يقول الرياضي الهولندي ويم هوف إن الماء البارد يمكن أن يقلل من التوتر ويزيد من مستويات الطاقة، ولكن ما مدى صحة هذه الادعاءات؟
في مقال لها نشرته صحيفة “إندبندنت” independent البريطانية، قالت ليندسي بوتومز إن أي شخص يشاهد برنامج “فريز ذي فير” مع “ويم هوف” الذي عرض على “بي بي سي” (BBC) سيتساءل عن فعالية الحمام البارد، حيث يقول هوف الذي سجل رقمًا قياسيًا في موسوعة غينيس للسباحة تحت الجليد “الاستحمام بالماء البارد يوميًا يجعلك في منأى عن زيارة الطبيب” فهو يساعد على تقليل التوتر وزيادة مستويات الطاقة.
الفوائد الصحية المحتملة للاستحمام بالماء البارد
وتذكر الكاتبة أنه لا يوجد الكثير من الأبحاث التي تبحث في الفوائد الصحية للاستحمام بالماء البارد، ولكن أكبر دراسة تضم 3000 مشارك، أجريت في هولندا، وجدت أن الأشخاص الذين أخذوا حمامًا باردًا يوميًا (بعد الاستحمام الدافئ) لمدة 30 ثانية أو 60 ثانية أو 90 ثانية لمدة شهر واحد تغيبوا عن العمل بسبب المرض بنسبة أقل بلغت 29% مقارنة بأولئك الذين أخذوا حماما دافئا فقط، وتجدر الإشارة إلى أن مدة الاستحمام بالماء البارد لم تؤثر على الغياب المرضي.
وتبين أنه لا يزال السبب الذي يجعل من الحمام البارد وسيلة تمنع الأشخاص من الإصابة بالمرض غير واضح، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أنه يقوي جهاز المناعة، فقد أظهرت دراسة تشيكية أن البقاء في الماء البارد (14 درجة مئوية لمدة ساعة واحدة) 3 مرات في الأسبوع، لمدة 6 أسابيع، يقوي جهاز المناعة لدى “الشباب الرياضيين” بشكل طفيف. ومع ذلك، هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لفهم تأثير الحمام البارد على جهاز المناعة.
الماء البارد يساعد على تعزيز نشاط نظام القلب
وبحسب الكاتبة، يشير “هوف” إلى أن الماء البارد يساعد على تعزيز نشاط نظام القلب والأوعية الدموية، ويضيف “نذهب إلى صالة الألعاب الرياضية لتمرين عضلاتنا، لكن داخل أجسامنا لدينا ملايين العضلات الصغيرة في نظام القلب والأوعية الدموية، والتي يمكننا تنشيطها بمجرد الاستحمام بالماء البارد”.
وتشير إلى أنه عندما تأخذ حمامًا باردا، يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما أن هناك بعض الأدلة على أن الماء البارد ينشط الجهاز العصبي الودي، وهو الجزء الذي يتحكم في استجابة “الكر أو الفر” الذي يعد رد فعل الجسم التلقائي عند التعرض لحدث خطير أو مرهق أو مخيف.
الماء البارد وهرمون النورأدرينالين
وتلفت إلى أنه أثناء الاستحمام بالماء البارد، يطلق هرمون “النورأدرينالين” المسؤول عن زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما أثبتت بعض الأبحاث أن حمام الثلج يحسن الدورة الدموية، فعند التعرض للماء البارد تتقلص الأوعية الدموية بالجلد مما يقلل من تدفق الدم، وعندما تخرج من الماء البارد، يقوم الجسم بتسخين نفسه.
وفي البرنامج، أوصي هوف المشاركين بزيادة مدة الاستحمام كل يوم. ومع ذلك، بحثت دراسة أجريت في هولندا أهمية المدة المستغرقة أثناء الحمام، ووجدوا أن مدة الحمام البارد ليس لها تأثير على صحة الجسم. لهذا السبب، من شأن أخذ حمام بارد لمدة 15 ثانية عند 12 درجة مئوية أن يكون كافيًا للجسم.
الاستحمام بماء بارد قد يؤدي إلى نوبة قلبية
وتنوه الكاتبة إلى أنه قد يكون الاستحمام بماء بارد صادمًا بعض الشيء، وعندما يزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم، يمكن أن يكون له تأثير سلبي على المصابين بأمراض القلب لأنه قد يؤدي إلى نوبة قلبية أو عدم انتظام ضربات القلب، وإذا كان لدى أي شخص رواسب دهنية في شرايينه، فمن المحتمل أن تؤدي الزيادة السريعة في معدل ضربات القلب إلى تحرر بعض الترسبات وانسداد بعض الشرايين مما يؤدي إلى نوبة قلبية.
ونقلت عن مايك تيبتون الخبير في فسيولوجيا الإنسان بجامعة بورتسموث، قوله إن الحمام البارد يمكن أن يرتبط بزيادة التنفس، حيث يساهم في تسريع عملية التنفس، وجراء “استجابة الغوص” التي تحدث عند غمر كامل الجسم في الماء البارد، ويقوم الجسم تلقائيًا بخفض معدل ضربات القلب وغريزيًا تتوقف عن التنفس (على خلاف استجابة الكر أو الفر).
الاستحمام بماء بارد والموت المفاجئ
وتوضح الكاتبة أنه يمكن أن يتسبب هذا التعارض في حدوث اضطرابات في نظام القلب وربما الموت المفاجئ. ومع ذلك، يمثل هذا خطرًا أكبر عند الغمر في الماء البارد، مثل السباحة في المياه المفتوحة، من الاستحمام بالماء البارد.
ويعتقد كثيرون -بحسب الكاتبة- أن الاستحمام بالماء البارد يؤثر إيجابيًّا على الصحة النفسية، لكن الدراسة البحثية الهولندية لم تكشف عن أي تحسن في حالة القلق لدى بعض المشاركين عند الاستحمام بالماء البارد.
في المقابل، ساهم الاستحمام البارد في التخفيف من أعراض الاكتئاب، إذ إن لدى الإنسان كثافة عالية من المستقبلات الحسية الباردة على الجلد التي ينشطها الحمام البارد والتي بدورها ترسل كمية هائلة من النبضات الكهربائية إلى الدماغ، والتي قد يكون لها تأثير مضاد للاكتئاب.
غسل الوجه والرقبة بالماء البارد
وحسب دراسة أجريت على مشاركين كبار السن، ساعد غسل الوجه والرقبة بالماء البارد في تحسين أداء الدماغ بشكل مؤقت وتعزيز الذاكرة والانتباه.
وخلصت الكاتبة إلى القول إن ادعاء هوف أن “الاستحمام بالماء البارد يجعلك في منأى عن زيارة الطبيب” قد تثبته بعض الأدلة العلمية، لكن الفوائد الصحية والأسباب لم يتم تحديدها بعد، لذلك على أولئك الذين يعانون من أمراض القلب توخي الحذر عند خوض هذه التجربة.