أقرت السلطات المصرية وجوب إجراء «تحاليل المخدرات» لكافة العاملين بالجهاز الإداري للدولة والمدارس والمستشفيات، بشكل مفاجئ، اعتبارا من 16 يناير 2022، وذلك ضمن استراتيجية حكومية لمحاصرة انتشار تعاطي المخدرات في البلاد.
ويشمل القرار العاملين بالوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وأجهزة المحليات وشركات إدارة مرافق الدولة والشركات التابعة للدولة أو التي تساهم بها الدولة، إضافة لدور الرعاية وأماكن الإيواء للأطفال والمسنين، وملاجئ الأيتام، ودور الإيداع والتأهيل، والحضانات والمدارس والمستشفيات الخاصة.
وقالت مصادر حكومية، إن القرار أصبح واجب النفاذ بعد تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 73 لسنة 2021، مشددة على أن التحليل لن يُجرى بمعرفة «شاغل الوظيفة»، لافتة إلى أنه سيتم من قبل جهات مختصة لم يتم تحديدها بعد، وتصل عقوبته إلى الفصل نهائيا من العمل، ويعد شرطا للترقي.
وتضيف المصادر أن اللائحة التنفيذية للقانون عُرضت على مجلس الوزراء، وسيتم إقرارها خلال 8 أسابيع، وهي التي ستحدد الجهات المختصة بإجراء التحاليل، وكافة الجوانب الإجرائية الأخرى.
وأكد مسؤولون وخبراء في الإدارة والقانون، أن هذه الخطوة من شأنها «تطهير الجهاز الإداري للدولة من ظاهرة تعاطي المخدرات، التي تمثل جانبا سلبيا لا يستقيم مع جهود الدولة لتطوير الجهات والهيئات الحكومية، وفي القلب منها تأهيل وتدريب العنصر البشري».
تحسن الأداء
ويتوقع استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان بجامعة عين شمس، إبراهيم حسين، أن يؤدي القرار الجديد إلى «تحسن أداء الموظفين في مصر، نظرا للآثار السلبية الجسيمة للمواد المخدرة على الصحة النفسية والجسدية».
ويوضح حسين أن «المواد المخدرة تؤثر على الفص الأمامي للمخ، المسؤول عن العمليات الإدراكية والحركة والنشاط، مما يؤخر اتخاذ القرارات، أو يجعل الفرد مترددا في اتخاذها، كما أن المخدرات المتداولة في مصر تسبب اكتئابا وعدم وجود دافع لإنجاز أي شيء، فضلا عن التأثير على الذاكرة والتركيز».
ويستدل استشاري الطب النفسي في حديثه على حوادث القطارات التي وقعت في مصر مؤخرا، وثبت أن المخدرات عنصر مهم في وقوعها، عبر اكتشاف تناول أحد أطراف القضية لها، حيث أنها تسبب مشاكل في تقدير المسافات، وتأخير رد الفعل.
كما يشير إلى أن متعاطي المواد المخدرة يكونون غالبا «أكثر غيابا وأقل في إنتاجية عن أقرانهم، كما أنهم أكثر ميلا للفساد والكذب وانعدام الضمير».
تحليل مجاني
وتوضح المصادر الحكومية أنه لم يتم حتى الآن تحديد الجهة المختصة بإجراء التحاليل، لكن سيشارك فيها من الجهات الحكومية صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، بالتعاون مع الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة والسكان.
وتلفت المصادر إلى أن التحاليل سيتم إجراؤها مجانا بالنسبة لموظفي الدولة.
كما تلفت إلى أن حملات كشف متعاطي المخدرات، أظهرت وسائل خداع من جانب المفحوصين، مثل تناول «حبوب منع الحمل» أو غيرها لتغيير النتيجة إلى «سلبية»، موضحة أن تلك الوسائل أصبحت مكشوفة للقائمين على التحاليل، وسيتم إجراؤه بشكل مفاجئ بالنسبة للموظف.
وشددت على أن امتناع العامل أو الموظف عن إجراء التحليل، سيكون سببا لإنهاء خدمته قانونيا.
وعن بعض الموظفين الذين يتناولون عقاقير علاجية «مخدرة» بغرض الاستخدام الطبي، قالت المصادر إنه سيتم سؤال الموظف عن أي أدوية يتناولها للعلاج، ومطالبته بإحضار وصفات طبية معتمدة لها.
فصل المدمنين
وبموجب القانون، سيتم إجراء «تحليل استدلالي»، عبر الحصول على عينة من العامل وتحليلها بحضوره، وحال ثبوت إيجابية العينة يتم تحريزها، ووقفه عن العمل، لحين إجراء التحليل التوكيدي، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل.
وأتاح القانون للعامل الاحتكام لمصلحة الطب الشرعي لفحص العينية ـ حال التضرر من النتيجة ـ خلال يوم واحد بعد التحليل، وفي حال سلبية النتيجة ترد جهة العمل قيمة ما تحمله الموظف من نفقات سددت لمصلحة الطب الشرعي.
وشدد القانون على إنهاء خدمة العامل المدمن على المخدرات، على أن تحدد حقوقه بعد إنهاء الخدمة القوانين واللوائح والنظم التي تحكم علاقته بجهة عمله، واللائحة التنفيذية لهذا القانون.
إحصاءات رسمية
وحسب تقديرات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، تم إجراء فحص مخدرات لـ330 ألف موظف وعامل في 29 وزارة خلال السنوات الماضية، وكانت نسبة المتعاطين في بداية جهود الدولة لمحاصرة تلك الظاهرة 8 بالمئة، وانحصرت حتى 2 بالمئة.
ويوضح الصندوق أن «الحشيش» هو أعلى المخدرات تناولا بين الموظفين بنسبة 62 بالمئة، ثم «الترامادول» بـ31 بالمئة، و»الهيروين» 7 بالمئة، مشيرا إلى أن هناك عمال يتعاطون أكثر من مخدر في ذات الوقت.
ويتيح صندوق مكافحة الإدمان خدماته بالمجان لكافة المواطنين الراغبين في التعافي من الإدمان، مع التعهد بحماية بياناتهم الشخصية وعدم منحها لأية جهة.