أثبتت مصر تفوقا لافتا في مجال صادرات المواد العطرية لأكثر من بلد أفريقي، في السنوات الماضية، لتسحب بذلك البُساط من تحت أقدام «باريس» التي اشتُهرت بسيطرتها على سوق العطور في أفريقيا.
ولطالما تربعت باريس، على عرش الصناعات المرتبطة بالأزياء والموضة وفي القلب منها «الصناعات العطرية»، لفخامتها، ودوام رائحتها على الجسد والملابس، لكن مصر انتزعت هذه المكانة في عدة بلدان إفريقية.
تفوق مصري
وشهد عام 2019 تفوق صادرات مصر العطرية على «المنتجات الفرنسية» في أكثر من بلد إفريقي، وفق تقرير حديث لوزارة التجارة والصناعة المصرية، أطلعت «سكاي نيوز عربية» عليه.
وتصدرت مصر المركز الأول من الصادرات العطرية في دول الجزائر وتونس وبوركينا فاسو، فيما تحتل المركز الثاني من الصادرات العطرية إلى إثيوبيا وكوت ديفوار.
وتُعتبر زيوت «العتر، والياسمين، والريحان»، أهم الزيوت العطرية التي تنتجها مصر.
وتأتي صادرات مصر من «مخاليط المواد العطرية، ومستحضرات أخرى أساسها مواد عطرية»، في المركز الثاني من صادراتها الإجمالية لـ«القارة السمراء»، بقيمة بلغت 203.37 مليون دولار خلال 2019.
تراجع فرنسي
وتُظهر الإحصائيات المصرية تراجع فرنسا إلى المركز الثاني بعد مصر من الصادرات العطرية للجزائر وتونس، فيما تأتي في المركز الأول في كوت ديفوار، والخامس في بوركينا فاسو.
وفي المقابل وفرت مصر نحو 32.52 بالمئة مما استوردته الجزائر من بنك «مخاليط المواد العطرية، والمحضرات الأخرى أساسها مواد عطرية» خلال 2019.
ووفرت مصر 38.97 بالمئة مما استوردته إثيوبيا من البند ذاته، و35.58 بالمئة مما استوردته تونس، و17.94 بالمئة لاحتياجات كوت ديفوار، و60.16 بالمئة من استيراد بوركينا فاسو.
طلب متزايد
ويؤكد ربيع مصطفى، أحد مُصدري النباتات الطبية والعطرية من مصر، وجود طلب متزايد على المنتجات المصرية في الفترة الماضية، ليس للدول الإفريقية فقط، لكن لدول كثيرة في الاتحاد الأوربي، وأمريكا، وغيرها من البلدان حول العالم.
ويوضح مصطفي، في حديث لـ»سكاي نيوز عربية» أن هناك مميزات كثيرة للمنتج المصري من النباتات الطبية والعطرية عن مثيلاتها من الأصناف سواء هندية أو تركية أو سورية.
ويضيف أن أبرز المميزات هي وجود نسبة أعلى من الزيوت في تلك المنتجات، ووجود خصوبة أكبر للتربة المصرية، والمناخ نفسه الذي يحافظ على النبات الطبي والعطري.
صادرات مصر
شهدت صادرات مصر من المواد العطرية إلى إفريقيا قفزة كبرى، خلال 9 سنوات فقط، إذ تضاعفت 12 مرة من 2011 حتى 2019، حسب تقرير التجارة والصناعة في مصر.
وسجلت مصر في 2011 صادرات عطرية بـ 28.40 مليون دولار أمريكي فقط، بمعدل زيادة 174.97 مليون دولار في العام الواحد، مقارنة بصادراتها في 2019.
وفي الربع الأول من عام 2020 فقط صدرت مصر نباتات طبية وعطرية وأعشاب لـ86 دولة بإجمالي إنتاجية تُقدر بـ12 ألف و500 طن من تلك النباتات.
ووفق تقرير سابق للهيئة العامة للاستعلامات، التابعة لرئاسة الجمهورية المصرية، فإن مصر تحتل المركز الرابع عالمياً في مجموع صادرات الزيوت العطرية والطبية.
رحلة صعود
وحسب مصادر حكومية مصرية، قفزت صادرات مصر من المواد العطرية إلى إفريقيا من نحو 17 مليون دولار عام 2011، إلى 203 مليون دولار في 2019.
وتزايدت صادرات «العطور» المصرية لأكثر 5 بلدان استيراداً لها من مصر، إذ كانت البداية في 2011، واستوردت الجزائر حينها عطورا بقيمة 1.67 مليون دولار فقط، ثم زادت استيرادها إلى 61.96 مليون دولار في 2019، أي ثُلث الصادرات المصرية من المواد العطرية لإفريقيا.
وفي تونس بدأت مصر بـ2.36 مليون دولار في 2011، ووصلت حتى 18.13 مليون دولار حالياً.
وفي الربع الأول من 2020 فقط صدرت مصر نباتات طبية وعطرية وأعشاب لـ86 دولة بإجمالي إنتاجية تُقدر بـ12 ألف و500 طن.
اهتمام حكومي
ويقول الدكتور إبراهيم شلبي، باحث متخصص في النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين، التابع لوزارة الزراعة المصرية، إن الاهتمام بملف النباتات الطبية والعطرية من الممكن أن يُدخل لمصر أضعاف دخله الحالي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ»سكاى نيوز عربية» أن تلك النباتات لا يتم ريها بكميات كبيرة من المياه، وتكاليف زراعتها قليلة، والعائد منها عالي جداً.
وتابع شلبي أن النباتات الطبية والعطرية هي صحراوية بالأساس، ولا يوجد مشكلة في زيادة المساحات المنزرعة منها بشكل يحقق عائد اقتصادي للبلاد، فضلاً عن دخولها في صناعات طبية وعطرية كثيرة.
ويشير الباحث إلى وجود طلب كبير من المنتجات المصرية للنباتات الطبية والعطرية في الداخل والخارج.
خطة مضاعفة الزراعات
فطنت الدولة المصرية لأهمية صادرات العطور والنباتات الطبية والعطرية، وعملت على زيادة المساحات المحصولية وإنتاجية الفدان منها.
وزادت المساحة المزروعة في مصر منذ 2017 نحو 30 ألف فدان، لتبلغ 80 ألف، مع إعداد خطط حكومية لزيادة المساحة المنزرعة من تلك النباتات لتصل إلى 250 ألف فدان خلال 9 سنوات، حسب وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في مصر.
وتطمح الحكومة المصرية إلى مزيد من القفزات في هذا المجال، خاصة أن الانتاج الحالي المتزايد لا يعبر عن إمكانات مصر الفعلية وظروفها المناخية والبيئية، والتي تتيح لها أن تتبوأ الصدارة.
وترتكز رؤية الحكومة في هذا الاتجاه على أن يكون لمثل هذه المشروعات الأولوية، خاصة وأن لهذه النباتات التي حبا الله بها مصر مميزات تتمثل في المناخ المعتدل والتربة الملائمة وقلة تكاليف الإنتاج وسهولة معاملات ما بعد الحصاد والتسويق، إضافة إلى قلة حاجتها لمياه الري وعوائدها المجزية وعدم وجود سقف تصديري لمنتجاتها.