الرئيسيةكندا اليومبدون تزيين: ماذا حصل في جامعة بير زيت؟

بدون تزيين: ماذا حصل في جامعة بير زيت؟


بدون تزيين: ماذا حصل في جامعة بير زيت؟
ناجـــح نعــــــيرات
بلا شك ربما لم يتبقَ غيري لم يعلق على نتائج انتخابات مجلس طلبة جامعة بير زيت، خصوصا وان بير زيت تعتبر المؤشر الأقرب للحالة الشعبية الفلسطينية ومزاجها السياسي، ولأن معظم التحليلات اتسمت بالترف السياسي او التعصب الحزبي، ارتأيت أن أتريث قليلا حتى تبرد الأجواء قليلاً كي أعرض وجهة نظر لم تحظ بالاهتمام كغيرها، بداية سوف نراجع الأرقام سويا ومن ثم أطرح وجهة نظري المتواضعة التي تجيب على سؤال الجميع “لماذا حصل ما حصل في بير زيت؟”.

فازت الكتلة الاسلامية وهي الجناح الطلابي لحركة حماس الفلسطينية ب 28 مقعداً مقابل 18 مقعدا لحركة الشبيبة الطلابية التابعة لحركة فتح (المنافس الرئيس)، في حين حصل القطب الطلابي وهو ذراع الجبهة الشعبية على 5 مقاعد، فيما خرجت كل من كتلة اتحاد الطلبة التقدمية وقائمة الوحدة الطلابية،التابعتين للحزب الشيوعي الفلسطيني والجبهة الديمقراطية، خرجتا بخفي حنين، هو ما أدى إلى تقدم الكتلة على حساب الشبيبة بفارق 10 مقاعد واستئثارها ب55% من الأصوات والمقاعد في مجلس الطلبة، وهو فوز يمنحها فرصة ذهبية لتمرير أي قرار متعلق بالعمل النقابي الطلابي.

الملفت أن التحليلات قد تكون أجمعت على أن النتائج كانت صادمة للجميع،حتى للكتلة الإسلامية نفسها، وتمحورت حول فكرة أن جماهير الطلبة تعاقب حركة فتح بسبب أفعال السلطة وفساد أجهزتهاـ تلك الاجهزة التي لا تتوقف عن التنكيل بالطلبة ذوي التوجهات المعارضة لفتح والسلطة حسب المراقبين والضحايا، ورغم أن هذا رأيا يعتد به، إلا أنه رأي مكرر ويتم اجتراره كلما فشلت فتح في انتخابات حرة ونزيهة، سواء كان على سبيل المواساة والانكار من الاتباع، أو نكاية بها من المعارضين، أضف الى ذلك أنه لم يُحسم أن هذا هو السبب الرئيس لما يحدث على الأرض، وفيه الكثير من المناكفة السياسيةالبعيدة عن حقائق يتجاهلها البعض سهوا او قصدا.

لا اتفق مع التركيز على حقبة زمنية آنية ومحددة للحكم على ما حصل او سيحصل هناك، ومن غير الانصاف أن نقول ان الكتلة الاسلامية وحركة حماس، مصدر الإلهام للكتلة، تفاجؤوا مما حصل، ومن غير اللائق القول ان حركة فتح“حركة الجماهير” خسرت فقط لأن أجهزتها الأمنية باعدت بينها وبين جموع الطلبة وأن ممارسات السلطة وفسادها السبب الوحيد لخسارة حركة فتح وشبيبتها لتلك الانتخابات، ربما تكون هذه عوامل. لكن، إذا قلنا ذلك واعتقدنا به، نقع بنفس الخطأ الذي وقعنا به جميعا في العام 2007 عندما فازت حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي وقبلها المجالس البلدية، حيث قلناحينها أن الجماهير تعاقب فتح وتوقفنا. إن تكرار سوء التقدير ذلك سيدفعنا بلا شك الى استنتاج مغلوط بعدم أحقية الفائز لأن الشعب او الطلبة غير مستقرين ذهنيا، وهو ما قد يبرر أي عمل مضاد للعملية الديمقراطية يصادر حق المنتخِبين والمنتخَبين على حد سواء. وقد يؤدي ذلك أيضا الى غرور الفائز واعتقاده انه الخيار الوحيد والأوحد، وشعور “الخاسر” انه لم يخطئ أصلا والخطأ تتحمله السلطة، ليبقى الحال على ما هو عليه.

ما أود قوله، أن التحليل دائما يحتاج الى النظر من خلال الخط الزمني الذي أدى الى هذه النتائج، وأيضا النظر الى البيئة المحيطة بالأطر المتنافسة، إضافة الى تداعيات الانقسام وانغلاق الأفق السياسي والاقتصادي والأمني للفلسطيني العادي. الأهم من ذلك كله ومحور تركيزي هنا، أن المحليين دائما ما يهملون التركيب النفسي والجيني للإنسان الفلسطيني، فهو انسان يختلف عن محيطه وهو ثائر بطبعه، لا ينسى نكبته سواء تناسى او حاول البعض الهاءه. بوصلته هي القدس وحيفا ويافا وعكا ومئات القرى والبلدات التي دمرت وهجرت منذ العام 1948، والفلسطيني يعتقد ان سبب حياته ووجوده هو حلمه بالعودة الى بيته وبيارته وقريته، لذلك تجد المقاومة بأشكالها هي المعيار الأهم في حكمه على الأمور كلها، حتى أن الفلسطيني وبكل أسف يتطرف في التعامل مع هذا المعيار، فتجده يناصر أنظمة دكتاتورية او شمولية في بلدانها لتبنيها خيارا المقاومة، ويعادي شعوبا عرفت بحبها لفلسطين وأهلها بسبب قرارات أنظمتها.

من ذلك المنطلق، إذا كانت المقاومة هي المعيار الأهم وليس الأوحد، ستجد المزاج العام للفلسطيني يتجه صوبها أينما ظهرت وبغض النظر عن أيديولوجيا حامل لواء تلك المقاومة، ستتبعها الجماهير رغما عنها، وحتى إن حاول الفلسطيني أن يكون مسالما او براغماتيا مرناً، ستدفعه جيناته وفطرته وغريزته الثورية الى التوجه صوب تلك المقاومة والتشبث بها، فهي وحدها تمنحه الأملبغد أفضل وبالخلاص من كابوس الاحتلال المقيت خصوصا انه جربها سابقا وجرب الحلول السياسية التي لم تؤت أوكلها ولم تنصفه في مظلوميته. لنا في حركة فتح أكبر مثال، فعندما حملت لواء الكفاح تبعها الشعب بأطيافه واديانه، وكلنا يعلم ماذا حصل عندما جنحت للسلم وتخلت على الراية وعن بندقيتها ولو مؤقتاً، ببساطة جاء من يرفع الراية من جديد وتبعه مزاج الفلسطينيين دون تردد حتى وان اختلفوا معه في الأيديولوجيا والدين.

وأخيرا، بالعودة الى الأرقام في نتائج الانتخابات، نرى ان التوجه المقاوم فاز ب 33 مقعدا من أصل 51، لأن القطب الطلابي التابع للجبهة الشعبية وهو أيضا في معسكر المقاومة ولا يزال ثابتاً على الثوابت ذاتها، بينما حصلت قائمة فتح على 18 مقعد، وصفر للأطر التي تدور بفلك حركة فتح. هذه النتائج ببساطة تثبت بكل وضوح النظرية التي اتحدث عنها هنا وهي ان الجماهير تتبع المقاومة أينما ذهبت، وتتخلى عن أي فصيل يهادن العدو أو يتعامل معه كصديق بلا ثمن حقيقي، ولا حصانة لأحد امام الغريزة الفلسطينية المقاوِمَة، ومن البديهي أن تفقد حماس هذا الزخم والتبعية الجماهيرية في حال جنحت للسلم كسابقتها فتح، وقتها، سيجد الشعب الفلسطيني ضالته بحامل لواء جديد دون تردد.

Most Popular

Recent Comments