يشهد غرب الولايات المتحدة هذه الأيام درجات حرارة قصوى بسبب موجة حر ناتجة عن نظام الضغط العالي في الغلاف الجوي الذي يحبس الهواء الساخن، وفق العلماء.
ويؤدي تغير المناخ إلى زيادة حدّة هذه الظواهر ذات العواقب الصحية الخطرة وكذلك تكرارها.
ما موجة الحر؟
تعرِّف السلطات الأميركية موجة الحر بأنها ظاهرة تُلاحظ عندما تكون أدنى درجة حرارة مسجلة، لمدة يومين على الأقل، أعلى بنسبة 85% من متوسط درجات الحرارة المسجلة في المنطقة في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب.
وغالبًا ما تنخفض الحرارة إلى هذا المستوى الأدنى في الليل، وهي نقطة أساسية، لأن جسم الإنسان بعد درجات الحرارة المرتفعة جدا أثناء النهار؛ يستريح في الليل، إذا انخفضت الحرارة بدرجة كافية.
ما الذي يسبّب موجات الحر؟
تتشكل موجات الحرارة في أكثر الأحيان مع ضغوط عالية في الغلاف الجوي تولد حالة من الانحباس، وتؤدي إلى تشكل قبة حرارية يمكن مقارنتها بدفيئة موضوعة تحت أشعة الشمس ومن دون تهوية.
تعمل الضغوط العالية على إيقاف تشكل السحب، وتدفع الهواء إلى الأسفل عن طريق الضغط، وذلك يؤدي إلى ارتفاع الحرارة.
وعادة ما تدفع تيارات الهواء العلوية هذه الكتل الهوائية في الغلاف الجوي، لكنها في بعض الأحيان تتمدد وتتباطأ، تاركة هذه القباب الحرارية في مكانها.
هل موجات الحر خطرة؟
نعم، تُعدّ الحرارة سببا للوفيات في الولايات المتحدة أكثر من أي حدث مناخي شديد آخر مثل الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير، وفقا للبيانات الرسمية.
وقد لقي مئات الأشخاص حتفهم في كندا والولايات المتحدة العام الماضي عندما رفعت القبة الحرارية درجات الحرارة إلى 49.6 درجة مئوية.
مثل هذا الهواء الساخن يحدّ من قدرة الجسم على البقاء في درجة الحرارة المناسبة، ويمكن أن يسبب “سلسلة” من الآثار الضارة، كما تشير منظمة الصحة العالمية، مثل التشنجات والتعب والنوبات القلبية وارتفاع حرارة الجسم.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن “الاستشفاء والوفيات الناجمة عن الحرارة يمكن أن تحدث بسرعة كبيرة (في اليوم نفسه) أو تتأخر بضعة أيام”، وتعاني منها بشكل خاص الفئات الأكثر ضعفا، ويصنف الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب أو الجهاز التنفسي ضمن المعرضين للخطر بشكل خاص.
تؤثر الحرارة الشديدة أكثر أيضا في المشردين الذين يعيشون في الشوارع والذين يعملون في الخارج في منتصف النهار، وكذلك أولئك الذين يعيشون بالقرب من مصدر للتلوث، مثل الطرقات السريعة.
ما تأثير تغير المناخ؟
يجعل تغير المناخ موجات الحرارة، مثل جميع ظواهر الطقس، أكثر حدّة. فمن خلال انبعاث غازات الدفيئة، تسببت البشرية بتسخين الكوكب في المتوسط بمعدل 1.2 درجة مئوية مقارنة بفترة ما قبل عصر الصناعة.
ومنذ الستينيات في الولايات المتحدة، صارت موجات الحرارة أطول وأكثر سخونة وتكرارا، وفقا للبيانات الرسمية.
وتقول وكالة حماية البيئة الفدرالية (EPA) إن موجات الحرارة “زاد تواترها زيادة حادة، من متوسط موجتين حراريتين سنويا في الستينيات إلى 6 موجات كل عام في العقدين 2010 و2020”.
وتسبّب تغير المناخ في زيادة احتمال حدوث موجة الحر التي ضربت كندا والولايات المتحدة في عام 2021 بمقدار 150 ضعفًا، وفقًا لتقديرات مبادرة إسناد ظواهر الطقس (World Weather Attribution) وهي شبكة من علماء الطقس الذين يسندون الأحداث المتطرفة إلى تغير المناخ.