لم يحضر الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون المؤتمر السابع الأخير للاتحاد الاشتراكي للمرأة الكورية، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية، إلا أن النساء استوعبن النصيحة التي أزجاها لهن في القاعة، حيث نصحهن، بل أمرهن، في خطاب قرأه مسؤول كوري شمالي رفيع، بأنه يجب عليهن ارتداء الملابس التقليدية التي «تجعل جميع جوانب الحياة مليئة بنكهتنا وذوقنا وعواطفنا الوطنية».
وفي الحال خرجت النساء وارتدين فساتين ذات ألوان زاهية وأقنعة وجه زرقاء.
وأمرهن كيم أيضاً إنه يتعين عليهن ترديد الأغاني الوطنية في مواقع البناء، وكتابة رسائل تشجيعية للجنود الذكور. ولم يترك أمامهن في هذه الدولة الشمولية سوى القليل من الخيارات. وقبل كل شيء، أمر كيم النساء حماية أطفالهن من «الأيديولوجيا والثقافة وأنماط الحياة الغريبة».
وقال إن الأشياء التي يعتبرنها بسيطة مثل الملابس وأساليب التحدث غير العادية ظلت، في الواقع، «ورم خبيث يهدد حياة ومستقبل أحفادنا»، وفقًا لصحيفة نورث كوريا نيوز، أحدى المنافذ الإعلامية في سيول.
وكانت تعليقات كيم هي الأحدث ضمن سلسلة من الانتقادات الموجهة من بيونغ يانغ ضد النفوذ الأجنبي، والتي تعتبرها هذه الدولة المعزولة تهديدا خطيرا لكيانها، فعلى مدار سنوات، تدفقت أقراص فلاش مليئة بأفلام هوليوود واغاني البوب إلى كوريا الشمالية عبر البالونات ومهربي البشر وحتى طائرات الهليكوبتر.
وضاعفت كوريا الشمالية مؤخرًا العقوبة القصوى لحيازة مثل هذه المواد المهربة إلى 15 عامًا من الأشغال الشاقة، ونجحت في الضغط على كوريا الجنوبية لحظر إرسال أقراص فلاش أو منشورات أو أموال عبر الحدود.
ولكن بعد إغلاق حدودها بالكامل العام الماضي لمنع انتشار فيروس كورونا، تواجه البلاد الآن نقصًا حادًا في الغذاء لدرجة أن كيم اعترف علنًا الأسبوع الماضي بأن الوضع «متوتر» للغاية.
ومع تصاعد القضايا الداخلية، فليس من المستغرب أن يحذر كيم مرة أخرى من النفوذ الأجنبي، كما قال المتخصص في شؤون كوريا الشمالية، روديغر فرانك.
وكتب فرانك، الأستاذ في جامعة فيينا، في رسالة بالبريد الإلكتروني مرسلة لصحيفة واشنطن بوست، إن«كوريا الشمالية في خضم أزمة اقتصادية، وهذه الاستراتيجية التي يتبناها كيم جونغ أون للتعامل مع الأزمة هي توجه داخلي وتقوية لدور الدولة» ويضيف «القمع على الجبهة الأيديولوجية هو النتيجة المنطقية».
ويقول فرانك إنه رأى قوة الثقافة الشعبية خلال سنوات مراهقته في ألمانيا الشرقية في الثمانينيات. وكذلك الحال مع والد الزعيم الكوري الشمالي الحالي، كيم جونغ إيل، الذي حذر قبل ربع قرن من دور الثقافة الشعبية في انهيار الكتلة السوفيتية، ويقول فرانك أيضاً إن ابنه تعلم الدرس نفسه.
وكتب «الآن، تجعل التقنيات الجديدة مثل الوسائط الرقمية والأجهزة المحمولة وما إلى ذلك من الصعب بشكل متزايد عزل السكان عن الثقافة الكورية الجنوبية» ويضيف «تصريحات كيم جونغ أون هي تأكيد على أن شباب كوريا الشمالية يخضعون لتأثير كبير من هذا النوع من الثقافة الأجنبية.»
ويسعى كيم أحيانًا إلى تصوير نفسه على أنه مصلح ثقافي وقام ببعض الخطوات الرمزية بشأن قضايا النوع الاجتماعي. فقد أرسل الزعيم الاستبدادي أخته، كيم يو جونغ إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018، وهي الرحلة التي جعلت جونغ هي الأولى في عائلة كيم التي تزور كوريا الجنوبية منذ عام 1950.
وتظهر زوجته، ري سول جو، بشكل منتظم في الأماكن العامة، على عكس أسلافها، بل تسير في بعض الأحيان جنبًا إلى جنب مع زوجها – «في استعراض عام للعاطفة والمساواة الاجتماعية»، وفقًا لمراسلة واشنطن بوس السابقة في كوريا الشمالية، آنا فيفيلد.
وذكرت فيفيلد في كتابها عن كيم: «في بلد ارتدت فيه زوجات كبار الكوادر الملابس الاشتراكية التي لا شكل لها والتي جعلت الجميع على قدم المساواة، كانت ري شخصية حديثة بشكل لافت للنظر».