أثار الظهور النادر للنسر المصري المهدد بالانقراض جدلا كبيرا في بريطانيا، حيث يعد هذا الظهور الذي تم توثيقه بالفيديو في مجموعة جزر سيلي هو الأول لطائر من هذه الفصيلة منذ 150 عاما، فضلا عن كونه الظهور الثالث له في تاريخ بريطانيا.
وكان يوم ظهور النسر المصري استثنائيا وفارقا بالنسبة لمحبي الطيور النادرة في الجزر التابعة لبريطانيا.
وكان سكوت ريد وويل واغستاف، وهما من هواة تتبع الطيور النادرة، محظوظين لأنهما أول من شاهد النسر المصري قبل أيام، والتقطا له صورا ومقاطع فيديو أثناء وقوفه هادئا على أشجار الصنوبر في جزيرتي سانت ميري وتريسكو، وحصدت الصور مشاهدات بالآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي.
وركزت وسائل الإعلام البريطانية أضواءها على هذا الحدث الفريد في المملكة المتحدة، وقدمت صحيفة “ديلي ميل” تغطية مكثفة للظاهرة ونشرت كواليس مشاهدة النسر المصري المراوغ وظهوره النادر.
طائر القرن
ووصفت الصحيفة النسر المصري بأنه “طائر القرن” استنادا إلى أن ظهوره الحالي في بريطانيا هو الأول منذ 150 عاما، والمرة الثالثة للظهور في هذا البلد في التاريخ.
وكانت آخر مرتين مسجلتين لظهور النسر المصري ببريطانيا عام 1825 في سومرست جنوب غربي إنجلترا وفي عام 1868 في مقاطعة إسيكس.
ولفتت “ديلي ميل” إلى أن نهاية النسرين المصريين في المرتين لم تكن سعيدة، إذ قتل في الأولى برصاص عامل مزرعة ظن أنه طائر غريب، وانتقم منه عندما شاهده يأكل إوزة من مزرعته.
وتم الحفاظ على جثة النسر وقتها، ونقلها إلى متحف بوث في برايتون، حيث أصبحت جزءا من مجموعة طيور نادرة، فيما لقى النسر الثاني نفس المصير مقتولا بالرصاص.
تفاصيل الظهور النادر
ظهر النسر المصري ببريطانيا أولا في جزيرة سانت ميري قبل انتقاله إلى جارتها تريسكو، وكلتا الجزيرتان تقعان ضمن مجموعة جزر سيلي شمالي المحيط الأطلسي.
ويروي واغستاف لصحيفة “ديلي ميل” التفاصيل كاملة، فالرجل كان منغمسا في جولة لتتبع الطيور فوق الجزيرة، وأصابته الدهشة لرؤية النسر المصري أمامه فوق شجرة صنوبر في منتصف النهار.
ويقول: “عندما علمت أن النسر المصري يحلق فوق سانت ماري انتابني الفضول وتمنيت رؤيته، وأثناء تجولي في جزيرة تريسكو كنت محظوظا أنني أول من شاهده بشكل مفاجئ”.
ويوضح: “في جولاتنا لتتبع الطيور ورصد مساراتها وتصويرها يتطلب الأمر ظهور طائر نادر واحد ليكون يومنا سعيدا ومثمرا. وظهور النسر المصري كان مدهشا لنا”.
وجلسواغستاف لفترة هادئا يحبس أنفاسه، حرصا على بقاء النسر لأطول وقت ممكن فوق شجرة الصنوبر، ليتمكن من تصويره، وهو ما تم بالفعل لدقائق معدودة.
بعد لحظات طار النسر المصري متجولا في الجزيرة، وأثناء مغادرته ظلت عينا واغستاف معلقتين به حتى اختفى في الفضاء.
حقائق عن النسر
ويعد الموطن الأصلي للنسر المصري جنوب أوروبا وشمال إفريقيا وجنوب غرب آسيا، ويعتقد أن أعداده حاليا تتراوح بين 12 و38 ألفا في العالم.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن النسر المصري معروف بمخالبه القوية ومنقاره الصلب، إضافة إلى قدرته على نزع الأغصان واستخدامها في صناعة أعشاشه.
ويشكل بيض النعام جزءا أساسيا من غذاء الطير الجارح، ومعروف عنه أنه يقبض على الحجارة الصغيرة بمنقاره القوي ليكسر بها البيض، كما يأكل القوارض والزواحف.
ويتميز النسر المصري بوجه أصفر وريش أبيض، وعادة ما يغمس رأسه في الوحل ثم يفركها ليصبغ رأسه ورقبته وصدره بلون أغمق.
وليس لدى الخبراء تفسير لهذا التصرف، لكنهم يعتقدون أنه قد يكون لإظهار أهميته وسطوته على أي طيور أخرى من نفس النوع.
توثيق الظهور
ويقول البروفيسور ستيوارت بيرهوب، عالم البيئة بجامعة إكستر إن النسر المصري مهدد بالانقراض وأعداده في تراجع مستمر قياسا بما كانت عليه في الماضي، وهو ما يقلل فرص وصوله وظهوره في بريطانيا.
ومع هذا التراجع، دعت جمعيات حماية البيئة في جنوب أوروبا لإطلاق سراح الطيور المُرباة أو الأسيرة إلى البرية، في محاولة لزيادة أعدادها والحفاظ على سلالاتها.
وحسب عالم البيئة ستخضع مشاهدة النسر المصري للتدقيق من قبل لجنة الطيور النادرة البريطانية، التي سترفع تقريرا للجنة اتحاد علماء الطيور البريطانيين، لتوثيق ظهوره.
رحلة الوصول لبريطانيا
ويكشف موقع “حقائق حول الطيور” البريطاني أن جزر سيلي تضم نحو 150 جزيرة، وظهور النسر المصري النادر فيها لفت انتباه هواة الطيور من أنحاء المملكة المتحدة إليها.
وظهر النسر المصري أولا في جزيرة سانت ماري أكبر جزيرة في المجموعة، وتتمتد على 1625 فدانا، ثم انتقل إلى ثاني أكبر جزيرة وهي تريسكو، وتم تأكيد مشاهدته 11 مرة في يومين.
والنسر المصري أصغر نسر في أوروبا، ويصل طول جناحيه إلى 175 سنتيمترا ويبلغ أقصى طول لجسمه 70 سنتيمترا، ويمتاز ريشه وجناحاه بألوان بين البني الداكن والأبيض.
النسر المصري في التاريخ
تاريخ النسر في مصر القديمة كان محل اهتمام وسائل الإعلام البريطانية التي حرصت على وصفه بـ”دجاجة الفرعون”، استنادا إلى ظهوره القوي في الحضارة المصرية القديمة.
واستخدم المصريون القدماء النسر كرمز للإلهة “ناخبيت”، وظهرت دائما النقوش والجداريات الفرعونية بجناحي النسر الممتدين دلالة على الحماية، وظهرت صورة النسر دوما خلف تاج الفرعون كمصدر للقوة.