’’نعرف جميعاً شخصاً أوكرانياً في جمهورية التشيك‘‘، يقول دانيال أوردونيز، الصحفي في راديو براغ الدولي (RPI (نافذة جديدة))، إحدى الإذاعات الشريكة لراديو كندا الدولي. والروابط الثقافية والإنسانية واضحة. ففي جمهورية التشيك يشكّل السكان من أصل أوكراني أقلية هامة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك شيءٌ أقوى، حسب أوردونيز. فالوضع الحالي يستحضر طيف تاريخ مماثل.
جمهورية تشيكوسلوفاكيا الأولى، التي دامت من عام 1918 إلى عام 1939، ضمّت جزءاً من دولة أوكرانيا الحالية. وهذا الجزء ضُمّ لاحقاً إلى الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية.
وقبل انقسامها بين جمهورية التشيك وسلوفاكيا مطلع عام 1993، كانت تشيكوسلوفاكيا دولة محاذية لأوكرانيا.
هذه الأحداث تذكرنا بقوة بماضي جمهورية التشيك. يقارن كثير من الناس الوضع الحالي (في أوكرانيا) بما حدث في تشيكوسلوفاكيا خلال غزوها من قبل هتلر في عام 1939، وبالطبع خلال الاحتلال الروسي لها في عام 1968. نذكّر بأنه بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت تشيكوسلوفاكيا عضواً في حلف وارسو، إلى أن، في أحد الأيام ودون سابق إنذار، ظهرت فيها الدبابات والطائرات السوفياتيةنقلا عن دانيال أوردونيز، صحفي في راديو براغ الدولي
وشكّل هذا الأمر بداية احتلال عسكري دام 20 عاماً ولم ينتهِ إلّا بنهاية الشيوعية، في روسيا كما في تشيكوسلوفاكيا، يقول أوردونيز.
’’لذلك يتماهى التشيكيون مع ما يعيشه الأوكرانيون الذين شكلوا دولة ذات سيادة منذ انفصالهم عن الاتحاد السوفيتي قبل 30 عاماً‘‘، يشرح أوردونيز.
لذا، فإننا نفهم أنّ ما يعيشه الأوكرانيون سبق للتشيكيين أن عاشوه. لقد عانوا منه وترك لديهم ذكريات سيئة للغاية. لهذا السبب التضامن مع أوكرانيا هو إجماعي وهائلنقلا عن دانيال أوردونيز، صحفي في راديو براغ الدولي
مصافحة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إلى اليمين) ونظيره التشيكي ميلوش زيمان خلال زيارته إلى روسيا عام 2017.الصورة: Reuters / Sputnik Photo Agencyالموقف الرسمي للحكومة التشيكيةالتقارب بين أوكرانيا وجمهورية التشيك هو في الوقت نفسه تقارب إنساني واجتماعي وثقافي وتاريخي.
ومن المتوقع أن تنتقل إلى جمهورية التشيك نسبة كبيرة من الـ5 ملايين أوكراني الذين يرغبون في مغادرة بلادهم، إذ لديهم فيها روابط عائلية وسواها، يشرح دانيال أوردونيز.
لكن هناك أيضاً الجانب السياسي الذي لا يمكن تجاهله.
وبالنسبة لدانيال أوردونيز، هذه النقطة هي الأكثر إثارة للاهتمام نظراً لأنّ الرئيس التشيكي ميلوش زيمان لم يخفِ قط قربه من النظام الروسي. لكن هذه المرة يبدو أنّ الأمور قد تغيرت.
وفي الوقت الذي يتفق فيه السياسيون التشيكيون مع شركائهم في الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (’’ناتو‘‘) على الإجراءات التي يجب اتخاذها ضد موسكو، ينظم المواطنون التشيكيون تظاهرات دعم لأوكرانيا.
الشرطة التشيكية تحرس مدخل فرعٍ في براغ لمصرف ’’سبيربنك‘‘ (Sberbank) الروسي المملوك من الدولة فيما يتجمع الناس أمام مدخله من أجل سحب مدخراتهم وإغلاق حساباتهم قبل أن يغلق كافة فروعه في جمهورية التشيك.الصورة: Getty Images / MICHAL CIZEKالتأثيرات على محفظة العائلات التشيكيةسيكون للغزو الروسي لأوكرانيا عواقب بالدرجة الأولى على الأوكرانيين. تشير التقديرات إلى أنّ حوالي 5 ملايين أوكراني سيتأثرون اقتصادياً. ويمكن أن يترك النقص في إمدادات الغاز والنفط من روسيا آثاراً مباشرة على محفظة التشيكيين وسائر الأوروبيين.
ويفيد استطلاع للرأي أجرته وكالة ’’ميديان‘‘ لحساب الإذاعة التشيكية أنّ 87% من سكان جمهورية التشيك يعتبرون الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا عملاً عدوانياً غير مبرَّر.
وقال أكثر من ثلثيْ المستطلَعين إنهم على استعداد لاستقبال ومساعدة الأوكرانيين الذين، بسبب الغزو الروسي، يفضّلون مغادرة بلادهم.
وقال 88% من المستطلَعين إنهم يؤيدون حلاً تفاوضياً لإنهاء النزاع في أوكرانيا، وقال 80% منهم إنهم يوافقون على فرض عقوبات سياسية واقتصادية قاسية على روسيا.
يتقدّم الدولي بخالص الشكر لدانيال أوردونيز على موافقته على هذا التعاون. هذه المقابلة معه متوفرة أيضاً على موقع الدولي باللغتيْن الإسبانية والفرنسية، وترجمها فادي الهاروني من الفرنسية إلى العربية.
Paloma Martínez Méndez