تواجه حاليا معظم السفن الإنسانية التي تديرها منظمات غير حكومية قرارات حظر أصدرتها السلطات الإيطالية بحقها، ومنعتها من العودة إلى منطقة البحث والإنقاذ في البحر المتوسط لنجدة المهاجرين. وتعود آخر تلك القرارات ليوم الجمعة الماضي، بعد أن احتجزت السلطات سفينة “سي آي 4” التي كانت أنقذت أكثر من 400 مهاجر الشهر الماضي.
قرارات حظر متوالية أصدرتها السلطات الإيطالية على مدى الأشهر الماضية، تمنع معظم السفن الإنسانية من مزاولة أنشطتها في وسط البحر المتوسط لإنقاذ المهاجرين الذين غالبا ما ينطلقون من السواحل الليبية على متن قوارب متهالكة ومكتظة بهدف بلوغ القارة الأوروبية.
القرار الأخير يتعلق بسفينة “سي آي4” التابعة لمنظمة ألمانية غير حكومية تحمل الاسم نفسه، وأعلنت السلطات الإيطالية الجمعة 4 حزيران/يونيو عن احتجازها لأسباب إدارية.
وقال خفر السواحل الإيطالي في بيان يوم السبت 5 حزيران/يونيو، “كشف التفتيش عن مخالفات مختلفة ذات طبيعة فنية من المحتمل أن تعرض للخطر ليس فقط سلامة أفراد الطاقم ولكن أيضا سلامة الأشخاص” الذين تنقذهم السفينة.
ومن تلك المخالفات أن معدات إنقاذ السفينة تكفي لـ27 شخصا كحد أقصى، ما يعني أنه “في حالة الطوارئ لن يكون الطاقم قادرا” على ضمان إخلاء جميع الأشخاص. وأكدت السلطات أن السفينة تعرضت لـ”تجميد إداري حتى تصحيح المخالفات”.
القبطان “نفذ واجب الإنقاذ البحري بطريقة مثالية”
شجبت المنظمة غير الحكومية الألمانية قرار السلطات الإيطالية، وأعربت عن أسفها قائلة “كما هو الحال مع سفن الإنقاذ المدنية الأخرى، يتم الآن التذرع بالأسباب الفنية نفسها لإنهاء مهام سي آي 4”.
في أول مهمة لها، كانت السفينة أنقذت، في عمليات مختلفة بين الجمعة والأحد 16 أيار/مايو، 415 مهاجرا بينهم 150 طفلا، قبالة السواحل الليبية. وتشدد المنظمات غير الحكومية على أهمية عمل السفن الإنسانية لإنقاذ حياة الفارين من العنف ومناطق النزاع، وتستنكر سياسة “الحدود المغلقة” التي تتبعها الدول الأوروبية.
وشرحت المنظمة في بيان أن تقرير خفر السواحل الإيطالي جاء فيه أن “العدد الكبير” من الأشخاص الذين تم إنقاذهم، “والذي يتجاوز العدد المسموح به في التصريح الرسمي، يشكل خطرا جسيما على السفينة وطاقمها”. في المجموع، ذكر المفتشون 10 أسباب للاحتجاز، لكن “ما يبدو غريبا بشكل خاص هو القول أن قبطان سي آي 4 انتهك المادة 98 من اتفاقية قانون البحار من خلال إنقاذ الكثير من الأشخاص”، رغم أن المادة 98 تنص أيضا على وجوب تنفيذ عمليات الإنقاذ في البحر.
ويؤكد رئيس المنظمة المالكة للسفينة جوردن ايسلر، أن القبطان “نفذ واجب الإنقاذ البحري بطريقة مثالية. وشهد حالات استغاثة في البحر ونفذ عملية إنقاذ آمنة. ويمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تتعلم من ذلك”.
5 سفن محتجزة بسبب قرارات السلطات الإيطالية
إضافة إلى سفينة “سي آي4″، هناك 4 سفن أخرى محتجزة بسبب قرارات الحكومة الإيطالية.
ويستنكر مؤسس منظمة “بروأكتيفيا أوبن آرمز” الصعوبات التي تواجه السفن الإنسانية بسبب القرارات الإيطالية، ويقول في تغريدة “إنهم يعملون ضد القانون البحري الدولي، بينما يكسبون الوقت ويعاقبوننا ماليا. ما لا يعرفونه هو أن هناك ملايين الأشخاص الذين سيستمرون في دعمنا”.
وفي نهاية آذار/مارس الماضي، كانت السفينة أنقذت أكثر من 200 مهاجر، بينهم نساء وقصّر، وأنزلتهم في ميناء بوزالو في صقلية. إلا أنها تلقت أيضا قرارا يمنعها من العودة إلى المتوسط وإنقاذ المهاجرين بسبب مشاكل إدارية.
ونشرت السفينة تغريدة تستنكر فيها الوضع قائلة “منذ 8 أسابيع، حظرت السلطات الإيطالية سفينة “أوبن آرمز في ميناء بوزالو، بدعوى إدارية سخيفة. فيما يستمر موت الناس في البحر المتوسط”.
وبين نهاية نيسان/أبريل وأيار/مايو الماضي، كانت سفينة “سي ووتش 4” نفذت ست عمليات إنقاذ مختلفة، وأنزلت 455 مهاجرا في ميناء صقلية. إلا أنها وبعد إمضاء طاقمها لفترة الحجر الصحي لمدة 14 يوما، قررت السلطات الإيطالية احتجازها في ميناء تراباني.
وتساءلت في تغريدة “متى يمكننا بدء مهمة الإنقاذ التالية؟”، منددة بـ”تجريم” الحكومات الأوروبية لعمل المنظمات المدنية وشددت على أهمية العودة إلى البحر المتوسط “حتى لا يغرق الأشخاص الباحثون عن الأمان”.
آلان كردي وسي ووتش 3 تعرضوا أيضا لقرارات مشابهة، وترسو السفينتان حاليا في مينائهما الرئيسي في إسبانيا بناء على قرار السلطات الإيطالية. وتجري السفينتان أعمال تصليح أملا بالعودة إلى المتوسط.
وبعد أن بقيت سفينة “سي ووتش 3” محتجزة في ميناء صقلية لمدة 59 يوما، تمكنت أخيرا من العودة إلى مينائها الأصلي في إسبانيا لإجراء بعض الإصلاحات التي فرضتها البحرية الإيطالية.
سفينة واحدة قبالة ليبيا
أما بالنسبة إلى سفينتي “آيتا ماري” و”أوشن فايكنغ”، بعد تنفيذهما عمليات إنقاذ أخيرا في المتوسط، عادتا إلى مينائهما لإجراء بعض التصليحات والتحضير للمهمات القادمة.
وتبحر حاليا قبالة السواحل الليبية، سفينة جديدة في أول مهمة لها تديرها منظمة “أطباء بلا حدود” وتحمل اسم ” جيو بارنتس ” (Geo Barents).