الرئيسيةعامجبهة "فاكت" بتشاد.. رقصة "المرتزقة" على إيقاع الصراع العالمي

جبهة “فاكت” بتشاد.. رقصة “المرتزقة” على إيقاع الصراع العالمي

‮«‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬علي‭ ‬مثال‭ ‬هام‭ ‬لنوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬الأفارقة،‭ ‬مستعد‭ ‬وراغب‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬لمصلحته‭ ‬الخاصة،‭ ‬مع‭ ‬استخدام‭ ‬غطاء‭ ‬المقاومة‭ ‬السياسية‭ ‬المشروعة‮»‬‭.‬

بهذه‭ ‬العبارة‭ ‬لخَّص‭ ‬المحلل‭ ‬الأمني‭ ‬الأمني‭ ‬أندرو‭ ‬ماكجريجور،‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أبيرفويلي‮»‬‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمنية‭ ‬بكندا،‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬وتفكير‭ ‬‮«‬جبهة‭ ‬التغيير‭ ‬والوفاق‮»‬‭ ‬التشادية‭ ‬المتمردة‭ (‬فاكت‭) ‬التي‭ ‬يترأسها‭ ‬محمد‭ ‬مهدي،‭ ‬ووصلت‭ ‬لنفوذ‭ ‬كبير‭ ‬رغم‭ ‬قلة‭ ‬عددها‭ ‬وقرب‭ ‬تاريخ‭ ‬تأسيسها؛‭ ‬ما‭ ‬يؤشر‭ ‬لعصر‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬المرتزقة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

فجبهة‭ ‬التغيير‭ ‬والوفاق‭ ‬صورة‭ ‬تجسد‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لعدد‭ ‬قليل‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬أن‭ ‬يصبحوا‭ ‬قوة‭ ‬تهدد‭ ‬كيان‭ ‬دولة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬فقط‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المناورة‭ ‬لاستغلال‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬المكونات‭ ‬المحلية،‭ ‬وصراع‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬جيرانها،‭ ‬وصراع‭ ‬النفوذ‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬خارج‭ ‬القارة‭.‬

والجبهة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬حققت‭ ‬أكبر‭ ‬نصر‭ ‬لها‭ ‬باغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬التشادي،‭ ‬إدريس‭ ‬ديبي،‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي،‭ ‬خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬ضدها،‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عدد‭ ‬أعضاؤها‭ ‬عما‭ ‬بين‭ ‬1000‭- ‬1500‭ ‬شخص،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬حوالي‭ ‬16‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭.‬

إذن‭ ‬فمن‭ ‬أين‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬متمردة‭ ‬قليلة‭ ‬العدد،‭ ‬ولكن‭ ‬قوية‭ ‬الشوكة؟

‭(‬1‭) ‬الصراع‭ ‬والتمدد‭ ‬القبلي

ينتمي‭ ‬أعضاء‭ ‬جبهة‭ ‬التغيير‭ ‬والوفاق‭ ‬‮«‬فاكت‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قبائل‭ ‬القرعان،‭ ‬والمعروفة‭ ‬أيضا‭ ‬باسم‭ ‬التبو،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬دازا‭ ‬ومن‭ ‬عشيرتي‭ ‬كشردا‭ ‬وكريدا،‭ ‬يفترشون‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬مربع‭ ‬واسع،‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬تشاد‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬غرب‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬النيجر؛‭ ‬ما‭ ‬يسهل‭ ‬لها‭ ‬الحركة‭ ‬والتنسيق‭ ‬والإمداد‭.‬

ولهذه‭ ‬القبائل،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬6‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬تشاد،‭ ‬صراعها‭ ‬الخاص‭ ‬مع‭ ‬قبيلة‭ ‬الزغاوة‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليها‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬إدريس‭ ‬ديبي،‭ ‬وتشكل‭ ‬1‭ ‬بالمئة؛‭ ‬حيث‭ ‬ترى‭ ‬التبو‭/‬القرعان‭ ‬أنها‭ ‬أولى‭ ‬بالحكم،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬حسين‭ ‬حبري‭ ‬من‭ ‬قبيلة‭ ‬التبو‭/‬القرعان،‭ ‬وخسر‭ ‬الحكم‭ ‬بانقلاب‭ ‬عسكري‭ ‬قاده‭ ‬ضده‭ ‬ديبي‭ ‬عام‭ ‬1990‭.‬

‭(‬2‭) ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬ليبيا

ساهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الليبي‭ ‬الراحل‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الانقلابات‭ ‬والتمرد‭ ‬في‭ ‬جارته‭ ‬تشاد‭ ‬ضمن‭ ‬تمده‭ ‬داخل‭ ‬إفريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬في‭ ‬دعمه،‭ ‬إضافة‭ ‬للصراع‭ ‬القبلي‭ ‬على‭ ‬الصراع‭ ‬الديني،‭ ‬بأن‭ ‬حشد‭ ‬المال‭ ‬والسلاح‭ ‬للقبائل‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬الشمال،‭ ‬ضد‭ ‬القبائل‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬الجنوب،‭ ‬مغذيا‭ ‬في‭ ‬الأولى‭ ‬فكرة‭ ‬أنها‭ ‬أولى‭ ‬بالحكم‭ ‬لأن‭ ‬المسلمين‭ ‬يمثلون‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬50‭- ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬السكان‭.‬

وكانت‭ ‬فرنسا،‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬تشاد‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬تدعم‭ ‬تولي‭ ‬حكام‭ ‬مسيحيين‭ ‬موالين‭ ‬لثقافتها‭ ‬الفرانكفونية،‭ ‬مثل‭ ‬فرنسوا‭ ‬تومبالباي،‭ ‬وفيليكس‭ ‬مالوم،‭ ‬وحتى‭ ‬تولي‭ ‬أول‭ ‬مسلم‭ ‬للحكم،‭ ‬وهو‭ ‬كوكوني‭ ‬واداي‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬بعد‭ ‬دعم‭ ‬القذافي‭ ‬لتمرد‭ ‬مسلح‭ ‬ضد‭ ‬مالوم‭.‬

وبعد‭ ‬مقتل‭ ‬القذافي‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬وانفتاح‭ ‬الحدود‭ ‬الليبية‭ ‬وخزائن‭ ‬السلاح‭ ‬على‭ ‬مصراعيها،‭ ‬وجدت‭ ‬الميليشيات‭ ‬التشادية‭ ‬مستقرا‭ ‬سهلا‭ ‬لها،‭ ‬لسابق‭ ‬تواجد‭ ‬المرتزقة‭ ‬التشاديين‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬ثم‭ ‬توزع‭ ‬ولاؤهم‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الجديدة‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭.‬

Most Popular

Recent Comments