دخل الطفل زكريا شامل (4 أعوام) مستشفى ابن سينا في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق ليتعالج، فخرج مصابا بالإيدز.
كان الطفل قد سقط من عل، وبدأ يتعالج في قسم الجملة العصبية بمستشفى ابن سينا التعليمي، وتم تزويده بما احتاج إليه من دم، ولم تمض 4 أشهر على خروجه من المستشفى حتى ظهرت عليه أعراض مرض نقص المناعة.
وعند إجراء الفحوصات المختبرية له تبين أنه حامل لفيروس نقص المناعة البشري، الأمر الذي أثار الصدمة لدى أسرته، وللبحث عن كيفية وصول هذا الفيروس إلى هذا الطفل كون هذا المرض يصيب الكبار لأن أحد أهم أسبابه هو العلاقات الجنسية غير المحمية أجريت فحوصات لجميع أفراد أسرته وكانت النتيجة سالبة، وأنهم غير حاملين لهذا الفيروس ومن ثم استمر البحث عن أسباب وصول الفيروس إلى هذا الطفل البريء.
الدكتورة وجدان مهدي: لا تظهر نتيجة الفحص أجساما مضادة خلال الفترة الشباكية ()
الفترة الشباكية
وقد تبين أثناء التحري أن الدم الذي نقل إلى الطفل حامل للفيروس، وأن الشخص المتبرع لم يكن يعلم أنه مصاب على الرغم من أن المتبرعين بالدم يخضعون للفحص، والمرضى الذين يتعالجون ويحتاجون لعمليات جراحية يتم فحصهم إلا أن هناك فترة شباكية، وهي المدة الزمنية من دخول المرض إلى جسم الإنسان إلى حين اكتشافه مختبريا (فترة الحضانة) وتكون من 3-6 أشهر.
لا تظهر نتيجة الفحص أجساما مضادة خلال هذه المدة حسب ما أشارت إليه مسؤولة وحدة العوز المناعي في الصحة العامة بنينوى الطبيبة وجدان مهدي.
وأضافت الدكتورة وجدان أن المصابين يوقّعون على تعهدات بعدم نقل العدوى إلى غيرهم من خلال عدم استعمال أدوات الحلاقة وفُرَش الأسنان وحتى عدم مراجعة أي عيادة طب أسنان.
وأكدت أن هناك عيادة خاصة في مركز علاج المرض المصابين بالإيدز في مستشفى الشفاء، وأن أغلب هذه الإصابات هي نتيجة العلاقات الجنسية غير المحمية، وهناك إرشادات خاصة أيضا حول هذا الموضوع تعطى للمصاب المتزوج بحضور شريكه لتلافي انتقال الفيروس.
الطبيب فائز الحمداني: الشخص المتبرع بالدم كان حاملا للفيروس إلا أنه لم يكن يعلم بذلك ()
تحقيقات بشأن الحادثة
بدوره، يبين مدير مستشفى ابن سيناء في الموصل الطبيب فائز إبراهيم الحمداني أن الشخص المتبرع بالدم كان حاملا للفيروس إلا أنه لم يكن يعلم بذلك، وقد نقل إليه عن طريق زراعة الشعر خارج العراق.
وأشار الحمداني إلى أن حساسية التشخيص تكتشف 65-70% من الفيروس، و30% لا تظهر عند الفحص الذي يسبق نقل الدم.
وأكد أن الطفل زكريا شامل دخل شعبة جراحة الجملة العصبية في المستشفى، ليتعالج بعد أن سقط من علو، وكانت حالته تستدعي نقل دم وتحسنت بعد أن تعالج إلا أننا تفاجأنا بعد 3 أشهر بأن هناك تحقيقا بشأن إصابة الطفل بالإيدز.
وقد أجري تحقيق في دائرة الصحة بمحافظة نينوى وفي قسم التفتيش بوزارة الصحة وتحقيق آخر قضائي، وأثبتت نتائج التحقيقات عدم تقصير الكادر الطبي على حد تعبير مدير مستشفى ابن سينا التعليمي في الموصل، وهو المستشفى الذي تأسس عام 1974، ويستقبل يوميا ما يقارب 3 آلاف مراجع.
الطفل أصبح محروما من اللعب مع أقرانه وامتنع الأطباء في الموصل عن علاجه أو الاقتراب منه ()
مطالبة بالتعويض
الطفل أصبح محروما من اللعب مع أقرانه وأقربائه، وأصبح محظورا من كل شيء حتى امتنع الأطباء في الموصل عن علاجه أو الاقتراب منه، وقد سئم ذوو الطفل زكريا شامل من المطالبات بتعويضهم وهم يشاهدون ابنهم يعاني الموت البطيء.
وامتنع شامل أحمد والد الطفل عن ذكر أي تفاصيل عن الحادثة، مؤكدا أنه لم يحصل على أي تعويض من الحكومة على الرغم من تقديم شكوى إلى وزارة الصحة العراقية، وأصبح الطفل ضحية التأخير في الكشف عن الفيروسات.
محمد عاصي جاسم: بعد الحادثة وفرت دائرة صحة نينوى فحصا أسرع في إظهار النتائج ()
للحكومة رأي بشأن الحادثة
بدورها، بررت الحكومة العراقية والممثلة بوزارة الصحة العامة الموقف، وذكرت أن لديها قنوات رصد لكشف الفيروسات وتشمل جميع المتبرعين بالدم، وفحص المقبلين على الزواج، وكذلك فحص المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية.
ورفضت الوزارة الكشف عن عدد المصابين بنينوى إلا أنها أشارت إلى أن أغلبيتهم من الذكور البالغين، وأن أسباب إصابتهم تعود إلى العلاقات الجنسية غير المحمية، وهذا ما أشار إليه الطبيب الاختصاصي في طب المجتمع بوزارة الصحة العامة محمد عاصي جاسم.
بعد هذه الحادثة التي راح ضحيتها الطفل زكريا شامل نتيجة التأخر في كشف الفيروس وفرت دائرة صحة نينوى الفحص “كومبو تيست” (Combo Test) الذي يكون أسرع في إظهار النتائج إن كان الشخص حاملا للفيروس بحيث يظهره في الأسابيع الأولى من الفحص حسب ما ذكر جاسم الذي دعا المواطنين إلى تقليل نقل الدم إلا للضرورة القصوى، إلا أن هناك حالات تحتاج لنقل دم شهريا مثل مرضى الهيموفيليا.