فاكهة طيبة تجود بها واحات تافيلالت في الجنوب الشرقي للمغرب. تمر «المجهول» هو أرفع أنواع التمر، ذاع صيته لدرجة أنه يلقب باسم «ملك التمور».
كبير في الحجم، ناعم وحلو جداً. يتهافت عليه المغاربة كل سنة ما إن تدنو أيام شهر رمضان. ورغم ثمنه المرتفع، فإنه يبقى مرادفا للغذاء الصحي الغني بالألياف، لقضاء يوم طويل من الصيام بدون عطش.
فوائد غذائية
يحظى تمر المجهول بمكانة خاصة عند المغاربة لا سيما في الحفلات ومناسبات الزفاف في المغرب وبين المغاربة في المهجر، وغالباً ما يتم تقديم المجهول محشواً باللوز أو معجون اللوز الحلو، أو المكسرات من قبيل جوز البقان.
وقالت مارية بنجلون، الأخصائية في التغذية، في تصريح : «تمر المجهول له نفس الخصائص الغذائية لأصناف التمور الأخرى؛ فهو غني بالسكريات السريعة، ويعطي كثيرا من الطاقة. لا توجد به مواد دسمة وهو غني بالألياف. ويفيد تمر المجهول المصابين بارتفاع الضغط الدموي لما يتوفر عليه من بوتاسيوم، كما أنه يساعد على الهضم ويجنب الإصابة بالقبض».
وأضافت في معرض حديثها، أن تمر المجهول غني بالمعادن خصوصا منها الحديد والزنك وهي مفيدة للمصابين بفقر الدم، كما أنه غني بالفوسفور والمنغنيز والكالسيوم والفيتامينات المفيدة للدماغ والقلب. كما يتوفر على مواد مغذية تحمي من التعب والإجهاد خلال أيام الصيام.
وأكدت مارية بنجلون أن ما يميز تمر المجهول عن باقي التمور الأخرى هو حجمه الكبير الذي يوازي حوالي ثلاث حبات من التمر العادي ولونه الفاتح بعض الشيء، كما أن مذاقه حلو جدا وشبيه في حلاوته بالعسل.
وتنصح الخبيرة في التغذية بشرب كأس من الماء خلال الإفطار وحبة واحدة من تمر المجهول، مع تناول الأغذية الأخرى بعد حوالي عشر دقائق، أو بعد أداء صلاة المغرب.
تمر مغربي انتشر في دول العالم
استنادا إلى دراسة للدكتور محمد عزيز الهوميزي، أستاذ البيولوجيا بجامعة محمد الأول بوجدة (شرقي المغرب)، نشرت سنة 2006، فإن تمر «المجهول» يصنف ضمن فصيلة نادرة من التمور التي تتم زراعتها في شمال أفريقيا، ويزرع بالتحديد في منطقة الرشيدية بجهة تافيلالت، في الجنوب الشرقي للمغرب. في حين تزرع أنواع أخرى من التمور الشبيهة بـ»المجهول» في كل من الجزائر وتونس ومصر والأردن.
ويعد «المجهول» من التمور ذات الأسعار الباهظة الثمن، فقد يتجاوز ثمن الحبة الواحدة دولارا. ويُعزى ذلك إلى أن زراعته تتم من خلال عملية معقدة تتطلب الكثير من الجهد، كما أن النخيل يتم تلقيحها بشكل طبيعي.
وتم نقل المجهول، حسب نفس الدراسة، إلى الولايات المتحدة في عام 1927 من قبل مزارع أميركي. وتم استيراد أحد عشر نوعا من التمور من منطقة بودنيب بمنطقة الراشيدية إلى كاليفورنيا.
وتم اختيار الشتائل المستوردة بعناية، من الأماكن التي لم تتأثر أبدًا ببعض الأمراض الذي تضرب النباتات. وتم تحريف الاسم أثناء عبور المحيط الأطلسي وأصبح يعرف بالمدجول medjool في أميركا. وأصبحت حاليا تصدره إلى العديد من مناطق العالم كالسعودية ودول شمال أفريقيا وإسرائيل.
3 ملايين نخلة في عشر سنوات
يؤكد العاملون بالقطاع أن هناك اهتماما كبيرا من طرف المستثمرين، وكذلك الشباب الراغب في تأسيس شركات صغرى في مجال التمور.
ويهدف المغرب إلى تأهيل الواحات التقليدية عن طريق جذب مستثمرين كبارا في المجال.
ويوفر القطاع ما معدله 3,6 مليون يوم شغل سنويا، كما يؤمن 50 في المئة من المداخيل الزراعية لأزيد من مليوني مغربي، حسب معطيات رسمية، كما يغطي 471 ألف كيلومتر مربع من المساحات المزروعة بنخيل التمر.
في هذا السياق، قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، خلال افتتاح الدورة العاشرة للملتقى الدولي للتمر بالمغرب بأرفود: «وصلنا لـ 3 ملايين شجرة النخيل في 2019، وذلك قبل سنة من انتهاء العمل بمخطط المغرب الأخضر”.
وتوقع الوزير أن يجني المغرب تمار هذه السياسة التي نهجها منذ 2009 في أفق سنة 2022، لأن النخيل يحتاج لحوالي سبع سنوات حتى يبدأ في إنتاج التمور.
ويساهم القطاع في توفير قيمة مضافة للمزارعين والمهنيين العاملين فيه، بقيمة 149 مليون دولار. ويصنف المغرب في المركز الثاني عشر في إنتاج التمور على الصعيد العالمي بحيث ينتج حاليا 14 ألف طن، ويستورد ما بين 40 و50 ألف طن سنويا، حسب آخر المعطيات المتوفرة.
وفرة التمور وتراجع الأسعار
وأثناء جولة في أسواق مدينة الرباط، لاحظت بأن أسعار “المجهول” بالجملة، التي كانت تناهز 120 درهما للكيلوغرام الواحد في السنوات الماضية، قد تراجعت إلى حوالي 90 درهما للكيلوغرام الواحد.
وحسب ذات المصدر فإن أسعار التمور المغربية بشكل عام تبتدئ من 10 دراهم للكيلوغرام، مقابل 28 درهما بالنسبة للتمور الجزائرية و18 درهم فيما يخص التمور التونسية.
ورغم أن التمور تعتبر من المواد الغذائية الأساسية على مائدة رمضان، فإن استهلاكها في المغرب يظل موسميا، خاصة لدى سكان المدن ويقتصر على أوقات معينة كشهر رمضان، وعاشوراء، وحفلات الخطوبة والزفاف…
وأكد منير خليل، المدير العام لشركة “تمور” المتخصصة في التمور الفاخرة المصنوعة في المغرب، أنه “بمتوسط 3 كيلوغرامات في السنة للفرد، فإننا نظل بعيدين كل البعد عن استهلاك البلدان المنتجة الأخرى التي تتجاوز 10 كيلوغرامات في السنة للفرد الواحد”.