أبلغت قبرص الاتحاد الأوروبي بأنها لا تستطيع قبول المزيد من المهاجرين غير الشرعيين وأنها في «حالة طوارئ»، بعد استيعاب نحو 200 مهاجر، قدموا إليها عبر قوارب انطلقت من ساحل مدينة طرطوس جنوب غرب سوريا، في الأيام الماضية. في حين يعاني المهاجرون في مراكز الاستقبال الرسمية على الجزيرة من ظروف عيش سيئة.
مع اكتظاظ مراكز الاستقبال وتوافد المهاجرين بشكل شبه يومي إلى قبرص اليونانية، قال وزير الداخلية، نيكوس نوريس، يوم الجمعة الماضي 21 آيار/مايو، إن قبرص باتت في «حالة طوارئ» فيما يتعلق بوضع المهاجرين.
وقال نوريس إن قبرص طالبت المفوضية الأوروبية «بالتدخل الفوري والفعال لتفادي عمليات المغادرة غير الشرعية من الساحل السوري لاسيما ميناء طرطوس» الخاضع لسلطة نظام بشار الأسد والذي يبعد حوالي 160 كلم عن سواحل قبرص.
خريطة قبرص/ غوغل
«استقبلنا الأسبوع الماضي موجة من الوافدين بشكل يومي من سوريا… ومراكز الاستقبال مكتظة». مضيفا، «ذلك ما أجبرني أمس على إرسال بيان خطي إلى المفوضية الأوروبية لإبلاغهم بأن قبرص تدخل حالة طوارئ فيما يتعلق بمسألة الهجرة ولا يمكنها استقبال أي مهاجرين إضافيين».
وتظهر الأرقام الرسمية، أنه منذ بداية العام الجاري، رفضت الحكومة ملف 4 آلاف طالب لجوء، قادمين من دول تصنفها قبرص أنها «آمنة». إلا أنه رغم هذ الرقم الكبير من الرفض، أشار الوزير إلى صعوبات أخرى تواجهها الدولة مرتبطة بإجراءات الترحيل.
وقال إن قرارات الرفض يجب أن تكون مصحوبة بسياسات عودة سريعة، «هذا أمر صعب لا سيما بالنسبة إلى البلدان الصغيرة مثل قبرص، التي ليس لديها اتفاقيات ثنائية» مع الكثير من الدول التي يأتي منها المهاجرون. وطلب من الاتحاد الأوروبي أن تتم عمليات الترحيل «بشكل مركزي» على مستوى أوروبا.
على مدى السنوات الأربع الأخيرة، وصلت نسبة طالبي اللجوء في قبرص إلى 4% من سكانها، مقارنة بـ1% في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
منذ عام 2011، لجأ أكثر من 12 ألف سوري إلى قبرص المقسمة بين قبرص الشمالية (اليونانية) وقبرص الجنوبية (التركية)، ووفقا لأرقام مفوضية اللاجئين حصل حوالي 8,500 سوري على الحماية الدولية.
رحلات هجرة من مدينة طرطوس السورية
خلال الأسبوع الماضي، وصل قاربان على متن كل منهما حوالي 100 مهاجر، إلى قبرص انطلاقا من مدينة طرطوس السورية، رغم أن القوارب التي تصل عادة إلى الجزيرة القبرصية، تنطلق بشكل رئيسي من سواحل مدينة طرابلس اللبنانية.
وفي الفترة الأخيرة، انتشرت تقارير عن قيام السلطات القبرصية بصد قوارب المهاجرين التي تنطلق من السواحل اللبنانية. وكان نوريس أشار إلى وجود اتفاقية ثنائية بين البلدين تتيح إعادة المهاجرين إلى لبنان.
ورصدت السلطات 80 مهاجرا غير شرعي قبالة الساحل الشرقي للجزيرة، يوم الخميس 20 أيار/مايو، وقالت الشرطة، كان على متن القارب الذي انطلق من طرطوس رجالا ونساء وأطفالا، وشوهد ظهرا على بعد 14 ميلا بحريا شمال شرق كيب جريكو.
وقبلها بيوم، وصل 97 مهاجرا إلى قبرص، على متن قارب انطلق أيضا من سوريا، وكان من بينهم 13 امرأة و31 قاصرا.
نُقل العديد من النساء والأطفال من بينهم امرأة حامل ورضيع، إلى مستشفى فاماغوستا العام حيث تلقوا العلاج الطبي، وفقا لصحيفة «قبرص تايمز».
وعلى نحو طارئ، أقامت السلطات خياما مؤقتة في ملجأ لصيد الأسماك لإيواء النساء والأطفال ريثما يتم نقلهم إلى مراكز الاستقبال التي تعاني أساسا من الاكتظاظ.
واضطر نحو 53 رجلا إلى البقاء على متن القارب لعدة أيام قبل السماح لهم بالنزول إلى اليابسة، ونُقلوا لاحقا إلى مركز استقبال المهاجرين «بورنارا».
كما اعترضت السلطات يوم الجمعة 14 شخصا آخرين من سوريا، بينهم ثلاثة أطفال، عبروا الحدود إلى قبرص من شمال الجزيرة الواقع تحت سيطرة تركيا.
تعليقا على ذلك قال نورس، «ليس هذا ما نريده للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية»، مضيفا «ليست نية الحكومة جعل قبرص مخيما ضخما للمهاجرين. لدينا قدرة محدودة، ولدينا كل النوايا الحسنة لمساعدة الأشخاص الذين هم في حاجة حقيقية».
مراكز مكتظة وظروف استقبال سيئة
والشهر الماضي، أجرت مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية، جيليان تريغز زيارة إلى قبرص، مؤكدة في بيان على أن «قبرص تعتبر إحدى دول الخطوط الأمامية في أوروبا وهي تواجه ضغوطا متزايدة ذات صلة بالهجرة. ومن بين الوافدين أشخاص يفرون من الصراعات والاضطهاد ويحتاجون إلى الحماية الدولية».
وكجزء من مهمتها، زارت تريغز ”مرفق بورنارا الأول“، وهو مرفق الاستقبال الرئيسي في البلاد. وكان الهدف من المركز الذي تم تشييده في عام 2014 أن يكون مركزا طارئا لاستقبال ما يصل إلى 400 شخص، وتم توسيعه لاحقا لاستيعاب ألف شخص، إلا أنه يستضيف اليوم أكثر من 1,600 شخص.
وقالت تريغز «نحن قلقون بشكل خاص على الأطفال الـ200 الموجودين حاليا في المركز، نصفهم من غير المصحوبين بذويهم. إنهم بحاجة إلى ترتيبات رعاية محددة وإلى فصلهم عن البالغين».
مع تجاوز البنية التحتية والمرافق الصحية طاقتها الاستيعابية، «يتم استضافة الأشخاص في بورنارا في وحدات مسبقة الصنع وفي خيام تفتقر للكهرباء أو لمرافق كافية للنظافة أو المأوى المراعي لنوع الجنس»، بحسب مفوضية اللاجئين.
ووفقا لتقرير أوروبي صدر في شباط/فبراير الماضي، حصلت قبرص على حوالي 100 مليون يورو كدعم من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2015.