مع بداية الموسم الرمضاني، اشتعلت المنافسة بين الأعمال الدرامية المختلفة فنيًا، وبدأت الجماهير في الانقسام حول المسلسل الأفضل، لكن صراع آخر لم يتوقف بين المسلسلات وأبطالها منذ بداية شهر الصيام حول صدارة «التريند».
أثناء تصفحك مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد احتفاء من بطل مسلسل بتصدر «مسلسله» لقائمة التريند، ثم ستجد ممثل آخر يشكر جمهوره على مساعدتهم في نشر اسم «مسلسله» ليتصدر قائمة تريند في نفس المنصة، ويبدأ الجمهور في التشكيك بتلك «التريندات»، فكيف يحدث ذلك؟
طريقة الوصول للتريند
يقول خبير تكنولوجيا المعلومات تامر محمد: «المنصات المختلفة تعتمد على تفاعل الجمهور لبناء قائمة التريند، فمثلًا (يوتيوب) يعتمد على الأعلى المشاهدة، (جوجل) يعتمد على الأكثر بحثًا، (فيسبوك) و(تويتر) يعتمدا على الكلمات الأكثر تداولًا في منشورات المستخدمين».
ويضيف محمد «عند عرض مسلسل معين، قد يحتل مركزًا في قائمة التريند، نظرًا لحديث الجمهور عنه وقت العرض، ثم يتم عرض مسلسل آخر، وليبدأ الجمهور بالحديث عنه أيضًا ويحتل مركزًا في قائمة التريند، وكلما زاد تفاعل مستخدمي المنصة الإلكترونية مع مسلسل معين، كلما ارتفع مركزه في قائمة التريند، وربما يصل إلى صدارتها».
كما يوضح محمد أنه على الجمهور التأكد من المنشورات الخاصة بتصدر مسلسل معين للـتريند، عن طريق رؤية «قائمة التريند» بنفسه.
اللجان الإلكترونية
في السياق ذاته، يوضح المتخصص في الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن هناك ما يُسمى بـ»التريند المزيف»، «هو عبارة عن تريند وهمي، لا يعتمد على الجمهور العادي، لكن يعتمد على ما يُعرف بـاللجان الإلكترونية، وهي مجموعات حسابات مزيفة، تقوم بالحديث عن شيء معين، حتى تحجز له مركزًا في قائمة التريند، كما أن هناك طرق أكثر تطورًا لا يتم الاعتماد على أفراد لتنفيذها لكن تكون عملية إلكترونية بالكامل عن طريق (البوتات)».
يُشار إلى أن بوتات الإنترنت، تعرف أيضاً باسم روبوتات الويب أو روبوتات الشبكة العالمية أو ببساطة بوتات، وهي برامج تقوم بعمل مهام تلقائية على الإنترنت، وعادة تقوم البوتات بإجراء مهام بسيطة ومركبة بصورة متكررة، بمعدل أعلى مما يمكن أن يقوم به الإنسان وحده.
ويضيف البرماوي «للوصول إلى قائمة تريند، تحتاج إلى التفاعل والانتشار، وهناك من ينتظر ذلك من الجمهور العادي، وهناك يبحث عنه بنفسه، عن طريق اللجان الإلكترونية، بعدما أصبحت التريندات وسيلة تسويقية مهمة للمنتجات الفنية».
دور المستخدم
كما يتابع البرماوي: «قديمًا كان الاعتماد على استطلاعات الرأي، التي تبحث عن أفضلية مسلسل على حساب الآخرين، لكن في عصر التكنولوجيا، أصبح الجميع يبحث عن التريند وأرقام المشاهدات وكل ما يثبت انجذاب الجمهور نحو منتجك الفني».
ويردف: «حتى الآن، لا يوجد رادع قوي للتريندات المزيفة، ولا يمكن للمنصات تتبع ذلك بشكل تلقائي، لكن هناك علامات واضحة على ذلك يمكن أن يراها الجمهور، مثل أن تجد حسابات بأسماء غريبة، ولا تحتوي على بيانات شخصية، أو منشورات أخرى عن أحداث مختلفة، كما تجد أن محتوى المنشورات والتدوينات واحد لا يتغير بتغير الأشخاص».
كما يؤكد المتخصص في الإعلام الرقمي على أهمية دور المستخدم العادي للتصدي لمثل تلك التريندات المزيفة، من خلال تقديم تقرير وبلاغ ضد تلك المنشورات، ليلفت نظر «المنصة الإلكترونية» إلى محاولة تزييف «التريند».
ويشير البرماوي إلى واقعة حدثت مؤخرًا تخص مسلسل «الطاووس»: «تعرض مسلسل الطاووس لحملة ممنهجة ضده على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أيام، اعتمادًا على اللجان الإلكترونية، وظهرت بعد ذلك حملة مقابلة من مشاهدي المسلسل ومحبينه، وبعد ذلك تم تحويل القائمين على العمل إلى التحقيق من قبل المجلس الأعلى للإعلام».
المدة الزمنية للتريند
في السياق ذاته، يقول البرماوي: «اليوم الواحد ربما يشهد أكثر من متصدر لقائمة التريند في المنصات المختلفة، لذا عندما يرى المشاهد أكثر من بطل مسلسل يحتفي بصدارته للتريند، فربما يكون هذا حقيقيًا، خاصةً أن وقت عرض المسلسل، تكون فرصة ذهبية لتواجده في قائمة التريند».
ويتابع: «إذا وجدت هاشتاغ معين تصدر قائمة التريند، ثم اختفى من القائمة تمامًا، فأعلم أن السبب وراء ذلك اللجان الإلكترونية، وأنك أمام تريند مزيف، حيث يحتاج الهاشتاغ في الأغلب للتدرج في قائمة التريند حتى يصل إلى صدارتها».
ليس دليلًا على التفوق
يرى البرماوي أن «التريند» ليس دليلًا على تفوق عمل على آخر، ولا يمكن اعتماد عليه كمؤشر لنسب المشاهدة، «التريند، في حالة إذا كان حقيقيًا وليس مزيفًا، دليل على أن العمل لم يمر على الجمهور مرور الكرام، لكن ربما يشمل التريند أراء سلبية فيكون حينها دليلًا على فشله، وهناك تريند ربما يشمل مواد ساخرة من محتوى العمل، ليكون دليلًا على تعامل الجمهور مع العمل بشكل هزلي، وأنه لم ينل رضاهم، بل حفز روح السخرية بداخلهم».
ويختم البرماوي: «هناك أعمال تحقق نجاحًا رقميًا فقط، ولا تحظى بنفس القدر من المشاهدة على التلفزيون، والعكس صحيح، وهناك من يمكنه النجاح على المستويين، هذا يعتمد على الجيل الذي ينتمي له غالبية مشاهدي العمل، وعلاقته بالتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا بالطبع يؤثر بشكلٍ مباشر على حركة التريند».