تلقت البعثة الروسية الأوروبية “ExoMars – TGO” أول معلومات دقيقة عن التركيب النظائري لبخار الماء في الغلاف الجوي للمريخ، وبفضل ذلك سيكون من الممكن معرفة تاريخ تبخر ماء المريخ إلى الفضاء، وتم نشر الدراسة بهذا الشأن في مجلة Nature Astronomy العلمية.
ووفقا لما ذكره موقع “RT”، جاء في مقال نشرته المجلة:” تدل معلوماتنا على أنه في أغلب الأحيان تتحلل جزيئات الماء العادي والثقيل في الغلاف الجوي للمريخ وتتبخر إلى الفضاء في الوقت الذي يقترب فيه الكوكب من الشمس إلى أقرب مسافة ممكنة، ولا يحدث ذلك عندما يكون المريخ في أقصى مسافة من الشمس”.
وأظهرت الدراسات الحديثة أن الأنهار والبحيرات ومحيطات الماء العذب القديمة كانت موجودة في الماضي البعيد على سطح المريخ، وفيها كمية المياه نفسها، كما هو الحال في المحيط المتجمد الشمالي للأرض، ولم يستطع العلماء حتى الآن معرفة أين اختفى هذا الماء ومتى ظهر على سطح المريخ.
ويمكن معرفة ذلك بعد تحديد نسبة بين الديوتيريوم والهيدروجين في جزيئات الماء بالغلاف الجوي للمريخ، وتُظهر تلك النسبة كم من الماء فقده المريخ منذ نشوئه.
جدير بالذكر أن الديوتيريوم يهرب بطيئا أثناء انقسام جزيئات الماء من الغلاف الجوي للكوكب، مما يؤدي إلى زيادة حصته مع تبخر محيطات الكوكب إلى الفضاء، لا يستبعد العلماء أن عوامل أخرى قد تؤثر على دوران الديوتيريوم، وأنها يمكن أن تشوه إلى حد بعيد تقييمات احتياطيات المياه الأولية للمريخ.
وانطلاقا من المبدأ المذكور فإن فريقا من علماء الكواكب بإدارة، بخوان ألداي، من جامعة أكسفورد رصدوا خلال عام مريخي واحد كيف تغيرت نسبة أبخرة الماء العادي والثقيل في طبقات مختلفة من الغلاف الجوي للكوكب، وبناء على هذه المعلومات والنماذج الحاسوبية الخاصة بمناخ المريخ، حدد علماء الفلك كيفية تذبذب حصتي الديوتيريوم والهيدروجين في الغلاف الجوي في مواسم مختلفة، واكتشفوا أيضا متى دخلت جزيئات الماء تلك المناطق من الغلاف الجوي من حيث يمكن أن تصل الفضاء.
وأشارت معلوماتهم إلى أن نسبة الديوتيريوم في جزيئات الماء في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي للمريخ كانت أعلى بنحو 4.9 مرة منها في جو الأرض. ويؤكد ذلك أن المريخ فقد كميات هائلة من الرطوبة طوال فترة وجوده.
وبالإضافة إلى ذلك، اكتشف العلماء أن معدل اختفاء جزيئات الماء من الغلاف الجوي للمريخ يعتمد أساسا على موقع الكوكب في المدار، وعندما كان الكوكب قريبا من الشمس وصل المعدل قيمته القصوى، ثم بدأ ينخفض إلى الصفر تقريبا في أوقات أخرى من العام.
ويأمل الباحثون أن تساعد الأرصاد الإضافية لسلوك بخار الماء باستخدام أجهزة بعثة “إكزومارس” في معرفة تفاصيل جديدة لعملية هروبه من الغلاف الجوي للمريخ، ما يتيح بدوره فرصة لمعرفة مظهر الكوكب الأحمر في الماضي البعيد.