رغم ما يمر به العراق من ظروف أمنية وسياسية مضطربة، لكن العديد من الجاليات العربية لها حضورها الملحوظ والواسع في مختلف مناطق العراق وخاصة في المدن الكبيرة وضواحيها، كالعاصمة بغداد والبصرة وأربيل والسليمانية، بالنظر إلى توفر فرص العمل والاستثمار في البلد، الذي رغم أزماته والحروب الداخلية والخارجية التي مر بها، لكنه يتوفر على طاقات وموارد طبيعية كبيرة، تتيح دوما فرص العمل والاستثمار فيه .
وتنتشر العديد من الجاليات العربية في العراق، خاصة من سوريا ومصر والأردن ولبنان والسودان وغيرها العديد من البلدان العربية.
وتتنوع المهن ومجالات العمل، التي يشتغل فيها أبناء تلك الجاليات العربية في العراق، في قطاع السياحة والمطاعم والفنادق، إلى قطاع العقارات والانشاءات والبناء، وصولا إلى تبوء مناصب ادارية وتنفيذية في كبريات الشركات والمؤسسات العراقية والعربية العاملة في العراق، على اختلاف أنشطتها.
يحكي شربل خوري، وهو مواطن لبناني يملك سلسلة مطاعم لبنانية في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، عن تجربته في الإقامة بالعراق، في لقاء :”نحن نقيم هنا في كردستان العراق منذ زمن طويل، ونعتبرها بلدنا الثاني، حتى أنني نقلت أسرتي للعيش والاقامة هنا”.
ويضيف: “نشعر بالراحة والأمان هنا، حيث لدينا الكثير من الأصدقاء والمعارف من أهل البلد، ومن مختلف الجنسيات من المقيمين هنا، والذين نتواصل معهم ونتعارف بحكم طبيعة عملنا”.
ويتابع خوري: “كان عدد اللبنانيين هنا كبيرا قبل سنوات، لكنه قل مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي، والأزمة الاقتصادية التي حلت في الإقليم والعراق عامة، بعيد العام 2013”.ويضيف المستثمر اللبناني: “لكن مع سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية بشكل غير مسبوق في لبنان، عاد اللبنانيون للإقبال مجددا على العمل والإقامة في كردستان والعراق، وهم يعملون خاصة في المستشفيات الخاصة ومراكز التجميل، والبنوك والشركات المصرفية والتكنولوجية والخدمية، وفي قطاع المطاعم والفنادق، فهم في غالبيتهم مستثمرون وموظفون اداريون ومهندسون ومحامون ومحاسبون، مع قلة من العمال والحرفيين”.
ويردف شربل: “أقمت في كردستان العراق من 2013 ولغاية 2016، وفتحت مطعما لبنانيا هنا، ورجعت للبنان بعدها، ثم قررت العودة لهنا مرة ثانية منذ العام 2019 حيث أملك مطعمين الآن، فأنا أشعر هنا كأني بين أهلي وناسي، وصدقني أشعر بالاستقرار هنا أكثر من بلدي لبنان”.
هذا ويتركز وجود الجالية اللبنانية في العراق، بصورة أكبر في مدن إقليم كردستان، وبشكل خاص في العاصمة أربيل.
بينما تنتشر الجالية السورية في مختلف المناطق العراقية، بحكم التجاور الجغرافي والتداخل العشائري بين العراق وسوريا، ويعمل السوريون خاصة في مجال الانشاءات والمطاعم والمولات ومحلات البقالة، هذا فضلا عن وجود نحو 250 ألف سوري يقيمون في مخيمات اللجوء ومراكز الإيواء، وغالبيتها تقع في إقليم كردستان العراق، وخاصة في محافظة دهوك المحاذية للحدود السورية.
أما المواطن المصري عبد الله محمد، وهو في الثلاثينات من عمره، والذي يعمل بائعا للشاي والمشروبات الساخنة في مدينة أربيل، فيقول في حوار مع :”معاملة الناس اللطيفة هنا لا توصف، والأمان مستتب بشكل كبير، أعمل هنا منذ نحو عامين ونصف متنقلا بين عدة مطاعم وكافتيريات لكن بسبب طول ساعات العمل والتي تصل لنحو 13 ساعة، وقلة الراتب مقابل كل هذا الجهد، صرت أبيع الشاي في الساحات والأماكن العامة”.
ويتابع:”يوجد عشرات المصريين الذين أعرفهم هنا في أربيل، لكن هناك طبعا كثيرون غيرهم ممن يعملون في مجالات أخرى غير مجال عملي، حيث يوجد أطباء ومهندسون ومحاسبون مصريون يقيمون في العراق وفي كردستان”.
ويضيف محمد: “أسكن في غرفة داخلها حمام بفندق شعبي قرب منطقة سوق القلعة، مع 3 شباب سوريين، وذلك كي نخفف من عبء الايجار عن بعضنا، حيث يدفع واحدنا شهريا مبلغ 75 ألف دينار عراقي وهو ما يعادل 50 دولار أميركي”.
المواطن المصري أحمد العيسوي البالغ 37 عاما يعمل مقاولا في مدينة النجف وهو مقيم في العراق منذ العام 2017، يقول في حوار مع :”نحن بشكل عام مرتاحون هنا، لكن الغربة صعبة رغم كون العراق بلد عربي وشقيق لمصر، وبطبيعة الحال فدافع تحسين أوضاعنا المادية هو السبب في تركنا لبلدنا والعمل في العراق، ويعمل معنا العديد من العمال والحرفيين المصريين في مجالات النجارة والحدادة والتبليط، وغيرها من مهن واختصاصات متعلقة بعملنا في مجال المقاولات والأعمار.
ويضيف العيسوي :”لكن النسبة الأكبر من المواطنين المصريين يقيمون ويعملون في العاصمة بغداد وريفها، وهم ينتشرون في المدن والمحافظات الأخرى بطبيعة الحال، والكثيرون منهم يعملون في مجالنا الخاص بالانشاءات، كما يعملون في المزارع والحقول والاستراحات”.