأستاذ الفخري في “جامعة فيديراشن” (Federation University) بأستراليا، في مقالته التي نشرت على موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation) بتاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري، أن الدويدات (Demodex) هي طفيليات توجد عند كل البشر.
وتعرف الدويدات بأنها عائلة من العث ثمانية الأرجل تعيش في بصيلات الشعر والغدد الدهنية أو الزيتية المرتبطة بالعديد من الثدييات.
الدويدات تعرف بأنها عائلة من العث ثمانية الأرجل تعيش في بصيلات الشعر والغدد الدهنية أو الزيتية (شترستوك)
طفيليات العث عند البشر
هناك نوعان معروفان عند البشر: الدويدية الجريبية (Demodex folliculorum) التي تعيش بشكل أساسي في بصيلات الشعر على وجوهنا (خاصة الرموش والحواجب)، والدويدية الصغيرة (Demodex brevis) التي تستقر في الغدد الدهنية على الوجه وفي أي مكان آخر.
ويبلغ طول الدويدية الجريبية نحو ثلث المليمتر، بينما تمتد الدويدية الصغيرة على أقل من ربع المليمتر كما أنها تحمل مجموعة من الأنواع البكتيرية على أجسامها.
ويتغذى العث على خلايا الجلد والزيوت الدهنية التي يهضمها بشكل مسبق عن طريق إفراز مجموعة من الإنزيمات. ووفق إحدى الدراسات الحديثة، فإن العث يتزاوج ويضع بيضه في الجريبات وبعد 15 يوما يموت ويتحلل هناك في الجريب.
وذكر ساندمان أنه لا وجود للعث لدى المواليد الجدد، في حين أوضحت دراسة سابقة نشرت في 2014 أن العث اكتُشف بصريا في 14% فقط من الأشخاص البالغين الذين اختبروا في التجربة وعند تحليل الحمض النووي، ووجد باحثون في دراسة نشرت عام 2009 دلائل على وجود العث على 100% منهم.
عث الوجه قد يسبب مجموعة من المشاكل الصحية مثل الطفح الجلدي وحب الشباب والبثور (شترستوك)
ولكن هل تتعايش هذه الطفيليات معنا بسلام دائما؟
وتشير دراسة حديثة نشرت في عام 2021 إلى أن عث الوجه قد يسبب مجموعة من المشاكل الصحية مثل الطفح الجلدي وحب الشباب والبثور على الجلد والتهاب الجفن أو التهاب الجفن وانسداد الغدد الدهنية فيه، مما قد يؤدي إلى نمو تكيسات إضافة إلى التهاب القرنية نفسها وجفاف العين وتكوين لحمية عليها.
وتختلف أعداد العث من شخص إلى آخر، ويمكن أن يتسبب العث بحدوث مشكلات صحية لو تكاثر بمستويات عالية، وتشمل تلك المشكلات الطفح الجلدي، وحب الشباب والبثور، والتهاب الجفون، وانسداد الغدد الدهنية، والتهاب القرنية وجفاف العين. ويزداد تعداد العث مع تقدم العمر وفي المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة، مما يشير إلى وجود علاقة مع انخفاض المناعة.
علينا أن نراعي وجودها في عاداتنا اليومية
هناك عدد من المركبات العلاجية التي تقلل أعداد العث، ولكن الإجماع على أنه جزء طبيعي من تكوين الجلد يرجح مراعاة وجوده وعدم القضاء عليه تماما.
هناك عدد من المركبات العلاجية التي تقلل أعداد العث ولكن يوجد إجماع على أنه جزء طبيعي من تكوين الجلد (ذا كونفرسيشن)
لا يعيش العث مدة طويلة بعيدا عن مضيفه. وبخلاف الاتصال المباشر، من المحتمل أن تكون منتجات النظافة الشخصية الآلية الرئيسة لانتقال العدوى.
فعلى سبيل المثال، يجب الحذر من مشاركة فرش المكياج والملاقط والكحل والمسكرة. ويمكن أن يسهم التنظيف المنتظم وغسل الوجه في التقليل من أعداد العث على الرغم من أن دراسات أخرى تشير إلى أن العث يمكن أن ينجو من غسول الوجه بمعدل جيد.
ووفق تقرير نشر على موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، فإن أفضل طريقة للكشف المباشر عن العث هي خزعة الجلد التي تتضمن كمية صغيرة من غراء فائق سيانوأكريلات (cyanoacrylate) على شريحة مجهرية. وتعدّ القشرة الأسطوانية حول الشعر المصاب علامة على وجود العث.