يحاور الدولي الزملاء في الإذاعات والمواقع الشريكة في أوروبا، نلتقي اليوم كمال ضيف من سويس إنفو.يرأس محدثي القسم العربي فيموقع سويسرا الإخباري (نافذة جديدة)منذ العام 2003، وقد تحدثت إليه قبل ظهر اليوم الأربعاء بتوقيت مونتريال الصيفي، في حوار مباشر من كانتون فريبورغ حيث هو مقيم ويمارس عمله من منزله منذ بدء الجائحة.
لا يزال فتيل الحرب مشتعلاً في أوكرانيا، وتُلقى تبعاته على كاهل الدول الأوروبية كافة التي يستمر تدفق اللاجئين الأوكرانيين إليها، وترتفع الأرقام في كل دورة لعقارب الساعة. بالأمس أحصت السلطات المحلية في سويسرا أعداد اللاجئين الأوكرانيين الذين دخلوا إلى أراضيها بـ 11 ألف لاجئ واليوم ارتفع هذا الرقم إلى أكثر من 13 ألفاً كما يؤكد لي الزميل كمال الضيف.
وتوّقعت وزيرة العدل والشرطة في الحكومة السويسرية أن يصل عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى 60 ألفا. ويطالب الخبراء السويسريون بوضع خطط لاستيعاب بين 100 ألف إلى 300 ألف لاجئ، في حال استمر الوضع على ما هو عليه وطالت رحى الحرب.
سويسرا ليست متورطة، وهناك من لا زال يعتنق المفهوم التقليدي للحياديرفض الضيف اعتبار خروج سويسرا عن صمتها تورطا أو خروجا عن الخط الذي رسم لها. إن كلمة تورط تستخدم من قبل الذين لا يزالون يفهمون الحياد بشكله التقليدي العتيق.
لعل الحياد السويسري منذ أقرّته القوى الأوروبية المتصارعة في مؤتمر فيينا عام 1815، تغيّر على مدى السنين، ولم يعد ذلك الحياد الانعزالي، الذي يقتصر على الفرجة وعدم الاكتراث لما يحدث حولنا.نقلا عن رئيس القسم العربي في موقع “سويس إنفو” الإخباري كمال ضيف
Début du widget Youtube. Passer le widget ?Fin du widget Youtube. Retourner au début du widget ?يذكر أن سويسرا وبخلاف احتفاظها بصمتها بعد ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، انضمت اعتبارا من 28 شباط/فبراير الماضي إلى عقوبات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، علما أنها ليست عضوا فيهما، ضد موسكو. مما أثار حفيظة البعض متهمين بيرن بأنها بهذه العقوبات قد دخلت أيضا الحرب ضد روسيا. وفي رده على ذلك، وضع الكرملين سويسرا على قائمة البلدان غير الصديقة.
المدافعون عن الموقف السويسري كُثرٌ، بحسب ضيفي، حتى الشارع السويسري يقف إلى جانب حكومته وهو من مارس الضغط عليها لإعلان العقوبات على روسيا. هؤلاء يعتبرون أن بيرن متمسكة بحيادها واعتماد العقوبات لا يغير في ذلك شيئا، فهي لا تناصر أي طرف في النزاع على المستوى العسكري، يقول المدافعون. فالحياد لا يعني اللامبالاة ولا يمنع سويسرا من الاعتراض على انتهاك قواعد القانون الدولي والدفاع عن القيم الديمقراطية.
تجدر الإشارة إلى أن سويسرا اتخذت موقفا واضحا تجاه روسيا مدينة بشدة هجومها على أوكرانيا، كما دعت موسكو إلى نزع فتيل الحرب فورا ووقف كل المعارك وسحب قواتها من أوكرانيا.
ما تريده الحكومة الفيدرالية السويسرية والرئيس السويسري هو ألا يستخدم الحياد لتبرير ما يقوم به المعتدي أو يمنحه فرصة للاستفادة من عدوانه، كما أوضح كمال الضيف.
أما عن لعب سويسرا دور الوساطة بين كييف وموسكو، فيقول محدثي إن بيرن لم تتلق أي طلب للوساطة من روسيا وقد أكد الرئيس السويسري بأنه مستعد للقيام بهذا الأمر إذا طلب منه ذلك. خصوصا أن الدبلوماسية السويسرية تعتمد على المساعي الحميدة.
صنّفت روسيا سويسرا مع كل البلدان التي شاركت بالعقوبات ضدها بالدول غير الصديقة ولذلك من المستبعد حتى هذه اللحظة على الأقل أن تكون سويسرا وسيطا في هذا النزاع.نقلا عن الصحافي في سويس إنفو كمال ضيف
أما عن دعوة بولندا سويسرا إلى مصادرة الاصول الروسية في خزائن مصارفها، فيجيب الضيف بأن الامر ليس بهذه البساطة، إذ لا يمكن للحكومة أن تتدخل في عمل المصارف، تستطيع الحكومة أن تأمر المصارف بتجميد اموال تعود الى اشخاص او شركات مدرجة على قوائم العقوبات ولكنها لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك.
يؤكد كمال ضيف أن الغالبية العظمى من اللاجئين الأوكرانيين الذين دخلوا إلى سويسرا هم من الأطفال والنساء. وتنقل الأنباء أن حوالي 90٪ من الذين فروا من الحرب في أوكرانيا هم من النساء والأطفال. لأن الذكور في البلاد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما استدعوا إلى المساهمة في المجهود الحربي وملزمون بالبقاء في بلدهم.الصورة: afp via getty images / WOJTEK RADWANSKIالطاقة البديلة للخروج من أزمة ارتفاع أسعار الغاز والنفطتقول الأنباء إن أسعار الغاز ارتفعت في سويسرا بمقدار 12 مرة منذ الصيف الماضي، وهو رقم قياسي. ويتزايد القلق من تفاقم الوضع مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
ردا على ذلك يوضح زميلي في سويس إنفو بأن سويسرا لا تستورد بشكل مباشر الغاز والنفط من روسيا، وإنما تستوردهما عن طريق بلدان أخرى. أضف إلى ذلك أنها لا تعتمد في شكل رئيسي مثل غيرها من البلدان، مثل ألمانيا على سبيل المثال، على النفط والغاز الروسي. ولقد كان وزير المالية السويسري أمس في الدوحة للتباحث حول استيراد المزيد من الغاز القطري.
فالمعروف عن سويسرا انها تنوع مصادر استيرادها وتزّودها بالطاقة، تستورد من أذربيجان ومن الجزائر ومن بلدان أخرى.
يشدد ضيفي على أن ما يحدث اليوم لا بد أن يسرّع بكل الخطوات الرامية الى الاعتماد على طاقات بديلة وعلى محاولة الاستقلال والتخلص نهائيا من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين. ويُقبل أهل سويسرا يوما بعد يوم على استخدام الطاقة الشمسية.
لا شك أن التغيير لن نشهده بين ليلة وضحاها، لكننا اليوم في هذا الاتجاه، أضاف كمال ضيف.
ربّ ضارةٍ نافعةبدأت الأسواق السويسرية تشهد ارتفاعا في أسعار القمح ومشتقاته وكل ما هو مستورد من أوكرانيا وروسيا، ولكن رب ضارة نافعة ويبدو أن التعويض سيأتي من الإنتاج المحلي.
يقول كمال الضيف: لعّل المشكلة في سويسرا مختلفة، ليس هناك نقص في الإنتاج، إنما يضطر الفلاحون إلى تخفيض حجم الإنتاج لأن التكلفة مرتفعة جدا. وإن استيراد القمح الروسي والأوكراني أرخص بكثير من تكلفة الإنتاج في سويسرا.
يطمئن محدثي إلى أنه سيتم البحث عن مصادر بديلة وسيمثل هذا دفعا للمزارع السويسري لتوسيع المساحات المزروعة من الحبوب ومن كل ما لا يمكن استيراده الآن من روسيا وأوكرانيا.
التعاطف الإنساني السويسري مع اللاجئين الأوكرانيين غير مسبوقفوجئ الجميع بحجم التعاطف والتضامن الذي أبداه السويسريون كأفراد تجاه الأوكرانيين.
انا مقيم في سويسرا منذ 30 عاما ولم أشهد مثل هذه الموجة من التعاضد.نقلا عن كمال ضيف
يشير التاريخ الحديث الى أن السويسريين استقبلوا المجريين عام 1956 والتشيك سلوفاكيين في عام 1968 بعد الغزو السوفياتي لبلديهما بذات التعاطف والحماسة.
حتى هذه اللحظة بلغ عدد اللاجئين الأوكرانيين نحو 13 ألفا لأن هناك 11 ألف أوكراني مقيم في سويسرا ويبدو أن كل هؤلاء استقدموا عائلاتهم أو أقاربهم. أكثر من 5000 لاجئ أوكراني يعيشون اليوم في بيوت الأفراد في سويسرا، وخصصت العائلة السويسرية غرفة أو غرفتين في بيتها للأوكراني مع تقديم المأكل والمشرب.
هذا التعاطف يقول أهل سويسرا إنه في تقاليدهم الإنسانية، اشتهروا به طيلة القرنين الماضيين حيث استقبلوا الفارين من الحروب في أوروبا.
يقول رئيس القسم العربي في موقع سويس إنفو” الإخباري في العاصمة السويسرية الفيدرالية بيرن كمال ضيف بأن الحرب في أوكرانيا أحيت في أذاهان أهل سويسرا الحرب الباردة.الصورة: Capture d’écranتفرقة في المعاملة أثارت حفيظة عدد من طالبي اللجوء من الجنسيات الأخرىيُثير ضيفي رئيس القسم العربي في موقع سويس إنفو الالكتروني الاخباري الإشكالية التي أثارتها التسهيلات الاستثنائية التي منحتها السلطات السويسرية للاجئين من أوكرانيا. هؤلاء يستطيعون العمل من اليوم الأول، يؤمن لهم سقف يأوون إليه، يتنقلون مجانا في وسائل النقل، ويوفر لهم التحاق أولادهم بالمدارس السويسرية.
أثارت هذه المعاملة التساؤلات في نفوس بعض اللاجئين الذين بدورهم قدِموا من مناطق حروب و نزاعات مثل سوريا والصومال وأريتريا والعراق. ولكنهم لم يحصلوا على الامتيازات ذاتها التي حصل عليها اللاجئ الأوكراني.
وعن الأسباب وراء ذلك يقول كمال ضيف إنه لا يملك الجواب. ولكن بعض الخبراء يقولون إن من أهم الأسباب التي تقف وراء هذا الفارق في الموقف هو القرب الثقافي والجغرافي.
الانسان دائما يتأثر بما هو أقرب إليه مما هو أبعد.
النقطة الثانية، يردف محدثي، هو وضوح الصورة بخصوص هذا النزاع.
إنه واضح كل الوضوح في هذه الحرب من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه، وهذا سبب من أسباب التعاطف الإنساني الذي لم نشهد له مثيل في سويسرا منذ عقود.نقلا عن كمال ضيف
يقول الخبراء إن المشهد واضح أمام المواطن السويسري لذا أتى تعاطفه تلقائيا وسريعا.
مما لا شك فيه، خلُص محدثي إلى القول، بأنه بعد اليوم سيختلف التعامل مع اللاجئين في بلد السلام والتعايش كما يأمل الخبراء في الهجرة واللجوء.
لأنه اتضح أنه من الممكن تسهيل الأمور للاجئين والتسريع في إدماجهم وعدم تركهم ينتظرون سنوات طويلة قبل أن يحصلوا على وضع طبيعي وعادي يستطيعون فيه العمل والدراسة والتنقل.
تندرج هذه المقابلة في إطار تغطية الدولي للحرب في أوكرانيا واللقاءات التي يجريها الصحافيون العاملون في الإذاعة مع المحررين في الإذاعات والمواقع الاخبارية الشريكة في أوروبا.
(أعدت المقابلة وقدمتها كوليت ضرغام منصف)