تبدأ مصر ابتداء من السبت، العمل باشتراطات بنائية وتخطيطية جديدة في عواصم المحافظات والمدن الكبرى، بعد موافقة مجلس الوزراء على منظومة التراخيص الجديدة.
وتهدف المنظومة، إلى تطبيق اشتراطات بناء جديدة لضبط منظومة العمران، والحد من البناء المخالف للعقارات، مع اختبارها لمدة شهرين تجريبيين، على أن يبدأ التطبيق في كافة المدن المصرية بداية مطلع يوليو 2021.
ويقول حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا إنّ: “المنظومة جديدة شهدت تعديلات تقريبًا بنسبة 10% عن القانون الساري الخاص بالبناء الموحد 119 لسنة 2008، والتي تتعامل به الدولة المصرية على مدار 13 عامًا، وعلى مدار الشهرين المقبلين سيكون التطبيق تجريبي على أن يتم العمل الفعلي بداية من يوليو المقبل”.
وأكد عرفة: “على مدار الشهرين المقبلين سيكون هناك تدريب للموظفين حول التنسيق مع نقابة المهندسين والاطلاع على اللوائح والتنسيق مع الجامعات لكي يكونوا مؤهلين للتعامل مع المنظومة الجديدة”.
وأوضح أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية: “المنظومة الجديدة ألزمت المواطنين البناء على 70% من إجمالي مساحة الأرض، على أن يتم استثناء المواطن الذي يمتلك مساحة أقل من 175 متر، على أن يتم الاستفادة من المساحة المستثناة من البناء كمساحات خضراء أو شوارع جانبية”.
بيئة عمرانية حضارية
ويقول اللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية إنّ الدولة تسعى للوصول لأفضل السبل لضبط منظومة العمران بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين، وأنّ الحكومة تسعى للتسهيل والتيسير على المواطن وعدم الإضرار به، وهو ما تم مراعاته في إجراءات التراخيص الجديدة.
وتابع شعراوي في تصريحات صحفية أنّ الدولة تهدف من وراء المنظومة الجديدة لضبط وحوكمة منظومة العمران على أرض المحافظات، وإيجاد بيئة عمرانية وحضارية تليق بالدولة المصرية ومواطنيها.
وأكد وزير التنمية المحلية، أنّ الحكومة تسعى لتطبيق الإجراءات والضوابط الجديدة بكل دقة ويسر عند البدء في تنفيذ المنظومة على أرض الواقع لضمان نجاحها وعدم حدوث أي شكاوى وتوفير الردود اللازمة للمواطنين على أي استفسارات تخص تراخيص البناء.
المستندات المطلوبة
حددت منظومة التراخيص الجديدة عدد من المستندات للحصول على تراخيص أي بناء جديد، من بينه عدد من نسخ الرسومات الهندسية الخاصة بالأرض مع اعتمادها من مكتب المجمعة المصرية، وحسب القيمة الخاصة بتكاليف الأعمال، وصورة من ملكية الأرض، بجانب بيان الأرض من الناحية التخطيطية أو الاشتراطات على أن يتم إصدارها من الجهة الإدارية المختصة.
ومن بين الشروط الخاصة بتراخيص البناء الجديدة، إصدار تراخيص البناء لمدة 3 سنوات بدلًا من سنة واحدة، وتصبح رخصة البناء عقدًا ملزمًا بين الدولة وصاحب الرخصة، وتفعيل دور اتحاد الشاغلين وضمان الحكومة الكاملة لمنظومة استخراج تراخيص البناء على أن يتم ميكنة المنظومة في كل محافظات مصر.
وتم تحديد تفاصيل المبنى في المنظومة الجديدة حيث يتراوح ارتفاع السكني بين 4 أو 5 أو 6 طوابق حسب مساحة الشارع الكليّة، على أن يكون أقصى ارتفاع في أحياء القاهرة يبلغ عرض الشارع مرة ونصف.
منع ظهور عشوائيات جديدة
ويشير الحسين حسان خبير التطوير الحضاري والتنمية المستدامة، رئيس اتحاد مؤسسات أفريقيا للعشوائيات إلى أنّ: “الاشتراطات البنائية الجديدة جاءت لعدد من الأسباب من بينها وجود مساحة 160 ألف فدان غير مخططة من إجمالي مساحة العمران التي تبلغ 417 ألف فدان، ووجود أكثر من 3 مليون مبنى مخالف، وأكثر من مليون و200 ألف حالة تعد على الأراضي الزراعية”.
وتابع خبير التنمية المستدامة: “هدف المنظومة الجديدة للاشتراطات البنائية ضبط وتنظيم العمران والحفاظ على الشبكات والمرافق العامة من مياه وصرف صحي وكهرباء وغاز التي كلفت الدولة مليارات الجنيهات في تطويرها، ومنع التكدس والازدحام المروري خاصة في المناطق شديدة الكثافة السكانية”.
وأكد حسان أن “الدولة تسعى من الاشتراطات الخاصة بالبناء إلى منع ظهور عشوائيات جديدة، فمصر صرفت 38 مليار جنيه للقضاء على العشوائيات على مدا 6 سنوات، بخلاف أن المنظومة تحقق السلامة الإنشائية للمباني والعقارات وبالتالي الحفاظ على حياة المواطنين، كما أنه قرار وليس قانونًا وهو ما يعني سهولة تعديله لتطوير الشكل الحضاري للمدن وعواصم المحافظات”.
وطالب رئيس اتحاد مؤسسات إفريقيا للعشوائيات بإنشاء منظومة اشتراطات بنائية للقرى والعزب والكفور والنجوع التي لم يشملها القرار قائلًا: “يوجد لدينا 4741 قرية و31 ألف عزبة وكفر ونجع لم يشملهم القرار، يسكن بهم ما يقرب من 58 مليون مواطن، بجانب أن تطبيقها في القرى سيساعد على تنشيط السياحة الريفية وعودة الشكل الجمالي للقرية”.
تفعيل اتحاد الشاغلين
واشترطت المنظومة توفير “جراج” في كل عقار أو مبنى، إما أسفل العقار أو في أي طابق فيه، باستخدام وسائل مضاعفة أماكن الانتظار ميكانيكيا، وزيادة مدة صلاحية الترخيص مع تفعيل الآليات التي استحدثها القانون لاستخراج الترخيص من خلال مكتب هندسي.
وحددت المنظومة عددا من الإجراءات الخاصة بالحصول على الترخيص، من بينها تفعيل دور اتحاد الشاغلين، وهذا يعني إجراء الصيانة للعقارات بشكل مستمر ودوري، مما سيقلل من سيناريو انهيار العقارات، واستخراج التراخيص من خلال مهندس أو مكتب هندسي.
عقاب رادع
ويقول محمد شريف عبده، صاحب أحد المكاتب الهندسية: “إجراءات التراخيص الجديدة الخاصة بالمنظومة في غاية الأهمية والأمان، فتجار العقارات سيكونون أمام خيار وحيد لابد منه وهو العمل بضمير، دون أي إمكانية لخداع، وهو ما سيقلل من حوادث انهيارات العقارات المخالفة للاشتراطات الآمنة”.
ومنحت منظومة التراخيص الجديدة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي السلطة التنفيذية بإزالة أي مبنى خارج الحيز العمراني، بجانب منع تغيير نشاط الوحدة السكنية وتغليظ العقوبات في حال مخالفة ذلك.
وتابع “شريف” في حديثه “ما نراه من رفض من قبل التجار والسماسرة للقانون يوضح مدى أهميته، فعدد كبير منهم يريدون الربح السريع والغش في البناء وخروج العقارات بشكل مغاير لما تم الاتفاق عليه من اشتراطات السلامة، بجانب الارتفاع في الأدوار المخالفة ووضع الدولة أمام الأمر الواقع وهذا لن يتم اعتماده مرة آخرى”.
وتابع صاحب أحد المكاتب الهندسية: “إعطاء الرخصة الهندسية لها آليات لابد من التأكد من تواجدها، وما وضعه القانون الجديد أنه فعّل العمل بتلك الآليات بشكل كبير وهام، وجعل هناك جهات تستطيع الوقوف في وجه المخالفات بشكل حاسم، فالأمر حاليًا متروك أمام المخالفين بأن هناك عقابا رادعا إذا حاولوا الاستمرار في مخالفاتهم”.