الرئيسيةكندا اليوم جائحة كورونا هيأت الطلاب العرب في أوكرانيا للأسوأ

[تقرير] جائحة كورونا هيأت الطلاب العرب في أوكرانيا للأسوأ



فائدة جديدة لجائحة القرن الحادي والعشرين، إذ أوفت الاستعدادات لاجتياز الطالب الأجنبي في أوكرانيا الأسوأ.ظنّ الطلاب العرب في أوكرانيا أن فيروس كورونا المستجد هو أسوأ ما قد يصيبهم مع كل ما غيّرته الجائحة في طريقة عيشهم: التدابير الصحية الوقائية، البعد عن الأهل، الشلل الذي أصاب كل مناحي الحياة وفي مقدمها توقف حركة الطيران. ضاقت الدائرة بهؤلاء الطلاب المغتربين وكان الملاذ الوحيد المثابرة في الدراسة التي توفرت أون لاين بشكل جيد جداً، في بلد كان إحدى أكثر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق تقدماً ويرغب الآن في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ولكن ما كان ينتظر الطلاب الأجانب في أوكرانيا في 24 شباط / فبراير الماضي مع الغزو الروسي كان الأسوأ وعاشوا أياماً صعبة، أشبه بكابوس، يترقبون أن يداهمهم الخطر في كل لحظة. وقد واكبت خروجهم من أوكرانيا صور ومعاناة يرويها الطالبان أيوب محرش وفادي قسيس اللذين يتخرّجان هذه السنة من كلية الهندسة في جامعة خاركوف الوطنية للبوليتكنيك.
لا تزال نيران المدافع تستعر في أوكرانيا منذ الغزو الروسي يوم 24 شباط / فبراير، وفي الصورة روسيا تقصف مدينة سيفيرودونتسك بالمدفعية الثقيلة، 7 يونيو 2022الصورة: afp via getty images / Aris Messinisجامعات أوكرانيا قبلة الطلاب العرب والأجانبسبق الدكتور عصام شاهين الأوكراني اللبناني الطالبين فادي وأيوب في الانتساب إلى الجامعات الأوكرانية منذ العام 1987 حائزاً على شهادة الدكتوراه في الهندسة الإلكترو-كيميائية. ومن ’’كثرة عشقه لأوكرانيا وأهلها‘‘، لم يستطع هذا الأخير ترك تلك البلاد ليعبّد الطريق لغيره من الطلاب الطامحين في التحصيل الجامعي في كبريات الجامعات الأوكرانية التي تتمتع بسمعة جيدة عالمياً‘‘. ويدير الدكتور شاهين شركة تعنى باستقطاب الطلاب الأجانب وتوفير كافة الخدمات لهم في ما يتعلّق بالاستقرار في الصروح الجامعية العريقة.
Début du widget Youtube. Passer le widget ?Fin du widget Youtube. Retourner au début du widget ?فادي قسيس من لبنان وأيوب محرش من المغرب يتابعان اليوم دروسهما عن بعد من وطنهما الأم حيث اضطرا إلى العودة بعد توقف الدروس حضوريا بسبب الغزو الروسي.
انتسب الطالبان إلى جامعة خاركيف للفنون التطبيقية (نافذة جديدة) في المدينة الجامعية بامتياز خاركيف، التي تبعد نحو 500 كلم عن العاصمة كييف، وتعد ثاني أكبر مدينة في البلاد، علما أنها كانت في السابق عاصمة أوكرانيا.
هذه الجامعة الواقعة في شرق البلاد هي واحدة من أقدم الجامعات في أوكرانيا، تعّد المهنيين في أكثر من 100 تخصص. ويضيف عصام شاهين ’’يتوافد الطلاب الأجانب على هذه الجامعة بسبب جودة المعايير الدولية المعترف بها في كافة أنحاء العالم و تكاليف الرسوم الدراسية غير الباهظة بالمقارنة مع جامعات أخرى في أوروبا أو كندا‘‘.
في هذا الإطار يذكر المتحدث أن رسوم الطالب في فرع الهندسة تتراوح بين 1600$ و 2500$ في حد أقصى والرسوم لطالب الطب لا تتجاوز الـ 5000$ والصيدلة 4000$. يضاف إلى ذلك أنّ المعيشة ليست غالية في أوكرانيا، كما يقول الدكتور شاهين. ويسافر هذا الأخير إلى كافة دول العالم ليلتقي الطلاب وأهاليهم مرّوجا للتعليم الجامعي في أوكرانيا.
ويلفت المتحدث إلى أنّ هناك عددا كبيرا من الطلاب الذين يحصلون على منح دراسية توفرها لهم الحكومة الأوكرانية بالتنسيق مع الحكومات في البدان الأم للطلاب.
لا يفضّل الطالب المغربي أيوب مْحرش البقاء في أوكرانيا لأنه ’’لا يريد الابتعاد عن عائلته‘‘.الصورة: Capture d’écran قطار العبور كان مكتظاً لدرجة أنك لا تستطيع أن تتنفسلم تُعد جامعة خاركيف الوطنية للبوليتكنيك التي يشارف عامها الدراسي على الانتهاء قريبا في نهاية شهر حزيران / يونيو الجاري، فتح أبوابها لطلابها منذ الغزو الروسي، ولكن الدراسة عن بعد تسير على أكمل وجه، وينتظر أيوب وفادي تخرجهما بفارغ الصبر.
يروي الطالب المغربي أيوب محرش ما عاشه بعد بدء الغزو الروسي على أوكرانيا عندما كان يقصد مترو الأنفاق في وسط مدينة خاركوف التي تتعرض للقصف. ’’تسمرت في مكاني، لا أدري ما علي فعله، توقف كل شيء في ذهني ولم أعد أدري في أي اتجاه أذهب‘‘.

طيلة خمسة أيام في بداية الغزو الروسي عشنا رعباً وهلعاً من شدة أصوات الصواريخ والمدافع المدوّية، قبل أن يقلّنا القطار إلى برّ الأمان في رحلة طويلة وشاقة استغرقت 32 ساعة.نقلا عن أيوب محرش، طالب مغربي في أوكرانيا
يسرد المتحدث أنه استقل القطار في الأول من شهر آذار / مارس المتوّجه إلى الحدود مع دولة سلوفاكيا. عرّج القطار في مسيرته على كييف، ليصل إلى الحدود السلوفاكية بعد 32 ساعة.
يصف أيوب محرش أن القطار كان يعّج بالفارين من الغزو الروسي، لدرجة أن الهواء انقطع داخل القطار وكان من الصعب التنفس في أطول رحلة شاقة ومضنية عرفها في حياته.
عند الوصول إلى الحدود مع سلوفاكيا، كان بانتظارهم فريق من الصليب الأحمر الدولي، مدّهم بمياه الشرب وبالمأكل وكل ما يحتاجونه. من هناك طُبعت على جوازات السفر ولادة جديدة لأشخاص نجوا من براثن الموت. وفي حالة الطالب أيوب محرش، فإن السلطات المغربية طلبت من رعاياها الذهاب إلى هنغاريا حيث كانت بانتظارهم طائرات أقلّتهم إلى المملكة المغربية.
يوضح المتحدث أن القطار من سلوفاكيا إلى هنغاريا كان مجانيا لكل الفارين من الحرب وأن تذكرة الطائرة لم تتجاوز الـ 70$، حيث غطت السلطات المغربية النفقات الإجمالية لهذه الرحلة.
أكثر من 80 ألف طالب أجنبي في أوكرانيايقول عصام شاهين إن هناك أكثر من 80 ألف طالب أجنبي في أوكرانيا وبالنسبة إلى الطلاب العرب فهم في غالبيتهم من مصر والمغرب. يتواجد معظم هؤلاء الطلاب في مدينة خاركيف، ويبلغ عدد الطلاب اللبنانيين في جامعاتها نحو 600 طالب.
تُدرس المواد في الجامعات الأوكرانية باللغات الأوكرانية والروسية والانكليزية، علما أن كييف ألغت قبل عامين اللغة الروسية من المناهج، وسمحت بها فقط لمن هم على أبواب التخرّج.
عن اللغة الروسية يقول أيوب محرش، الذي اختار الدراسة فيها، كان الأمر صعبا جدا في البداية ولكن بعد عامين، أتقنت تماما هذه اللغة.
يشير عصام شاهين إلى أن هناك دوما سنة تحضيرية للطلاب الأجانب يطورون خلالها اللغة التي يرغبون الدراسة فيها. بالإجمال اللغة الأوكرانية يتم اتقانها أيضا بعد عام واحد. هذا وعلى الطالب أن يجتاز امتحان اللغة بعد سنة، ليتم قبوله في الاختصاص الذي يريده.
يرغب الطالب اللبناني فادي قسيس بدراسة الماجستير والدكتوراه في أوكرانيا، أما عن البقاء فيها ’’فهي بلاد جميلة و يحلو للمرء العيش فيها ، إذا كانت هناك فرصة لذلك فلن أقول لا‘‘.الصورة: Capture d’écran من سخرية الأقدار أن الانترنت ينقطع في لبنان أكثر مما ينقطع في أوكرانيا التي هي تحت القصفيواجه الطالب فادي قسيس، سنة أخيرة هندسة ميكانيك، مشاكل في شبكة الانترنيت الضعيفة في بيروت ، ويزيد الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي الطين بلّة. الأمر الذي يعيق تواصل وتركيز الطالب اللبناني الشاب في متابعة الدروس افتراضياً، على غرار كافة الطلاب حول العالم المنتسبين إلى الجامعات الأوكرانية.

كان الأستاذ الأوكراني يعطينا حصة الدرس، عندما فجأة اعتذر منا وقال، يشتّد القصف في الخارج وأنا مضطر إلى وقف الدرس لأن علي الذهاب إلى الملجأ.نقلا عن فادي قسيس، طالب في جامعة خاركيف الوطنية للبوليتكنيك
ما أضيق العيش لولا فسحة الأملفي هذه الظروف غير المؤاتية يعيش الأساتذة الجامعيون في أوكرانيا والطلاب الجامعيون في لبنان على حدٍ سواء. في ربوع سويسرا الشرق سابقاً، يعاني فادي قسيس الأمرين، فهو فرّ من أفق مظلم في بلده الأم ليعود إليه من جديد فاراً من الحرب في أوكرانيا.
ولكن فادي قسيس لا يشتكي ويقول ’’حمداً لله أن هناك دوما فرصة للحاق بما فاتنا لطبيعة الأساتذة الأوكرانيين المتفهمين، وأنا أعوّض على الدوام ما فاتني‘‘.
إن فادي ليس نادما على خيار الالتحاق بالجامعة الأوكرانية، ويشكر من نصحه بذلك، خصوصا أن جامعة خاركوف التقنية تعترف بشهاداتها دول كثيرة على رأسها كندا.
جنود أوكرانيون بين الأنقاض في مدينة خاركيف، السبت 16 أبريل 2022.الصورة: Getty Images / Chris McGrath
ستنتهي الحرب في أوكرانيا، أنا متفائل بعودة السلام إلى هذا البلد الآمن المسالم[…] سنتلقى المزيد من الانتسابات للطلاب الأجانب وستكون أعدادهم أكثر السنة المقبلة.نقلا عن عصام شاهين، صاحب شركة أوكرانية تسعى لاستقطاب الطلاب الأجانب
يؤكد المتحدث على وقوفه إلى جانب أوكرانيا وشعبها في هذه المحنة، وعلى إيمانه الراسخ بأنها ستعود إلى سابق عهدها.
يسرد الدكتور شاهين، الذي هو على تواصل مستمر مع أصدقائه في أوكرانيا ويزورها بين الفينة والأخرى حتى خلال الحرب الدائرة حاليا، كيف تستمر الحياة في مدينة خاركيف على الرغم من تعرّضها للقصف. وفي اليوم التالي يصار إلى إصلاح الطرقات ولملمة كل مخلّفات الحرب وكأن شيئا لم يكن، وهذا عهدنا بالشعب الأوكراني، صاحب العزيمة والإرادة القوية. ويؤكد المتحدث على أن أوكرانيا تملك الإمكانيات المالية والبشرية والتكنولوجية لتواكب الدول الأوروبية الغربية. وقد شهد المتحدث على تطور أوكرانيا، ’’التي أصبح شعبها اليوم يفكر بطريقة مثالية للدخول في عالم آخر. لا يوجد بلد دخلت معه أوكرانيا في عداوة مطلقا، إلا هذه الحرب الأخيرة التي أقحمها فيها صاحب الكرملين‘‘.

أوكرانيا لا تقّل جمالا وحضارة ورقياً عن أي دولة أوروبية غربية، في حدائقها وأبنيتها وطرقاتها وسلوك مواطنيها ومودتهم وترحيبهم بالأجنبي.نقلا عن الدكتور عصام شاهين، الذي يعيش في أوكرانيا منذ 35 عاماً
(أعدّت التقرير كوليت ضرغام منصف)

Most Popular

Recent Comments