كيف يؤثر الصيام في صحة الشرايين؟ وهل يساعد الصوم في حماية الدماغ من السكتات الدماغية؟ وما الغذاء الصحي للحفاظ على صحة الدماغ وكيف نحافظ على صحة الدماغ في فترة العيد؟
هذه الأسئلة وغيرها وجهناها للدكتور مالك زبن، وهو جراح مخ وأعصاب وعمود فقري في مستشفى جامعة ويلز University Hospital of Wales، وباحث في علوم الأعصاب ومجال الخلايا الجذعية ودورها في تحفيز الذاكرة بعد الإصابات الدماغية. وهو زميل كلية الجراحين البريطانية-لندن وعضو جمعية جراحي الأعصاب البريطانية.
ما العلاقة بين صحة الشرايين والدماغ؟
حتى يؤدي الدماغ وظائفه بشكل سليم يحتاج ما لا يقل عن 20% من كمية الدم الذي يضخه القلب مع كل نبضة، وذلك رغم صغر حجمه مقارنة مع بقية أعضاء الجسم.
تتم تروية الدماغ وتزويده بالدم من خلال شبكة متميزة من الأوعية الدموية. وتربط الأبحاث العلمية بشكل وثيق -وبما لا يترك مجالا للشك- بين المحافظة على صحة الأوعية الدموية وبين تأخير أو منع الإصابات بالعديد من الأمراض العصبية، وخصوصا السكتات الدماغية وأمراض الخرف (الزهايمر) وفقدان الذاكرة (Vascular Dementia) .
ومن هنا تأتي أهمية المحافظة على صحة الشرايين لتمكين الدماغ من القيام بوظائفه بشكل سليم ودون الإصابة بهذه الأمراض.
كيف يؤثر الصيام في صحة الشرايين؟
اهتم العلماء بدراسة أثر الصيام على صحة الشرايين منذ سنوات عديدة، ويأتي هذا من منطلق أن العديد من الدراسات، ولا سيما الحديثة منها تربط ما بين ما يتناوله الإنسان من غذاء وخطر الإصابة ببعض الأمراض العصبية خصوصا السكتات الدماغية وأمراض الخرف المبكر أو الخرف مع الهرم.
وتشير الأبحاث إلى أن الصيام وتنظيم الغذاء وتناول الطعام بالكميات المناسبة يحافظ على عملية الأيض (metabolism) في الدماغ ويحسن من استجابة الدماغ لهرمون الإنسولين ويخفف من بعض الالتهابات الدماغية المزمنة، وجميع هذه العمليات مرتبطة بشكل أو بآخر بالإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض الخرف والشيخوخة.
هل يساعد الصوم في حماية الدماغ من السكتات الدماغية؟
حسب تقارير منظمة الصحة العالمية تعتبر السكتات الدماغية أحد أهم الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، وتقسم السكتات الدماغية إلى نوعين أساسيين:
السكتات الدماغية الإقفارية (الجلطات) وتكون ناتجة عن توقف تدفق الدم عن منطقة معينة بالدماغ.
السكتات الدماغية النزفية التي تنتج عن نزف حاد ناتج عن انفجار أحد الأوعية الدموية الدماغية.
هناك العديد من العوامل المؤثرة التي تزيد من احتمال الإصابة بالسكتات الدماغية بشقيها، منها التقدم بالسن والإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم والارتفاع في نسبة الدهنيات في الدم وكذلك السمنة المفرطة.
من هنا اهتمت العديد من الأبحاث في دراسة أثر الصوم على هذه العوامل، حيث تشير النتائج بشكل واضح إلى أن الصيام يلعب دورا في التخفيف من وطأة هذه العوامل، حيث يساعد في التحكم بمستوى السكر وخفض مستوى الدهنيات في الدم، ويعمل على خفض ضغط الدم ويقلل الإصابة به، كما أن للصيام الأثر الكبير في خفض مستوى الدهنيات في الدم وتخفيف الوزن.
جميع هذه العوامل مجتمعة تعمل على تقليل الإصابة بالسكتات الدماغية وخصوصا إذا تمكنا من الاستمرار بالصيام المتقطع ما بعد شهر رمضان، مع المحافظة على النشاط البدني بشكل منتظم وتناول الغذاء المتوازن خارج فترة الصيام.
هل يلعب الصيام دورا في حماية الدماغ من الأمراض التنكسية مثل الخرف والزهايمر؟
العلاقة ما بين الغذاء المتوازن والإصابة بأمراض الشيخوخة أثارت فضول الباحثين لدراسة إذا ما هنالك فائدة للصيام في تقليل احتمال الإصابة بهذه الأمراض، وخصوصا ما يرتبط منها بهرم الأوعية الدموية (Vascular dementia) ومرض ألزهايمر. ويمكن تلخيص الدراسات في هذا المجال في 3 محاور أساسية:
الصيام والالتهابات الدماغية المزمنة: تشير العديد من الدراسات أن الصيام يخفف من وطأة الضغط العصبي (Oxidative stress) الناتج عن الأكسدة، كما يقلل من إنتاج العديد من السيتوكينات (Cytokines) المحفزة للالتهابات مثل إنترلوكين 1 بيتا IL 1 Beta. وتشير الأبحاث إلى أن الانخفاض في نسب هذه السيتوكينات يحفز الذاكرة في الدماغ خاصة في منطقة الحصين (Hippocampus ).
يحفز الصيام على إنتاج العديد من النواقل العصبية (Neurotransmitters) التي تلعب دورا محوريا في نشاط الدماغ ومنها: السيرورتين (Serotonin) والنورادرينالين (Noradrenaline) والدوبامين (Dopamine) وجميعها مهمه كناقلات عصبية وخصوصا في منطقة الحصين، ما يؤكد أهميها في تطوير الذكرة واستدامتها.
من أهم الاكتشافات الحديثة أن الصيام يحفز أيضا الخلايا الجذعية في منطقة الحصين حيث تقوم هذه الخلايا بتجديد الخلايا العصبية التالفة وخصوصا ما يرتبط منها بتفاعلات الأكسدة (Oxidative stress) وتلعب هذه الخلايا دورا أساسيا في تحفيز الذاكرة.
ويجدر بالذكر أن مرضى ألزهايمر يعانون من نقص شديد في إنتاج الخلايا العصبية من الخلايا الجذعية مما ينعكس سلبا على ذاكرة هؤلاء المرضى. لذا فان الصيام طريقة بسيطة ورائعة للتخفيف من وطأة هذا المرض بتحفيز إنتاج مثل هذه الخلايا العصبية.
ما الغذاء الصحي للحفاظ على صحة الدماغ؟ وكيف نحافظ على صحة الدماغ في فترة العيد؟
كما أسلفنا يلعب الغذاء دورا أساسيا في تحديد صحة الأوعية الدماغية في الجسم، لا سيما في الدماغ، وقد نبه الباحثون والأطباء وأخصائيو التغذية إلى أهمية الغذاء المتوازن للمحافظة على صحة الدماغ. والحقيقة أن هنالك بعض الدراسات التي أشارت إلى أن تناول بعض الأطعمة الصحية وتجنب أخرى يبطئ من شيخوخة الدماغ بحوالي 7 سنوات ونصف وبالتالي يؤدي إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض الشيخوخة.
يشير أخصائيو التغذية إلى العديد من الأطعمة الصحية التي تساهم في تأخير الشيخوخة، لا سيما:
الخضروات خصوصا ذات الأوراق الخضراء مثل الخس والسبانخ.
الفواكه بأنواعها وخصوصا التوت الأزرق blueberry والفراولة Strawberry
المكسرات بأنواعها خصوصا اللوز والكاجو مع الانتباه على ألا تكون مملحة أو تحتوي على نسبة قليلة فقط من الملح.
التقليل ما أمكن من اللحوم الحمراء وتعويض ذلك بالبقوليات كالفاصولياء والعدس وما إلى ذلك.
تناول السمك ما أمكن ولو مرة واحدة بالأسبوع.