ضمن تشديدات الدولة الفرنسية في ملف مكافحة الإرهاب، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان، في تدبير «غير مسبوق»، أن الحكومة طلبت من مكتب «الأوفبرا» سحب إقامات اللجوء لـ147 شخصا لديهم توجهات مرتبطة بالتطرف، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.
طالب وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان بسحب صفة اللجوء من 147 شخصا من المتطرفين، يشتبه بارتكابهم أعمال تخل بالنظام العام.
وأوضح دارمانان أمس الخميس 6 أيار/مايو، خلال مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، أن الحكومة طلبت من مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا) إلغاء تصاريح إقامة اللجوء «لأولئك الذين يعارضون قيم الجمهورية».
وأكدت وزارة الداخلية لوكالة الأنباء الفرنسية أنها «ركزت بشكل خاص على إسقاط الحماية عن أولئك الذين ارتكبوا أفعالا جديرة بالاستنكار، سواء كانت مرتبطة بالتطرف أو بالنظام العام».
وشددت الوزارة على أنها لن تتحلّ «بالمرونة بشأن مسائل النظام العام»، مؤكدة على ترحيل كل شخص يظهر في قائمة المراقبة الحكومية والتقارير المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
وتواجه إشكالية ترحيل المهاجرين المسجلين على القائمة «إس» في فرنسا بعض الصعوبات على أرض الواقع، خاصة في حال رفض البلد الأصلي الاعتراف برعاياه المتهمين بالإرهاب خارج أراضيه، وبالتالي رفض استقبالهم.
وحددت الوزارة قائمة ضمت 231 شخصا تم وضعهم في مراكز الاحتجاز قبل ترحيلهم إلى بلادهم، لكنها أشارت أيضا إلى صعوبة تنفيذ عمليات الترحيل في ظل إجراءات إغلاق الحدود المرتبطة بجائحة كورونا.
مواقف حكومية صارمة
وذكر دارمانان خلال لقائه صحيفة «لوفيغارو»، أن حوالي ألف أجنبي متواجد بشكل غير شرعي على الأراضي الفرنسية، يظهرون في التقارير المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
لكن الرقم الأكبر الذي أعلن عنه الوزير هو وجود 4 آلاف أجنبي يقيمون على الأراضي الفرنسية بشكل قانوني، ولديهم توجهات متطرفة، بينهم 25% من الجزائريين و20% من المغاربة و15% من التونسيين و12% من الروس.
وطالب بسحب تصاريح الإقامة من هؤلاء الأشخاص، مشيرا إلى أنه تم بالفعل إلغاء إقامة 200 شخص خلال الأشهر الستة الماضية ، «وهو رقم قياسي»، على حد قوله.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، كان دارمانان قد طلب من مسؤولي الشرطة المحليين إصدار أوامر بطرد 231 أجنبيا للاشتباه في تبنيهم فكرا دينيا متطرفا، إثر قيام لاجئ روسي متطرف من أصل شيشاني بقطع رأس أحد المعلمين بالضاحية الغربية للعاصمة الفرنسية باريس. وكان أستاذ التاريخ صامويل باتي قد عرض على تلاميذه صور كاريكاتير للنبي محمد خلال حصة مدرسية عن حرية التعبير.
ويتعرض الرئيس إيمانويل ماكرون للضغط من الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الأجانب الذين يشتبه بارتكابهم جرائم تهدد الأمن العام، أو أولئك الذين يتبنون فكرا إسلاميا متطرفا.
سحب إقامات اللجوء ليس ضمن صلاحيات وزارة الداخلية
التصريحات الأخيرة للوزير الفرنسي أثارت ردود فعل الناشطين والمنظمات التي تدعم حقوق اللاجئين.
وأشار القانوني بول شيرون، العضو في جمعية «لاسيماد» التي تدعم اللاجئين، إلى أن وزارة الداخلية لا يحق لها اتخاذ قرارات بسحب إقامات لجوء لأن ذلك ليس من ضمن صلاحياتها.
وقال شيرون «الوزارة لا تملك هذه الصلاحية، فقط الأوفبرا (مكتب حماية اللاجئين) هو من يستطيع ذلك». مشيرا إلى أنه يمكن سحب «وضعية» اللجوء من شخص ما، لكن لا يمكن إلغاء «صفة» اللاجئ عنه، معتبرا أن «عمليات الطرد هذه غير قانونية وتنتهك حقوق الإنسان وأثمن قيمنا».
ووفقا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين، يُعرّف اللاجئ على أنه كل شخص ”يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لفئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية».