قد تتجنب روسيا التخلف عن سداد دينها المستحق الجمعة، لكن تضييق الخناق عليها بالعقوبات التي تفرضها دول الغرب رداً على غزوها أوكرانيا، قد يدفعها حتماً للتخلف عن السداد في وقت لاحق.والدفعة المستحقة الجمعة البالغة 71 مليون دولار قد تكون سُددت بعملات تحتفظ بها خارج المؤسسات المالية الأميركية قبل أن تلغي السلطات الأميركية هذا الأسبوع إعفاءً سمح لروسيا بسداد دينها الخارجي بالدولار.لكن مع استحقاق دفعات أخرى في وقت لاحق، سيكون العالم على الأرجح أمام أول حالة تخلف دولة بعكس إرادتها، عن السداد بسبب عقوبات دولية، وليس بسبب عدم حيازتها للأموال الضرورية للتسديد.ما هو التخلف عن سداد الديون السيادية؟تُعتبر دولة ما متخلفة عن السداد عندما لا تفي بالتزاماتها المالية، إما إلى دولة أخرى أو إلى مؤسسات مالية دولية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أو إلى مستثمرين اشتروا سنداتها.يعدّ التخلف جزئياً في حالة عدم تسديد جزء من الدين.ويمكن لحكومة ما إعلان تخلفها عن السداد بالتصريح بأنها لن تسدد دينها، على غرار ما فعلت سريلانكا الشهر الماضي، وكما فعلت روسيا في 1998 بخصوص دينها الداخلي.ويمكن أن يُعلن التخلف عن السداد من جانب وكالة تصنيف بعد نهاية فترة سماح آلية من ثلاثين يومياً، في أعقاب استحقاق موعد الدفعة. لكن في حالة روسيا فإن وكالات التصنيف الثلاث توقفت عن تغطية هذا البلد التزاماً بالعقوبات الغربية.ويمكن إعلان التخلف عن السداد رسمياً من جانب جهة مقترضة خاصة حين تقول علنا أن دولة ما لم تسدد الدفعة، أو عبر الاتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات (إسدا) والذي يمكن لقراره المتعلق بعدم السداد، أن يؤدي إلى تحرير دفعات تأمين مقايضات التخلف عن السداد (سي دي إس)، وهو شكل من أشكال تأمين سداد الديون.أي دول غير لبنان تخلفت عن سداد ديونها سابقاً؟ما هو الوضع بالنسبة لروسيا؟حتى هذا الأسبوع سمح إعفاء من العقوبات الأميركية لروسيا بتسديد الدفعات لحاملي السندات بالدولار، لكن إدارة بايدن ألغت الإعفاء. وكررت روسيا الأربعاء استعدادها لتسديد كل ديونها بالروبل، لكن شروط بعض السندات تحدد أن تكون الدفعات بالدولار أو بعملات أخرى.وتستحق الجمعة دفعة فائدة قيمتها 71 مليون دولار، وبحسب الاستاذ في كلية كان للأعمال (IAE) سليم سويسي، فإن بنود السندات “لا تشمل الدفع بالروبل، فقط بالدولار واليورو والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري”.وقد تعتبر دفعة بالروبل تخلفاً عن السداد، حسبما قال خبير لدى وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.بوتين يعتبر أن العقوبات على بلاده تضر بالغرب أكثر من روسياروسيا تعلن أنها ستسدد ديونها الخارجية بالروبل وربما تكون الدفعة قد سُددت قبل إلغاء الإعفاء الأميركي من العقوبات. فقد أعلنت وزارة المال الروسية في بيان الأسبوع الماضي إنها حوّلت المبالغ لتوزيعها على حاملي السندات.وقالت “تم الوفاء بواجب السداد بالنسبة لسندات الاتحاد الروسي بالكامل ووفقاً لوثائق سندات يوروبوند من جانب وزارة المال الروسية”.وأضافت أن دفعة ثانية قدرها 26,5 مليون يورو مستحقة الجمعة تم تسديدها أيضاً، رغم أن الدفعة يمكن تسديدها بالروبل بموجب شروط السندات.وتستحق ثلاث دفعات فوائد يبلغ مجموعها أقل بقليل من 400 مليون دولار بنهاية حزيران/يونيو، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. بعض تلك السندات يمكن أن تدفع فقط بالدولار.في المجموع يتعين على الحكومة الروسية تسديد 14 دفعة بحلول نهاية العام.الاتحاد الأوروبي يرفض دفع ثمن الغاز بالروبل ويستعد لقطيعة مع موسكوماذا يختلف هنا؟لدى روسيا الأموال الضرورية للسداد وتريد أن تسدد لكنها لا تستطيع بسبب العقوبات الغربية. ويقول خبراء إنها الحالة الأولى من نوعها.فعندما تخلفت الأرجنتين عن السداد في 2014، كان لديها الأموال لكنها رفضت الدفع لصناديق التحوط التي رفضت قبول صفقة لأنها كانت ستقوض مجمل عملية إعادة التفاوض على ديونها.وقد هددت وزارة المال الروسية باللجوء إلى القضاء إذا أُعلنت روسيا في حالة تخلف عن السداد، لإثبات أنها سعت لتسديد الدائنين.بعد مرور ثلاثة أشهر على غزو أوكرانيا.. كيف تغيرت الحياة في روسيا؟روسيا تلوح بإجراءات قانونية إذا صُنِفت متخلفة عن سداد الديونويعني التخلف عن السداد عادة فقدان دولة ما قدرتها على الاقتراض في أسواق راس المال الدولية لعدة سنوات حتى تستعيد ثقة المستثمرين.في هذه الحالة فإن العقوبات الدولية المفروضة تحول دون تمكن روسيا من الاقتراض. وبينما لا تمثل ثقة الدائنين في قدرة روسيا على السداد مشكلة في الوقت الحالي، إلا أنها يمكن أن تصبح مشكلة إذا ما دفعت العقوبات باقتصاد هذا البلد إلى الركود الحاد.