قدموا من السنغال إلى إسبانيا كمهاجرين غير نظاميين، تحولوا إلى باعة جائلين يفترشون شوارع برشلونة لبيع ملابس وأحذية ونظارات مقلدة. نشاط كان يعرضهم لحملات تفتيش مباغتة من طرف الشرطة التي تفرض عليهم غرامات وأحيانا يتم طرد بعضهم من الأراضي الإسبانية.
وبعد سنوات من المضايقات، أسست مجموعة من هؤلاء المهاجرين في برشلونة النقابة الشعبية لبائعي الشوارع. بعد ذلك بعامين، وتحديدا في عام 2017، ابتكر نفس الأشخاص علامة “توبمانتا” التجارية التي تخيط وتبيع الملابس الجاهزة وتصمم الأحذية الرياضية.
وفي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أكد المتحدث الرسمي باسم “توبمانتا”، لامين سار الذي وصل إلى جزر الكناري في عام 2006، أن “الباعة الجائلين يواجهون يوميًا مضايقات الشرطة وتتم مطاردتهم في الشوارع، وإذا ما تم القبض على أحدهم، يتم نقله إلى مركز الشرطة ويفرض عليه دفع غرامة تتراوح من 60 إلى 1000 يورو. والحل الوحيد لدفعها هو العودة إلى نفس النشاط أمام التعقيدات الإدارية لولوج سوق الشغل بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين”.
علامة تجارية من قلب المعاناة
تحت شعار “البقاء على قيد الحياة ليس جريمة”، أنشأت النقابة الشعبية لبائعي الشوارع في عام 2015. لتمثل “شكلا من أشكال الدعم في مواجهة الظروف المعيشية القاسية للباعة الجائلين، ومن أجل الدفاع عن أنفسنا ضد العنصرية والتجريم. إذ أن إنشاء النقابة والعلامة التجارية هو ثمرة عقد من النضال وبناء شبكات التضامن” يضيف المتحدث باسم العلامة التجارية.
لم يكن تحويل فكرة علامة تجارية إلى مشروع له جذور تشق طريقها بشكل قانوني نحو الزبون الإسباني بالأمر الهين، لكنه لم يكن خطوة مستحيلة بفضل عزم وإصرار لامين وأصدقائه من الباعة الجائلين. وفي هذا الشأن يقول لامين سار “أجرينا عملية تمويل جماعي عبر الانترنت كانت ناجحة للغاية ساهمت في المضي قدمًا وتأسيس المشروع. ومن خلال إنشاء علامتنا التجارية للملابس، سمحت لنا الأرباح التي حصلنا عليها بتوفير العمل لزملاء آخرين ما حسن من أوضاعنا وأوضاعهم المادية، كما انتقلنا لصناعة الأحذية الرياضية وطورنا من مشروعنا”.
أزياء إفريقية في السوق الإسبانية
ورغم معارضة ومحاربة بعض جمعيات التجار الإسبانية للعلامة التجارية، استطاعوا فرض حضورهم في سوق الأزياء الإسباني، وأصبح يعرفهم الإسبان تحت اسم “توبمانتا”، أو “مانتا” بمعنى بطانية. “هو الاسم الذي أعطانا إياه المجتمع من أجل احتقار عملنا، ولكننا اليوم اتخذناه علامة لتكريم الباعة الجائلين وإعادة الاعتبار إليهم وبالتالي خلق نظرة إيجابية حولهم. هي علامة تجارية اجتماعية وداعمة ومبدعة تلتزم بالمعايير الأخلاقية والإنسانية” هكذا يعبر بفخر الشاب السنغالي.
“الأمر لا يتعلق فقط بالقيام بذلك، إنه يتعلق بالقيام بذلك بشكل صحيح” هذا هو الشعار الذي اختاروه للترويج لعلامتهم التجارية التي تستوحي ألوانها وأزياءها من أجواء القارة الإفريقية الغنية بالألوان والزخارف، فتقدمها في أبهى حلة وتعرضها في متجر في برشلونة تابع لهم مع إمكانية التسوق عبر موقعهم على الإنترنت.
وعن أكبر الانتصارات التي حققها مبتكرو هذه العلامة التجارية، يوضح لامين سار “حصل العديد من مندوبي مبيعاتنا على تصاريح إقامة لمدة خمس سنوات. كما أن الأشخاص الذين عانوا من العنصرية يعملون في المحل وورشة الخياطة معززين مكرمين. هذا بالإضافة إلى أن أرباح المبيعات تدفع راتب 25 شخصا وتساهم في الاستثمار في مشاريع جديدة”.
ويختم حديثه قائلا “إنه من الصعب إيجاد بديل للموارد الاقتصادية بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين نظرا للحواجز والقوانين الإدارية، مثل قانون الهجرة، لكن لا شيء مستحيلاً. واليوم هدفنا الأكبر والأول هو إبعاد رجال “المانتيرو” أو مفترشي الشوارع عن المشاكل وخلق فرص عمل ومحاربة العنصرية”.