’’لست مؤّدبة واغفر لي إذا كنت أحبّك‘‘، كسر وجبر، مدّ وجزر، أبيض وأسود، لا حدود وسطى مع ماريانا مازة، فإما أن تكرهها جدا وإما أن تحبّها جدا.إنها البطلة المتوّجة، ربما لعدة عقود قادمة، على عرش مسرح الفكاهة والضحك، أقلّه في مجتمعها الكندي الفرنسي. خصوصا أن اللكنة الكيبيكية الصرفة التي تتحدث بها ماريانا مازة (نافذة جديدة) خاصة جدا، وقد يأخذ من لا يتحدث هذه اللغة، وقتاً كبيرا لكي يتفاعل مع نكاتها ’’الفالتة من كل القيود والتابوهات‘‘.
كانت ماريانا مازة وفيّة لتمثيل العنوان في المضمون، تطبيقا لمقولة أن المكتوب يُقرأ من عنوانه. ’’الوقاحة والفظاظة‘‘ كانت على مصراعيها قرابة ساعة من الوقت وعلى خطى المذهب الميكافيلي، فإن ضرورة إحداث الضحك أباحت ’’المحظورات‘‘.
حمل عرض الستاند آب كوميدي الثاني لماريانا مازة عنوانا ملائما ومناسبا للغاية، موفياً بشروط ’’قلة الأدب‘‘ المقصودة والمبررة لضرورات إحداث الضحك. الصورة: Groupe Entourage / Eric Myreشاء من شاء وأبى من أبى، فقد اختيرت الفنانة الشابة التي تناهز الثلاثين من العمر فنانة الفكاهة للعام 2022 في حفل الـ ’’أوليفييه‘‘ (نافذة جديدة) لتتويج صنّاع الفكاهة في كيبيك.
في العرض الافتتاحي للـ ’’ستاند أب‘‘ الإفرادي الثاني في مسيرتها، يوم الثلاثاء على مسرح الأولمبيا (نافذة جديدة) في مونتريال، امتلأت كل المقاعد بجمهور محلي متجانس بغالبيته العظمى. ملأ عشاق الفكاهة ’’البذيئة‘‘ القاعة قرقعة وضحكاً مجنونا بصوتٍ عالٍ. علما أن هذا العرض الأول خُصّص للنقاد الفنيين ومشاهير الوسط الفني الكيبيكي المحلي. بالإضافة طبعا إلى جمهور ماريانا مازة الذي ينتظر منذ العام 2020 ’’النجمة الفظّة‘‘ التي اعاقتها الجائحة من تقديم عرضها.
كما أن ’’الثوب لا يصنع الراهب‘‘ هكذا حال النجمة ماريانا مازة التي توحي في الظاهر بأنها قوية لا تأبه برأي أحد، ولكنها في الواقع حساسة جدا، عفوية وصادقة. ويعّزز ذلك بوحها في إحدى المقابلات الصحافية بأنها تتردد على عيادة طبيبة نفسية.
إضافة إلى ذلك، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو لها تبكي من تأثير الصدمة عليها. وبعد أن توّقعت أن تخرج بخُفي حنين من حفل التتويج على عرش الفكاهة في مونتريال، واختارت عدم الذهاب إلى حفل الـ ’’أوليفييه‘‘، تفاجىء بتتويجها ’’فنانة الفكاهة‘‘ لهذا العام في الحفل عينه.
الصورة: Capture d’écran مما لا شك فيه أن النجمة الشابة تحسب ألف حساب للنقد الفني، الذي لا يُجمع على مدحها (نافذة جديدة). وهي لا تدعوه إلى حفلها الرسمي الأول إلا بعد عدة عروض تقدمها للجمهور المخلص لحبها، وكأنها بعد في طور البروفات بينها وبين أحبة لا يبغون سوى تشجيعها والتصفيق لها مهما تعّثرت أو أخفقت.
هذا يبين حرصاً وترّويا وحذرا وسعياً واهتماماً وعناية، مما لا يشبه بشيء صفات من تدّعي أنها ’’غير مؤدبة ووقحة وفظّة‘‘.
هكذا تتأرجح ماريانا مازة بين العمق والتهميش، بين الإدراك والعبثية، بين الأدب واللا أدب، نعومة ورقّة مشاعر حينا ولسان سليط لاذع أحيانا أخرى.
كان يهّم أحدهم من الجالسين في الصفوف الأولى بمغادرة الصالة حين انتهرته، ’’بلؤمٍ‘‘ كما توصف نفسها ماريانا مازة قائلة له على الملأ:
أين أنت ذاهب، العرض بدأ للتّو؟ سأنتظرك ريثما تعود، هيا أنجز!نقلا عن ماريانا مازة خلال تقديمها العرض الرسمي الأول لـ IMPOLIE
ولم تتوقف ماريانا مازة عند هذا الحد، بل تابعت عند خروج المشاهد تقول بكلام مبتذل: ’’أعجب أن يكون مضطرا للذهاب إلى بيت الخلاء، خصوصا أن العرض تأخر نصف ساعة عن موعده، ألم يكن لديه الوقت لقضاء هذه الحاجة‘‘؟
تندّرت ماريانا مازة على سمنتها، ولم تستح من إظهار بدانتها. كذلك وبكل جرأة سألت فتاتين مثليتين في القاعة عما إذا كانت تثيرهما جنسيا، مؤكدة بأنها ليست مثلية الجنس وتعيش مع صديقها منذ 5 سنوات.
الصورة: Groupe Entourage / Eric Myreأيضا وبعد انتهاء العرض، وقع صوت صاحبة الدعوة المزمجر وقوع الصاعقة على أحد الحاضرين في الخلف الذي كان يغادر الصالة.
اجلس، لا تخرج، عليك بعد أن تسمع قائمة الشكر التي أتلوها. أنت دفعت ثمن التذكرة وتحملّت عناء القدوم هذه الليلة، أقلّه انتظر للمنتهى!نقلا عن في مخاطبة ماريانا مازة بشكل ارتجالي أحد الحاضرين في الصالة
وأردفت ماريانا مازة ’’على المسرح، أتلذذ بتوجيه المسبّات والشتائم. من جهته، يقابلني جمهوري بكل الحب والثقة، نعم فبعد كل فظاظتي وقلّة أدبي، يسامحوني ويدفعون المال ليأتوا ويسمعوا شتائمي وفشّات الخلق الخارجة عن أصول الأدب واللياقة‘‘.
تتندر ماريانا مازا على شخير أمها وتُسمعه لجمهورها مباشرة على المسرح، تقول إنها عندما تنام في الغرفة ذاتها مع والدتها، تنام بسماعات الأذن[….] تهزأ وتتهكّم بروايات عن وعلى لسان معجبات وصديقات ووالدتها وشريك العمر لاستدراج واستجداء الضحك.
Début du widget Youtube. Passer le widget ?Fin du widget Youtube. Retourner au début du widget ?
عندما اشترت أمي ورقة يانصيب، سألها صديق عما تفعله إذا ربحت عشرين مليون دولار، أجابت أمي، أحرق المبنى الذي أعمل فيه على بكرة أبيه.نقلا عن قالت ماريانا ماوة بتندر هذه الرواية عن والدتها ذات الأصول اللبنانية
أهدت ماريانا لأمها مؤخراً لمناسبة عيدها الستين سفرة الأحلام إلى إيطاليا على متن باخرة، وسجّلت في مذكراتها كل الملاحظات والأوقات الجميلة والنوادر والطرائف. كل ذلك قامت بتلاوته من الدفتر بشكل مباشر على مسامع الحضور. وقد صاحب ذلك صورة والدتها، على شاشات كبيرة على المسرح، وهي تملأ المياه في قنينة بلاستيك من فونتين تريفي، المعلم السياحي الشهير في روما.
حين سألت أمي أي مدينة أجمل لافال شمال مونتريال حيث تعيش أو إيطاليا، أجابتني لافال!نقلا عن فنانة الفكاهة الأولى كما توّجها Gala Les Olivier في كيبيك ماريانا مازة
وقعُ كلام مازة هنا كان ناعما رقيقا، اختلطت فيه مشاعر الفتاة البارة المتعلقة بأمها مع مشاعر نجمة الفكاهة التي لا توّفر أي شيء في سبيل أن تتندر وتهزأ وتقلّل الأدب لتُعجِب وتثير الضحك ولو كان مجانياً.
’’ثناء وإعجاب تام ورغبة بالعودة ثانية لمشاهدة نجمتهم على المسرح‘‘ أجمع على القول الجمهور الذي التقيته بعد العرض، بمعظمه من جيل الشباب، بسن ماريانا مازة.
ولإسدال الستارة في ختام العرض، استحق الحضور الخارج من صالة الأولمبيا موزاً.
ويُطرح السؤال عما إذا كان العرض الثاني في مشوار هذه النجمة الشابة سيحدث بدوره جدلا واسعا في الصحافة والرأي العام كما حدث مع عرضها الأول في العام 2016 ؟وهو كان بعنوان: Femme Ta gueule وهذه العبارة في العادة شتيمة. علما أن ماريانا مازة اضطرت فيما بعد إلى التقدم بالاعتذار من كل من شعر بالإساءة بسبب أقوالها وتمثيلها وألفاظها الفظّة.
الصورة: Radio-Canada / Colette Darghamخاضت ماريانا مازة في كل الموضوعات والتابوهات، وكان أكثرها بروزا الجنس والمثلية الجنسية. حتى أنها لم تتوان عن تمثيل وضعيات جنسية على ’’أقدام أربعة‘‘ أو حتى توصيف العضو الذكري والعادة السرية بكلام مبتذل وخادش للحياء، ’’إنه أمر مقرف مقّزز‘‘ على حد تعبيرها هي، في توصيفها هذه الإباحية المفرطة.
في الختام شكرت ماريانا مازة جمهورها على حضوره وإن كانت لا تفهم ’’كثيراً كيف يحّب أن يُهّزأ ويسمع الشتيمة، ويأتي بطيب خاطر دافعا الفلوس لهذه الفرجة‘‘.
تستجدي الفنانة الشابة جمهورها وتستعطفه ليتابع في تشجيعها وحضور حفلاتها لكي لا يعود بها الزمان إلى البدايات، حيث كانت موهبتها نقمة وليس نعمة.
Salut, Bonjour برنامج أخبار ومنوعات تلفزيوني صباحي، بدأت فيه ماريانا مازة أول خطوة في مسيرة الألف ميل. لم تجد مكانها فيه وهي طردت منه شر طرد بعد ثلاث مشاركات فقط، وتقول مازحة، غيّروا اسم البرنامج بسببي ليصبح Salut, Au Revoir.
(أعدّت هذا التقرير كوليت ضرغام منصف)