الرئيسيةمنوعات عالميةاللغة المصرية القديمة.. كلمات لا يزال يتحدث بها المصريون

اللغة المصرية القديمة.. كلمات لا يزال يتحدث بها المصريون

كلمات‭ ‬غريبة‭ ‬تجري‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬المصريين،‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬لغة‭ ‬البلاد‭ ‬الرسمية،‭ ‬لكنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬التاريخ؛‭ ‬حيث‭ ‬جذور‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬دوّنها‭ ‬المصريون‭ ‬القدماء‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬والثلاثين‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬عهد‭ ‬الأسرة‭ ‬الأولى‭ ‬بقرنين‭.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬المصريون‭ ‬في‭ ‬أيامنا‭ ‬هذه‭ ‬ينطقون‭ ‬كلمات‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬طرحها‭ ‬العلماء‭ ‬والمهتمين‭ ‬بعلم‭ ‬المصريات‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬مختلفة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تصعد‭ ‬إلى‭ ‬السطح،‭ ‬وتصبح‭ ‬حديث‭ ‬الساعة،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الغناء‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬نقل‭ ‬المومياوات‭ ‬الملكية‭.‬

الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬نور‭ ‬الدين،‭ ‬عالم‭ ‬المصريات،‭ ‬ورئيس‭ ‬مصلحة‭ ‬الآثار‭ ‬المصرية‭ ‬الأسبق،‭ ‬يورد‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‮»‬‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى،‭ ‬واللهجة‭ ‬العامية‭ ‬المصرية،‭ ‬تتطابق‭ ‬مع‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬النطق‭ ‬والمعنى‭.‬

في‭ ‬العامية‭ ‬المصرية

ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬أورده‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬كتابه،‭ ‬فإن‭ ‬كلمات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬عا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحفز‭ ‬بها‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬حماره‭ ‬أثناء‭ ‬السير،‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬لفظة‭ ‬‮«‬حا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يرددها‭ ‬الفلاح‭ ‬المعاصر،‭ ‬لكنها‭ ‬تحورت‭ ‬بإبدال‭ ‬‮«‬العين‮»‬‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الحاء‮»‬‭.‬

هناك‭ ‬كلمات‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬تاتة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬خطوة‭ ‬خطوة،‭ ‬وتُقال‭ ‬للأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬عند‭ ‬محاولات‭ ‬التدرب‭ ‬على‭ ‬السير،‭ ‬وكذلك‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬نُنة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬طفل‭ ‬صغير،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬كركر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬الضحك،‭ ‬وتعني‭ ‬بالمصرية‭ ‬القديمة‭ ‬‮«‬يضحك‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الريف‭ ‬المصري،‭ ‬يقول‭ ‬المصريون‭ ‬أثناء‭ ‬صنع‭ ‬الخبز،‭ ‬إنهم‭ ‬‮«‬يُبططون‮»‬‭ ‬العجين،‭ ‬وكلمة‭ ‬‮«‬بطط‮»‬‭ ‬معناها‭ ‬يسحق‭ ‬الشيء‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬الأجداد،‭ ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬مكحكح‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الشخص‭ ‬المسن،‭ ‬وكلمة‭ ‬‮«‬كحكح‮»‬‭ ‬تعني‭ ‬عند‭ ‬الأجداد،‭ ‬رجل‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الشيب‭.‬

وعندما‭ ‬يريد‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬تتمهل‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬شيء‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬‮«‬حَبة‭ ‬حَبة‮»‬،‭ ‬ويحمل‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬ذات‭ ‬المعنى‭ ‬عن‭ ‬المصريين‭ ‬القدماء،‭ ‬وكذلك‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬بح‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تُعني‭ ‬‮«‬انتهى‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬مأهور‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬معنى‭ ‬الحزن‭ ‬والقهر‭.‬

ويستمر‭ ‬الراحل‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬الكلمات‭ ‬العامية‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬القديمة،‭ ‬فنجد‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬ست‮»‬‭ ‬بمعنى‭ ‬سيدة،‭ ‬وكلمة‭ ‬‮«‬فط‮»‬‭ ‬بمعني‭ ‬يقفز،‭ ‬و»مأأ‮»‬‭ ‬وتعني‭ ‬يقرأ‭ ‬الشيء‭ ‬بدقة،‭ ‬و»هم‭ ‬هم‮»‬‭ ‬بمعنى‭ ‬يأكل‭.‬

تاريخ‭ ‬اللغة‭ ‬القديمة

وبحسب‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‮»‬،‭ ‬أطلق‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬على‭ ‬لغته‭ ‬‮«‬فم‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬وعرفها‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬لسان‭ ‬مصر‮»‬‭ ‬و»كلام‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬وصبغها‭ ‬بهالة‭ ‬من‭ ‬القدسية‭ ‬عندما‭ ‬وصفها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬كلام‭ ‬الإله‮»‬‭ ‬و»الكلام‭ ‬المقدس‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬يطلق‭ ‬المصريون‭ ‬على‭ ‬لغتهم‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬اللغة‭ ‬الهيروغليفية‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬لفظ‭ ‬‮«‬هيروغليفي‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬اسم‭ ‬أول‭ ‬خط‭ ‬كُتبت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬اللغة،‭ ‬ويعني‭ ‬باليونانية‭ ‬‮«‬الكتابة‭ ‬المقدسة‮»‬،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬الكهنة‭ ‬كانوا‭ ‬يستخدمونه‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المعابد‭.‬

ظهر‭ ‬خط‭ ‬آخر‭ ‬كُتبت‭ ‬به‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الهيراطيقي‮»‬‭ ‬ويعني‭ ‬باليونانية‭ ‬‮«‬الكهنوتي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬تبسيط‭ ‬للخط‭ ‬الهيروغليفي،‭ ‬وكان‭ ‬يكتب‭ ‬به‭ ‬الكهنة‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬البردي‭.‬

فيما‭ ‬ظهرت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الخط‭ ‬الديموطيقي‮»‬‭ ‬المشتق‭ ‬من»ديموتيكوس‮»‬‭ ‬وتعني‭ ‬‮«‬شعبي‮»‬‭ ‬باليوناني،‭ ‬وكان‭ ‬‮«‬الديموطيقي‮»‬‭ ‬خط‭ ‬المعاملات‭ ‬والأنشطة‭ ‬اليومية‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭.‬

وفي‭ ‬الأخير‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬اللغة‭ ‬القبطية‭ ‬الذي‭ ‬تزامن‭ ‬ظهورها‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬الاحتلال‭ ‬اليوناني‭ ‬لمصر،‭ ‬وتحمل‭ ‬‮«‬القبطية‮»‬‭ ‬سبع‭ ‬علامات‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬الخط‭ ‬الديموطيقي،‭ ‬وكانت‭ ‬تُكتب‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬بحروف‭ ‬يونانية‭.‬

وكان‭ ‬لحفاظ‭ ‬الكنائس‭ ‬المصرية‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬القبطية،‭ ‬واستخدامها‭ ‬لغة‭ ‬رسمية،‭ ‬مفعول‭ ‬السحر‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬علماء‭ ‬المصريات‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬شامبليون‭ ‬على‭ ‬فك‭ ‬طلاسم‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬بسبب‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬مزيجًا‭ ‬بين‭ ‬اليونانية‭ ‬والمصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬في‭ ‬العلامات‭ ‬الصوتية‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬علامات‭ ‬الكتابة‭.‬

Most Popular

Recent Comments