بخطى ثابتة تستكمل وزارة السياحة والآثار المصرية عمليات نقل مراكب الشمس التابعة للملك خوفو من منطقة الأهرامات الثلاثة بالجيزة إلى موضعها الجديد بالمتحف المصري الكبير وسط استعدادات خاصة وخطة دقيقة لإتمام التجربة بنجاح.
ومنذ أيام جرى تنفيذ اختبار كفاءة للعربة الذكية التي جاءت من بلجيكا إلى مصر خصيصا لنقل مركب خوفو الأول- أقدم مركب في العالم يحتفظ بحالته الجيدة- للتأكد من قدرتها على تحمل الأوزان الثقيلة والسير على المحاور المختلفة للطرق والتعامل مع المنحنيات ومتانة الهيكل المعدني الواقي المثبت بها، لكنها ليست الخطوة الأخيرة.
تجربة جديدة
ويتحدث اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف المصري الكبير قائلا: “بعد نجاح الاختبار الأولى لمحاكاة نقل مركب خوفو سنقوم بتنفيذ تجربة جديدة للوقوف على كافة التفاصيل قبل التحرك الفعلي بفترة كافية”.
ويضيف مفتاح “نعمل الآن على الانتهاء من بعض التجهيزات الهندسية والإجراءات الخاصة بالطرق لضمان وصول المركب إلى المتحف الكبير بصورة آمنة وعدم تعرضه لأي أزمات”.
وأعلن المشرف العام على المتحف المصري الكبير في بيان رسمي عن فصل المركب بعيدا عن مبنى متحف خوفو بمنطقة الأهرامات تمهيدا لعملية النقل النهائية التي سيتم الإفصاح عنها فور اختيار الموعد المناسب لتلك الخطوة.
الاكتشاف الكبير
كان الأثري كمال الملاخ قد عثر عام 1954 على حفرتين في الجهة الجنوبية للهرم الكبير بداخلهما مراكب الملك خوفو والتي أُطلق عليها مراكب الشمس، ويعتقد أنها صُنعت ليستخدمها الملك في رحلته بسماء الدنيا والعالم الآخر أو نقل جثمانه من ضفة النيل الشرقية إلى الغربية، وفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية.
وعلى مدار سنوات عكف الملاخ رفقة المُرمم أحمد يوسف على إعادة تجميع المركب الأول المكون من 6500 جزء بحسب الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير، وفي عام 1982 ظهر للمرة الأول أمام الجمهور داخل متحف بمنطقة الأهرامات بعد مكوثه في أعماق الأرض لنحو 5000 سنة،
ويتابع زيدان “رغم التخطيط لنقل المركب كقطعة واحدة لكننا قمنا بفك الأجزاء الصغيرة وانهمك مجموعة من المتخصصين في تغليفها بعناية قبل حملها إلى مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير، وفي انتظار إعادتها إلى وضعها الطبيعي قريبا”.
ويؤكد زيدان على إجراء العديد من الدراسات العلمية والأثرية لنقل مركب خوفو الأول كاملا بدون تفكيكه من أجل عرضه بجانب المركب الثاني الذي خضع أيضا للترميم من قِبل فريق مصري ياباني يملك مستوى عالي من الكفاءة استعدادا لتركيبه في المتحف المصري الكبير.
مركب خوفو الثاني
التعاون بين مصر واليابان في مشروع مركب خوفو الثاني انطلق عام 1992 بهدف استخراج أخشاب المركب بدون تعرضها للتلف والعمل على تقويتها وترميمها وتجميعها حتى تصبح جاهزة للعرض، بالإضافة إلى التوثيق اللازم لجميع الأجزاء والطبقات التي عُثر عليها بالحفرة.
ويذكر المشرف على ترميم مركب خوفو الثاني “اكتشفنا 1700 قطعة خشبية داخل الحفرة، وتمت عمليات تقوية وتدعيم للأجزاء المتدهورة واستخدام ورق (التشيو) الياباني في تغليفها جيدا بأفضل معدلات الأمان، ثم ترميم 1560 قطعة واستخدام التصوير ثلاثي الأبعاد لجمع المركب على الأجهزة الحديثة قبل الواقع”.
ويشير زيدان إلى نقل نحو 1242 قطعة خشبية حتى الآن من مركب خوفو الثاني إلى مخازن المتحف المصري الكبير مؤكدا على اقتراب العمل في المرحلة الثانية من عمليات الترميم وتجميع المركب حيث يعكف عالم الآثار الياباني ساكوجي يوشيمورا مع الفريق المصري على إعداد خطة محكمة ودراسة الحامل الخاص بأخشاب المركب.
ويسترسل زيدان “قد يستغرق تجميع المركب الثاني سنوات لكنه لن يغيب عن الجمهور حيث يمكنهم مشاهدة عمليات تركيبه عقب زيارة مركب خوفو الأول في المكان المخصص لهما بالمتحف المصري الكبير مع الإطلاع على معلومات وافية عن مراكب الشمس”.
وعن تواجد مراكب الشمس داخل المتحف المصري الكبير يقول الدكتور مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار “خطوة هامة للغاية، نثمن دور المسؤولين عن المتحف المصري الكبير، المكان الجديد أفضل من المتحف السابق، حيث سيتيح عرض المراكب بصورة أفضل في مساحة كبيرة ودرجة حرارة مناسبة”.
ويضيف عثمان “سيتم توفير مادة فيلمية كاملة عن تاريخ مراكب خوفو، كيفية العثور على القطع الخشبية وطرق الترميم القديمة والحديثة وعمليات التركيب، وهي فرصة ليتعرف الزوار على تلك المعلومات بطريقة جذابة”.
ويختتم رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار حديثه قائلا: “بعد استكمال نقل المركب الأول والثاني سنعمل على تأهيل الحفرتين ومنطقة الاكتشاف لإتاحة زيارتهم أمام الجمهور المصري والأجنبي”.