بعد شهر الصيام، ومع عزوف الكثيرين عن تناول الأسماك المُملحة حتى لا يتعرضون للشعور بالعطش الحاد خلال ساعات الصيام، اعتاد كثير من المصريين على تناول الأسماك المُملحة، وعلى رأسها الرنجة والفسيخ والملوحة والسردين، خلال أيام عيد الفطر، الأمر الذي يجعلها إحدى الطقوس السنوية التي ترافق هذه المناسبة الدينية.
وفي الوقت الذي جاء فيه موسم “شم النسيم” هذا العام خلال شهر رمضان، فقد حُرم كثير من عشاق الأسماك المُملحة من تناولها أيضاً، ما يجعل أيام العيد فرصة مزدوجة، كعادة سنوية وكذلك لتعويض الموسم الذي لم يستطع المصريون مزاولة طقوسهم الخاصة به.
نصائح غذائية
وتزاحم الرنجة والفسيخ عادات المصريين خلال عيد الفطر، جنباً إلى جنب مع الكعك والبسكويت والتسالي، لكنّ بموازاة ذلك تبزغ نصائح صحية وغذائية حول تناول الأسماك المُملحة بعد 30 يوماً من الصيام، يُقدمها رئيس المؤسسة العلمية للثقافة الغذائية بالقاهرة، مجدي نزيه، في تصريحات خاصة.
ويشير نزيه إلى أنه لا توجد مشكلات صحية في تناول الأسماك المجمدة وكذلك المملحة بعد فترات الصيام الطويلة، لكنّ ثمة عاملين رئيسيين يجب أخذهما في الاعتبار، وهما (النوع والكمية) لضمان الحصول على القيمة الغذائية من تلك الأسماك مع عدم التعرض لمشكلات صحية.
أما لجهة النوع، يقول خبير التغذية المصري، إنه من الضرورة بمكان أن يتم توخي الحذر من مصدر تلك الأسماك المُملحة، لا سيما أنه يتم إعدادها بطريقة مختلفة “الفسيخ على سبيل المثال عرفه قدماء المصريين منذ آلاف السنين، وهو عادة مصرية قديمة، لكن كان يتم تمليحه فور اصطياده، ولا ينبغي أن يترك فتتراكم بداخله الميكروبات، لأن التمليح يوقف النمو الميكروبي”.
ويشير إلى أنه “يفضل إعداد الفسيخ في المنزل، وطريقة إعداده سهلة وبسيطة ومعروفة للجميع، لضمان التمليح المباشر والصحي والابتعاد عن مشاكل الفسيخ الفاسد”، وكذلك الحال بالنسبة لـ”الرنجة” وباقي الأسماك المملحة.
تمييز الأسماك الفاسدة
ويلفت خبير التغذية إلى “علامة” يمكن من خلالها التعرف إلى “الرنجة” المناسبة، بالإشارة إلى أنه “إذا ما لوحظ وجود سائل منفصل حول الرنجة المعبأة فإن ذلك يعني أنها تحللت وتكون غير مناسبة.. الأنواع الآمنة هي المغلفة والمضمونة والتي لا يوجد حولها سائل”.
أما من حيث “الكمية”، فينصح رئيس المؤسسة العلمية للثقافة الغذائية بالقاهرة، في معرض حديثه بعدم الإفراط، موضحاً أن الكمية تختلف بين كبار السن والشباب.
ويتابع: “كلما تقدم العمر وكلما كان الشخص يعاني من مشاكل بضغط الدم أو ضيق الشرايين أو القلب أو الكبد والكلى، ينبغي تجنب تناول تلك الأسماك المملحة، وإذا حرص على تناولها وأصر على ذلك، فيكون الأمر في أضيق الحدود حتى لا يعاني من مضاعفات صحية خطيرة، لا سيما على الكلى التي تجد معاناة في تخليص الجسم من الأملاح”.
كما ينصح أيضاً بـ “شرب كميات كبيرة من المياه” لتعويض الجسم والمساعدة في التخلص من الأملاح.
البصل والليمون
ويسلط خبير التغذية المصري الضوء على إمكانية “تحويل العادات الغذائية المتوارثة إلى شيء إيجابي”، وذلك عبر انتهاز فرصة تناول الأسماك المملحة في مناسبة عيد الفطر لتناول مغذيات سلامة العمليات الحيوية، خصوصاً البصل والليمون، مستشهداً بقول هيروديت: “عجبت للمصريين كيف يمرضون ولديهم البصل والليمون”.
ويقول نزيه إن العادة المصرية المتوارثة في تناول البصل والليمون مع الأسماك المملحة هي عادة غذائية صحية وإيجابية جداً ينبغي استغلالها بالشكل الأمثل لدى تناول الأسماك المملحة في أول أيام عيد الفطر كما يحرص الكثيرون، شريطة مراعاة تناول الكميات المناسبة وكذلك التأكد من مصدر تلك الأسماك لضمان سلامتها بشكل كامل، حتى لا تتسبب في مشكلات صحية عديدة.