الرئيسيةمنوعات عالميةالسويد.. وكالات تبني تتعاقد مع حوامل بحثا عن "منتجات" بشرية

السويد.. وكالات تبني تتعاقد مع حوامل بحثا عن “منتجات” بشرية

تعد‭ ‬السويد‭ ‬الدولة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نسبة‭ ‬التبني‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬حيث‭ ‬انتشر‭ ‬مبدأ‭ ‬التبني‭ ‬فيها‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود،‭ ‬خصوصاً‭ ‬التبني‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬كشرق‭ ‬آسيا‭ ‬وأميركا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ولكن‭ ‬ظهرت‭ ‬فضائح‭ ‬صادمة‭ ‬في‭ ‬السنتين‭ ‬الأخيرتين‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬التبني‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬الجنوبية‭ ‬متعاقدة‭ ‬مع‭ ‬عصابات‭ ‬وتنظيمات‭ ‬تخطف‭ ‬الأطفال،‭ ‬ثم‭ ‬يقدمون‭ ‬الأطفال‭ ‬للسويديين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أطفال‭ ‬عرضوهم‭ ‬أهاليهم‭ ‬للتبني‭.‬

وعرض‭ ‬الإعلام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬لأشخاص‭ ‬أصحبوا‭ ‬في‭ ‬الأربعينات‭ ‬من‭ ‬عمرهم‭ ‬يتعرفون‭ ‬على‭ ‬أهاليهم‭ ‬الأصليين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يعرفون‭ ‬شيئاً‭ ‬عنهم،‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬ماتوا‭ ‬وهم‭ ‬صغار‭.‬

ما‭ ‬حصل‭ ‬شجّع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬للبحث‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬التبني‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬ليقودهم‭ ‬البحث‭ ‬والتحري‭ ‬إلى‭ ‬فضيحة‭ ‬أخرى،‭ ‬تتعلق‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بكوريا‭ ‬الجنوبية‭. ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭: ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬لأولاد‭ ‬التبني‭ ‬للسويد

تعد‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬المصدر‭ ‬الأول‭ ‬للتبني‭ ‬عند‭ ‬السويديين،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬التبني‭ ‬منها‭ ‬منذ‭ ‬الستينات،‭ ‬وكانت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬دولة‭ ‬فقيرة‭ ‬حينها،‭ ‬وحتى‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬وتغير‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬لتصبح‭ ‬دولة‭ ‬غنية‭ ‬فإن‭ ‬التبني‭ ‬منها‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمراً‭.‬

الدافع‭ ‬الأساسي‭ ‬للتبني‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وليست‭ ‬الحالة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬زواج‭ ‬مرفوضة‭ ‬اجتماعياً،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستدخل‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬شديدة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬مولود،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬تبرؤ‭ ‬الأهل‭ ‬منها،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بمقاطعة‭ ‬الجميع‭ ‬لها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فصلها‭ ‬من‭ ‬عملها‭.‬

جهة‭ ‬إرشاد‭ ‬غير‭ ‬محايدة‭.. ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬التبني

أول‭ ‬اكتشاف‭ ‬لوجود‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التبني‭ ‬كان‭ ‬طريق‭ ‬موظف‭ ‬حكومي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬الوكالة‭ ‬السويدية‭ ‬لقانون‭ ‬الأسرة‭ ‬ودعم‭ ‬العائلة،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬تحرياته‭ ‬قبل‭ ‬عامين،‭ ‬ووجد‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يشكك‭ ‬في‭ ‬قانونية‭ ‬عملية‭ ‬التبني‭ ‬ومدى‭ ‬تطابقها‭ ‬مع‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬السويد‭ ‬ومع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وقد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬التبني‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬السويدية‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬قائلاً‭ ‬‮«‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬إشكاليات‭ ‬عمليات‭ ‬التبني‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الأوراق‭ ‬المزورة‭ ‬وتغيير‭ ‬هويات‭ ‬الأطفال‮»‬،‭ ‬و‭ ‬‮«‬يحصل‭ ‬أحينا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تسجيل‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬طفل‭ ‬مجهول‭ ‬الهوية‭ ‬تم‭ ‬العثور‭ ‬عليه،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‮»‬‭.‬

التحقيق‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬المسؤول‭ ‬الحكومي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬التبني‭ ‬كانت‭ ‬مشبوهة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عقود،‭ ‬ففي‭ ‬السبعينات‭ ‬مثلاً‭ ‬كانت‭ ‬الشرطة‭ ‬تعثر‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬التائهين‭ ‬عن‭ ‬أهاليهم،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أهاليهم‭ ‬كانت‭ ‬تسلمهم‭ ‬لمراكز‭ ‬التبني،‭ ‬وفي‭ ‬الثمانينات‭ ‬والتسعينات‭ ‬كان‭ ‬شائعاً‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬بأخذ‭ ‬الطفل‭ ‬رغماً‭ ‬عن‭ ‬أمه‭ ‬وتسليمه‭ ‬لمراكز‭ ‬التبني‭ ‬لدواعي‭ ‬‮«‬الشرف‮»‬‭.‬

والآن‭ ‬يخالف‭ ‬نظام‭ ‬التبني‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬والتي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬السويد‭ ‬كقانون‭ ‬داخلي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كوريا‭ ‬وعدت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬لاهاي‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل‭ ‬والتي‭ ‬تضمن‭ ‬عودة‭ ‬الأطفال‭ ‬المختطفين‭ ‬إلى‭ ‬أهاليهم،‭ ‬ولكنها‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تؤجل‭ ‬التوقيع،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬التوقيع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

من‭ ‬أبرز‭ ‬وأهم‭ ‬النقاط‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬انتقدها‭ ‬المحقق‭ ‬موضوع‭ ‬ضرورة‭ ‬توفير‭ ‬جهة‭ ‬إرشاد‭ ‬وتوجيه‭ ‬للحامل‭ ‬قبل‭ ‬توقيعها‭ ‬لأي‭ ‬اتفاقية‭ ‬تبني،‭ ‬وقامت‭ ‬كوريا‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ذلك‭ ‬ولكن‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مقبولة،‭ ‬حيث‭ ‬أوكلت‭ ‬لشركات‭ ‬التبني‭ ‬توفير‭ ‬هذا‭ ‬النصح‭ ‬للأمهات‭ ‬والحوامل،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬تعارض‭ ‬مصالح‭ ‬واضح،‭ ‬ونتيجته‭ ‬كانت‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متوقع،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النصح‭ ‬والإرشاد‭ ‬للحوامل‭ ‬والأمهات‭ ‬بمنح‭ ‬أطفالهم‭ ‬للتبني،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬أفضل‭ ‬لهم،‭ ‬والضغط‭ ‬عليهم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وغير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭.‬

قصة‭ ‬‮«‬تشوي‮»‬‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬ابنها

قامت‭ ‬جريدة‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم‭ ‬السويدية‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬مررن‭ ‬بتجربة‭ ‬التبني،‭ ‬الذين‭ ‬رووا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬المزعجة‭ ‬خلال‭ ‬رحلتهم‭ ‬مع‭ ‬الحمل‭ ‬والتبني‭.‬

من‭ ‬ذلك‭ ‬قصة‭ ‬Choi Hyumgsook،‭ ‬والتي‭ ‬حدثت‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬كان‭ ‬عمرها‭ ‬35‭ ‬عاماً‭ ‬حينها،‭ ‬لديها‭ ‬صديق‭ ‬انفصلت‭ ‬عنه،‭ ‬لتكتشف‭ ‬أنها‭ ‬حامل‭ ‬منه،‭ ‬قررت‭ ‬تشوي‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الحمل‭ ‬والمولود،‭ ‬ولكن‭ ‬أصدقاءها‭ ‬قالوا‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬مجنونة،‭ ‬وكانت‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬والديها‭ ‬لن‭ ‬يتقبلا‭ ‬فكرة‭ ‬حملها‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬زواج،‭ ‬وأنهما‭ ‬قد‭ ‬يتبرءا‭ ‬منها،‭ ‬وسيرفضها‭ ‬المجتمع‭ ‬الكوري‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬الشرف‭.‬

تحت‭ ‬ضغط‭ ‬صديقتها‭ ‬ذهبت‭ ‬تشوي‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬مراكز‭ ‬الإيواء‭ ‬للفتيات‭ ‬مثلها‭ ‬اللاتي‭ ‬حملن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬زواج،‭ ‬تديره‭ ‬كنيسة،‭ ‬حينما‭ ‬قابلتهم‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬شيء‭ ‬سألوه‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬ستمنح‭ ‬طفلها‭ ‬المرتقب‭ ‬للتبني،‭ ‬وقالوا‭ ‬إنهم‭ ‬يقبلون‭ ‬عندهم‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الإيواء‭ ‬فقط‭ ‬الحوامل‭ ‬اللاتي‭ ‬يوافقن‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬مواليدهن‭ ‬للتبني،‭ ‬قالت‭ ‬لهم‭ ‬تشوي‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تقرر‭ ‬بعد،‭ ‬سمحوا‭ ‬لها‭ ‬بالدخول‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬شهرها‭ ‬السابع‭.‬

تقول‭ ‬تشوي‭ ‬إنها‭ ‬خلال‭ ‬إقامتها‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الإيواء‭ ‬كان‭ ‬الجميع‭ ‬يكرر‭ ‬عليها‭ ‬أمرين‭: ‬فكري‭ ‬بطفلك‭ ‬ومستقبله،‭ ‬سيكون‭ ‬مستقبله‭ ‬صعب‭ ‬إن‭ ‬احتفظتِ‭ ‬به،‭ ‬وفكري‭ ‬بنفسك‭ ‬كأم‭ ‬غير‭ ‬متزوجة‭ ‬وكيف‭ ‬سيرفضك‭ ‬المجتمع‭ ‬ويحاربك‭.‬

وقام‭ ‬مركز‭ ‬الإيواء‭ ‬بإحضار‭ ‬ثلاث‭ ‬شركات‭ ‬تبني‭ ‬لإسداء‭ ‬النصح‭ ‬لتشوي،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬جلسة‭ ‬مدتها‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهم،‭ ‬الغريب‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬الإرشاد‭ ‬لم‭ ‬يركزوا‭ ‬على‭ ‬تشوي‭ ‬وإرشادها‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬والخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬أمامها،‭ ‬بل‭ ‬أغلب‭ ‬أسئلتهم‭ ‬كانت‭ ‬تتعلق‭ ‬بالطفل‭ ‬المرتقب،‭ ‬سألوها‭ ‬عن‭ ‬أصلها‭ ‬وعائلتها‭ ‬وعائلة‭ ‬أبو‭ ‬الطفل‭ ‬والبيئة‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬فيها‭ ‬الأم‭ ‬وتغذيتها،‭ ‬وكان‭ ‬جواب‭ ‬المرشدة‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭: ‬رائع،‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬لديه‭ ‬جينات‭ ‬جيدة‭.‬

إحدى‭ ‬جهات‭ ‬التبني‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬حضرت‭ ‬لجلسة‭ ‬الإرشاد‭ ‬ومعها‭ ‬مسبقاً‭ ‬أوراق‭ ‬التبني‭ ‬لتوقع‭ ‬عليها‭ ‬تشوي،‭ ‬وكأنها‭ ‬جلسة‭ ‬تبني‭ ‬وليست‭ ‬جلسة‭ ‬إرشاد،‭ ‬ولكن‭ ‬تشوي‭ ‬رفضت‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭.‬

تقول‭ ‬تشوي‭: ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عقد‭ ‬تبني‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬أشبه‭ ‬بعقد‭ ‬الشراء،‭ ‬كانوا‭ ‬مهتمين‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬الطفل‮»‬،‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬ضمانات‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬لأمه‭.‬

المرشدة‭ ‬قالت‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬أشبه‭ ‬بالتهديد‭: ‬أنت‭ ‬تعلمين‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬صعب‭ ‬لامرأة‭ ‬غير‭ ‬متزوجة‭ ‬أن‭ ‬تربي‭ ‬طفلاً‭ ‬بدون‭ ‬وجود‭ ‬أب‭ ‬أو‭ ‬زوج‭.‬

كانت‭ ‬جميع‭ ‬الأمهات‭ ‬الأخريات‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الإيواء‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬أوراق‭ ‬التبني،‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬إلا‭ ‬هي،‭ ‬وتحت‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬قالت‭ ‬تشوي‭ ‬إنها‭ ‬وقعت‭ ‬الأوراق‭ ‬حينما‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬شهرها‭ ‬التاسع،‭ ‬قامت‭ ‬تشوي‭ ‬بتجهيز‭ ‬سلة‭ ‬للمولود،‭ ‬بها‭ ‬ملابس‭ ‬شعبية‭ ‬كورية،‭ ‬ورسالة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أمه‭ ‬تشرح‭ ‬له‭ ‬ظروفها،‭ ‬وكم‭ ‬هي‭ ‬تحبه‭ ‬وتتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬به‭.‬

حينما‭ ‬ولدت‭ ‬تشوي،‭ ‬عانقته‭ ‬أمه،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬حضرت‭ ‬شركة‭ ‬التبني،‭ ‬وأخذت‭ ‬المولود،‭ ‬ولم‭ ‬يأخذوا‭ ‬السلة‭.‬

خرجت‭ ‬تشوي‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني،‭ ‬ولكنها‭ ‬تعلقت‭ ‬كثيراً‭ ‬بمولودها،‭ ‬ثم‭ ‬قامت‭ ‬بالاتصال‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬التبني،‭ ‬وأبلغتهم‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬ابنها،‭ ‬انزعجوا‭ ‬منها‭ ‬وقالوا‭ ‬إنها‭ ‬لخبطت‭ ‬بذلك‭ ‬عليهم‭ ‬الأوراق،‭ ‬ولكنها‭ ‬أصرت،‭ ‬ورضخت‭ ‬الجهة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وأخذت‭ ‬تشوي‭ ‬مولودها‭.‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬قررت‭ ‬تشوي‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬ناشطة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬لمساعدة‭ ‬الأمهات‭ ‬الحوامل‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬يجدنه‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬ويأخذن‭ ‬خياراتهن‭ ‬بأنفسهن‭.‬

جريدة‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم‭ ‬قامت‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬عشر‭ ‬نساء‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬وسنوات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬كوريا،‭ ‬وكانت‭ ‬إجاباتهم‭ ‬متشابهة‭: ‬الكل‭ ‬يدفع‭ ‬بهن‭ ‬نحو‭ ‬التبني،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعطي‭ ‬أي‭ ‬نصح‭ ‬أو‭ ‬مشورة‭ ‬لو‭ ‬قررت‭ ‬الأم‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بمولودها‭.‬

منظمة‭ ‬‮«‬كاروت‮»‬‭ ‬لحماية‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬التبني

يعد‭ ‬Kim Do Hyun‭ ‬أشهر‭ ‬ناشط‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬ضد‭ ‬التبني،‭ ‬وكان‭ ‬كيم‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬حينما‭ ‬انتحرت‭ ‬فتاة‭ ‬سويسرية‭ ‬متبناة‭ ‬من‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وقالت‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬كتبتها‭ ‬قبل‭ ‬انتحارها‭: ‬اليوم‭ ‬سأقابل‭ ‬أمي‭ ‬الحقيقية‭. ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬كيم‭ ‬كثيراً،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬بتقديم‭ ‬رسالة‭ ‬الدكتوراة‭ ‬عن‭ ‬التبني‭ ‬والأم‭ ‬البيولوجية،‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬سيئول‭ ‬وأنشأ‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬كاروت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬الأمهات‭ ‬اللاتي‭ ‬حملن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬زوج‭ ‬ويرغبن‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أبنائهن‭ ‬وعدم‭ ‬تسليمهم‭ ‬للتبني‭.‬

قام‭ ‬كيم‭ ‬بمراسلة‭ ‬السفارة‭ ‬السويدية‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬مطالباً‭ ‬إياهم‭ ‬بإيقاف‭ ‬التبني‭ ‬من‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭. ‬يقول‭ ‬بأن‭ ‬مطلبه‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬مطلباً‭ ‬عاطفياً،‭ ‬بل‭ ‬مطلب‭ ‬منطقي‭ ‬عملي،‭ ‬لأن‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬سوق‮»‬‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يشجع‭ ‬جهات‭ ‬التبني‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬على‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يستطيعون‭ ‬لتوفير‭ ‬هذه‭ ‬البضاعة،‭ ‬وأن‭ ‬همّ‭ ‬جهات‭ ‬التبني‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬المواليد،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬أعراف‭ ‬أو‭ ‬تقاليد‭ ‬أو‭ ‬قوانين‭ ‬أو‭ ‬أخلاقيات‭. ‬وأنهم‭ ‬لا‭ ‬يهمهم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الأصلح‭ ‬للطفل‭ ‬ولا‭ ‬للأم‭.‬

يقول‭ ‬كيم‭ ‬أن‭ ‬جهات‭ ‬التبني‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الأطفال‭ ‬الأصحاء‭ ‬الذين‭ ‬يأكلون‭ ‬جيداً،‭ ‬لأنهم‭ ‬ينظرون‭ ‬للعملية‭ ‬كلها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صفقة‭ ‬تجارية‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭.‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬غادروا‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬للتبني‭ ‬منذ‭ ‬الخمسينات‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬يبلغ‭ ‬قرابة‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬طفل

Most Popular

Recent Comments