نحو أسبوع واحد يفصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على انتهاء المدة المحددة لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد تكليفه بها في السادس من شهر أبريل الجاري، بينما لا يزال المشهد السياسي يحمل قدراً كبيراً من التعقيد، بما يفرض جملة من السيناريوهات «النظرية» التي تعبر عن مخاض عسير للحكومة التي قد لا ترى النور، وقد يتم اللجوء إلى انتخابات جديدة، تكون الخامسة في عامين.
وفيما تسعى إسرائيل للخروج من حالة الجمود السياسي خلال العامين الماضيين، فإن نتانياهو الذي لم يتمكن من الحصول على نسبة الغالبية المؤهلة لتشكيل الحكومة من خلال المقاعد المؤكدة بالنسبة لحزبه، يواجه مأزقاً كبيراً وصعوبات في تشكيل الحكومة، وسط خيارات ضيقة في منافسة الكتلة المناوئة له.
ونقلت تقارير إعلامية إسرائيلية أخيراً أن من بين السيناريوهات التي لجأ إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي هي الذهاب لسيناريو تشكيل حكومة بالتناوب مع كتلة التغيير، وذلك من أجل «منع المعسكر المناوئ له من تشكيل الحكومة».
وفي وقت سابق رفض زعيم حزب «أزرق أبيض»، بيني غانتس، اقتراحاً من نتانياهو بأن يشكلا معاً حكومة جديدة، يكون فيها غانتس رئيس الوزراء المناوب الأول ولمدة سنتين.
ونقلت تقارير عن مسؤول بحزب الليكود قوله إن أمام ذلك الوضع صار من الصعب «تشكيل حكومة يمنية صرفة برئاسة نتانياهو (..) وإن كان نتانياهو معني باستمرار اليمين عليه أن يتنحى جانباً».
انتخابات مباشرة
يتحدث أستاذ العلوم السياسية رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، عن المعضلة التي يواجهها المشهد في إسرائيل، على اعتبار أنه من الواضح أن نتانياهو غير قادر على تشكيل الائتلاف الذي يسعى إليه، بينما من الناحية الأخرى فإن الجبهة المناوئة له لا تستطيع تشكيل حكومة قوية، وبالتالي فإن الأمر يبدو وكأنه يدور في حلقة مفرغة.
وفيما يتحدث في تصريحات خاصة عن تعدد السيناريوهات «من الناحية النظرية»، إلا أنه لفت بموازاة ذلك إلى أن الأمور قد تتجه إلى إجراء انتخابات جديدة أو انتخابات مباشرة بين المرشحين لموقع رئيس الوزراء، وهو مقترح تقدم به بنيامين نتانياهو ويدرسه الرئيس الإسرائيلي، وذلك من أجل تفادي سيناريو الذهاب لانتخابات خامسة.
ويشير فهمي إلى أن «السيناريوهات التي تطرح نفسها هي سيناريوهات نظرية، تخلو من البرنامج الأساسي، وهناك جملة من التناقضات»، لافتاً إلى حضور الأحزاب العربية بشكل كبير في سيناريوهات نتانياهو وكذا سيناريوهات منافسة يائير لبيد زعيم «يوجد مستقبل» والذي من الناحية النظرية لا يستطيع تشكيل الحكومة إلا بطرح فكرة الكتلة العربية أيضاً.
لكنه يستبعد في الأخير تشكيل الحكومة من نتانياهو أو لبيد في ضوء هذا المشهد، متحدثاً عن إمكانية أن يتم تشكيل حكومة يطلق عليها حكومة الـ100 يوم، حال الفشل في تشكيل الحكومة، إلى حين إجراء انتخابات جديدة، وإلا أن يجرى تعديل بالنظام الانتخابي ويترشح المتنافسون مباشرة على منصب رئيس الوزراء بدلاً من الذهاب لانتخابات خامسة وسادسة، للخروج من المأزق السياسي الراهن.
وكان نتانياهو قد دعا جدعون ساعر ونفتالي بينيت، لتنحية «الخلافات الشخصية» جانباً، والانضمام إليه في تشكيل حكومة جديدة. وقال إن «الشعب قرر أن نجلس معاً (..) بعد ثلاث عمليات انتخابية أعطت الجماهير الأغلبية لأحزاب اليمين بـ 65 مقعداً.. وهذا يسهم في تشكيل حكومة يمينية مستقرة».
سيناريوهات
ويعتقد خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة، بأن سيناريو تعقد الأمور فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الإسرائيلية ومن ثمّ الذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة ستكون الخامسة خلال عامين «لا يزال قائماً».
ويشرح عكاشة في تصريحات خاصة المشهد المعقد الذي يواجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بتشكيل الحكومة بنيامين نتانياهو، بالإشارة إلى أن عدد المقاعد «المؤكدة» التي معه لا تتجاوز الـ 52 مقعداً، وبالتالي فهو بحاجة على أقل تقدير إلى 9 مقاعد لضمان الوصول إلى 61 صوتاً لتشكيل الحكومة.
ويتابع: «بالتالي فإن تحالف يمينا بقيادة نفتالي بينيت (الحاصل على 7 مقاعد في الانتخابات الأخيرة) مُهم جداً لنتانياهو الذي يسعى للتفاوض مع يمينا، في الوقت الذي ينشط فيه المعسكر المناوئ لنتنياهو (معسكر أو جبهة التغيير) والذي يتفاوض معه يمينا أيضاً».
ومن ثمّ -وفق عكاشة- فإنه في ضوء الوضع الراهن فإن «فكرة تشكيل حكومة يمينية برئاسة نتانياهو صارت صعبة في ظل عدم وضوح المواقف، واتجاه بينيت».
وكان بينيت قد قال، قبل يومين، إنه لا يستبعد تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويلفت إلى أنه مؤخراً هناك أيضاً مفاوضات لانضمام حزب أمل جديد برئاسة جدعون ساعر (ستة مقاعد)، لائتلاف حكومي بقيادة نتانياهو، مشيراً إلى أن لا يوجد بالأفق ما يؤكد اتجاه تشكيل الحكومة.
وفيما لم يتبق سوى نحو أسبوع على انتهاء مهلة تشكيل الحكومة، تحدث عكاشة بموازاة ذلك عن فرص الجبهة المناوئة لنتانياهو، وقال إنها بحاجة إلى الأصوات الخاصة بالعرب من أجل أن تُكمل.
«وبالتالي مسألة تشكيل الحكومة صعبة بالنسبة للطرفين (..) إذا فشل نتانياهو وتم تفويض الجبهة المناوئة ومنحها المهلة، فأعتقد بأن هناك احتمالات -إذا لم تحدث مفاجآت باللحظة الأخيرة- للذهاب إلى انتخابات جديدة».