حذر علماء من أن طفرة واحدة في فيروس زيكا سريع التطور بالفعل يمكن أن تؤدي إلى تفشي كبير آخر للمرض من خلال التهرب من المناعة الموجودة لدى البشر.
ويسلط هذا التحذير الضوء على مخاوف من أن يصبح هذا لفيروس جائحة جديدة تضرب بعد جائحة كورونا.
أعراض فيروس زيكا ( نت)
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 أبلغ عن وجود علاقة ارتباط بين عدوى فيروس زيكا وصغر الرأس “الصعل” (Microcephaly)، وسرعان ما اندلعت فاشيات وظهرت بينات تثبت انتقال العدوى في جميع أنحاء الأميركتين وأفريقيا وأقاليم أخرى من العالم. وفي الأول من فبراير/شباط 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدوى زيكا تمثل حالة طوارئ دولية.
الدراسة الجديدة، وتفاصيل كاملة عن فيروس زيكا في هذا التقرير.
فيروس زيكا يمكن أن يتحور بسهولة ليصبح أكثر عدوى
وجد الباحثون في معهد “لا جولا” (La Jolla) لعلم المناعة في كاليفورنيا أن فيروس زيكا يمكن أن يتحور بسهولة ليصبح أكثر عدوى مع تغيير حمض أميني واحد.
وفي الفيروس الذي يظهر بالفعل علامات التطور السريع، يخشى العلماء أن يسمح ذلك للعدوى بالانتشار على نطاق أوسع، وفقا لورقتهم المنشورة في مجلة “سيل ريبورتس” (Cell Reports)، ونقلتها “الإندبندنت” (independent).
ووجد العلماء أن الطفرة الخطيرة -تسمى “آي 39 تي” (I39T) / “إن إس 2 بي آي 39 في” (NS2B I39V)- تعزز قدرة الفيروس على التكاثر في الفئران والبعوض والخلايا البشرية.
ويتمتع زيكا بالعديد من الخصائص البيولوجية مثل فيروس حمى الضنك، ويمكن أن يوفر التعرض المسبق لحمى الضنك الحماية من زيكا. ومع ذلك، قال الباحثون إن كلا الفيروسين سريع التحور، والفيروس المتطور يعني أنه لا يمكن ضمان الحماية الدائمة.
زيكا يمكن أن يغير مادته الوراثية
وقال البروفيسور سوجان شريستا -الذي شارك في قيادة الدراسة مع فريق من الفرع الطبي بجامعة تكساس- “حمى الضنك وزيكا من فيروسات الحمض النووي الريبي، مما يعني أنهما يمكنهما تغيير جينومهما (المادة الوراثية)”.
وأضاف “عندما يكون هناك الكثير من البعوض والعديد من المضيفين البشريين، فإن هذه الفيروسات تتحرك باستمرار ذهابا وإيابا وتتطور”.
وعادة ما يكون فيروس زيكا، الذي ينقله البعوض خفيفا عند البالغين، ومع ذلك يمكن أن يصيب الجنين النامي؛ مما يؤدي إلى عيوب خلقية مثل صغر الرأس “الصعل”، وهذا يسبب انخفاض حجم الرأس وأعراضا تشمل توقف النمو والنوبات وتأخر مهارات الكلام.
وفي الحالات الشديدة يمكن أن يسبب تلفا مميتا في الدماغ عند الأطفال والإجهاض أو الإملاص (ولادة طفل ميت بعد 28 أسبوعا أو أكثر من الحمل وفقا لليونيسف) عند النساء الحوامل، وانتشاره في الأميركيتين عامي 2015 و2016 تسبب في قلق عالمي.
كما أنه في حالات نادرة، يمكن أن يتسبب فيروس زيكا في الإصابة بمتلازمة غيلان باريه لدى البالغين، وهي حالة خطيرة تصيب الأعصاب مسببة مشاكل مثل التنميل والضعف والألم.
وقال خوسيه أنجيل ريجلا نافا -وهو الباحث السابق في معهد لا جولا لعلم المناعة والأستاذ المساعد الحالي في جامعة جوادالاخارا بالمكسيك- “هذه الطفرة المفردة كافية لتعزيز ضراوة فيروس زيكا.. يمكن أن يؤدي معدل التكاثر المرتفع في البعوض أو المضيف البشري إلى زيادة انتقال الفيروس أو الإمراضية، ويسبب تفشيا جديدا”.
فيروس زيكا
فيروس زيكا هو من جنس الفيروسات المصفرة التي تنقلها حشرات البعوض، وكُشِف عنه أول مرة لدى القرود بأوغندا عام 1947، ومن ثم لدى الإنسان عام 1952 بالبلد نفسه وبجمهورية تنزانيا المتحدة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وتضيف المنظمة أنه “سُجِّلت فاشيات اندلعت من مرض فيروس زيكا في كلّ من أفريقيا والأميركتين وآسيا والمحيط الهادي، ولم يُكشف خلال الفترة الممتدة بين حقبتي الستينيات والثمانينيات إلا عن حالات نادرة ومتفرقة لإصابة الإنسان بعدوى هذا المرض عبر أنحاء أفريقيا وآسيا، والتي اقترنت عادة بالإصابة باعتلالات خفيفة”.
فاشيات فيروس زيكا
أُبلِغ في عام 2007 عن أول فاشية سُجِّلت من مرض فيروس زيكا كانت قد انتشرت في جزيرة ياب (ولايات ميكرونيسيا الموحدة)، ومن ثم اندلعت بعدها فاشية كبيرة أخرى من عدوى المرض في بولينيزيا الفرنسية عام 2013 وبلدان وأراضي أخرى واقعة بالمحيط الهادي.
وأبلغت البرازيل في مارس/آذار 2015 عن انتشار فاشية كبيرة من مرض الطفح الجلدي الذي سرعان ما حُدِّد على أنه عدوى فيروس زيكا، ورُئِي في يوليو/تموز 2015 أنه ناجم عن متلازمة غيلان باريه.
كما أبلغت البرازيل في أكتوبر/تشرين الأول 2015 عن وجود علاقة ارتباط بين عدوى فيروس زيكا وصغر الرأس، وسرعان ما اندلعت فاشيات وظهرت بيّنات تثبت انتقال العدوى في جميع أنحاء الأميركيتين وأفريقيا وأقاليم أخرى من العالم.
أعراض فيروس زيكا
تشير التقديرات إلى أن فترة حضانة مرض فيروس زيكا (وهي الفترة الممتدة من وقت التعرّض له وحتى ظهور أعراضه) تتراوح بين 3 أيام و14 يوما. ولا يبدي معظم المصابين بعدوى فيروس زيكا أعراض الإصابة به، وعادة ما تكون أعراضه خفيفة وتشمل:
الحمى
الطفح الجلدي
التهاب الملتحمة
آلام العضلات
آلام المفاصل
الشعور بالتوعك
الصداع
كم تستمر أعراض زيكا؟
تستمر أعراض زيكا في العادة لمدة تتراوح بين يومين و7 أيام.
المضاعفات الناجمة عن مرض فيروس زيكا
تتسبّب عدوى فيروس زيكا لدى الحامل في إصابة الجنين الناشئ والمولود بصغر الرأس وغير ذلك من التشوهات الخلقية، وفي الإصابة أيضا بمضاعفات أخرى أثناء الحمل من قبيل فقدان الجنين وحالات الإملاص والولادة المبتسرة.
كما تتسبّب عدوى فيروس زيكا في الإصابة بمتلازمة غيلان باريه والاعتلالات العصبية والتهاب النخاع الشوكي، وخصوصا لدى البالغين وكبار الأطفال، وفقا لمنظمة الصحة.
انتقال فيروس زيكا
تُنقل عدوى فيروس زيكا في المقام الأول بواسطة لدغ حشرات البعوض الحاملة لعدوى المرض من جنس البعوضة الزاعجة، وخصوصا منها الزاعجة المصرية بالمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.
وعادة ما تلدغ البعوضة الزاعجة الإنسان أثناء النهار وتبلغ ذروتها في ساعات الصباح الباكر والساعات الأخيرة بعد الظهر وبحلول المساء، علما أنها البعوضة نفسها التي تنقل حمى الضنك والشيكونغونيا والحمى الصفراء.
وتُنقل أيضا عدوى فيروس زيكا من الأم إلى الجنين في أثناء الحمل، وبواسطة الجماع، وعمليات نقل الدم ومنتجاته، وعمليات زرع الأعضاء، وفقا لمنظمة الصحة.
علاج فيروس زيكا
لا يوجد علاج متاح لعدوى فيروس زيكا أو ما ينجم عنها من أمراض.
وعادة ما تكون أعراض العدوى خفيفة، وينبغي أن يحصل الأشخاص الذين يبدون أعراضا من قبيل الإصابة بالحمى أو الطفح الجلدي أو آلام المفاصل على قسط كبير من الراحة ويواظبوا على شرب السوائل وعلاج الآلام والحمى بواسطة الأدوية الشائعة. وفي حال تفاقم الأعراض، فإنه ينبغي أن يسعوا إلى الحصول على الرعاية والمشورة الطبيتين.
ولا بد من سعي الحوامل اللاتي يعشن بمناطق تشهد انتقال عدوى فيروس زيكا فيها أو اللائي يصبن بأعراض العدوى إلى الحصول على العناية الطبية من أجل فحصهن مختبريا وتزويدهن بسائر خدمات الرعاية السريرية، وفقا لمنظمة الصحة.
الوقاية من فيروس زيكا
إن الحماية من لدغ البعوض أثناء النهار وقبل حلول المساء تدبير رئيسي للوقاية من عدوى فيروس زيكا، وينبغي إيلاء اهتمام خاص لوقاية الحوامل والنساء اللاتي هنّ في سن الإنجاب وصغار الأطفال من لدغ البعوض، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
الصعل وفيروس زيكا
“الصعل” (Microcephaly) تشوه خلقي يكون فيه رأس الطفل أصغر من الحجم الطبيعي كما هو عند الأطفال في نفس العمر والجنس، وغالبا ما يكون لدى الطفل المصاب بالصعل دماغ صغير، وقد لا يتطور وينمو بشكل طبيعي.
وفي أثناء الحمل ينمو رأس الجنين الطبيعي لأن دماغه ينمو ويكبر، وفي الصعل يبقى الرأس صغيرا لأن دماغه لم ينمُ بشكل طبيعي في أثناء الحمل، أو لأنه توقف عن النمو بعد الولادة.
وقد يحدث الصعل لوحده أو يترافق مع حدوث تشوهات خلقية أخرى، وفقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية منها.
ويواجه الطفل المصاب بالصعل مشاكل متعددة تعتمد على مدى صغر الرأس واستفحال الحالة، وتشمل:
“نوبات” (Seizures).
تأخر النمو.
صعوبات عقلية، مثل تراجع القدرة على التعلم. مشاكل في الحركة والتوازن.
مشاكل في الأكل، مثل صعوبات البلع.
فقدان السمع.
مشاكل في البصر.
علاج الصعل
لا يوجد علاج للصعل، وهو ظرف دائم يبقى مرافقا للطفل المصاب حتى آخر عمره، وتهدف العلاجات إلى مساعدة الطفل على تخطي المضاعفات السابقة.
وفي فبراير/شباط 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدوى زيكا تمثل حالة طوارئ دولية تهدد الصحة العامة بسبب ارتباطها بآلاف من حالات تشوه الأجنة (الصعل) في البرازيل.
وصرح وزير الصحة البرازيلي مارسيلو كاسترو في الثامن من فبراير/شباط 2016 لرويترز أن الباحثين البرازيليين لديهم قناعة بأن زيكا هو السبب في 3700 حالة مؤكدة أو مشتبه فيها لصغر حجم الرأس لدى حديثي الولادة بالبرازيل.
متلازمة غيلان باريه وفيروس زيكا
“متلازمة غيلان باريه” (Guillain-Barré syndrome) هي حالة مرضية نادرة وخطيرة تصيب الجهاز العصبي الطرفي الذي يشمل الأعصاب الواقعة خارج الدماغ والنخاع الشوكي، إذ يقوم فيها جهاز المناعة لدى الشخص بمهاجمة أجزاء من جهازه العصبي.
أعراض متلازمة غيلان باريه
تبدأ أعراض المرض في القدمين والساقين قبل الانتقال إلى الذراعين والساقين، وتشمل الأعراض التالية:
ألم.
تنميل.
ضعف متزايد في العضلات.
مشاكل في تنسيق الحركات، إذ يصبح الشخص غير قادر على المشي من دون مساعدة.
الضعف يؤثر على جانبي الجسم، وقد يزداد سوءا خلال عدة أيام.
علاج متلازمة غيلان باريه
يعتمد علاج متلازمة غيلان باريه على استهداف الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة لمنعها من مهاجمة الجهاز العصبي، وعادة فإن غالبية المرضى يتعافون بشكل كامل، وقد يحتاج التعافي إلى أسابيع أو أشهر.
وفي بعض الحالات لا يتعافى المريض بشكل كامل، ويقدر أن 20% من المصابين بهذه المتلازمة يعانون من ضعف في العضلات بعد 3 سنوات من المرض، وقد تشمل المضاعفات مشاكل في التوازن والإحساس والحاجة إلى كرسي متحرك.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن “ثمة خطورة متزايدة في أن تتسبّب عدوى فيروس زيكا في إصابة البالغين والأطفال بمضاعفات عصبية، ومنها متلازمة غيلان باريه والاعتلالات العصبية والتهاب النخاع الشوكي”.