الرئيسيةمنوعات عالميةمصر.. أفلام "الوجوه الجديدة" تصنع حضورا كبيرا في المهرجانات

مصر.. أفلام “الوجوه الجديدة” تصنع حضورا كبيرا في المهرجانات

حالة من التألق تعيشها السينما المستقلة المصرية خلال الفترة الأخيرة، بعدما شاركت أفلامها المنتجة حديثا في عديد من المهرجانات العالمية، حاصدة الجوائز، لتكتب فصلا جديدا في تاريخ الفن المصري.

 

من بين الإنتاجات الحديثة للسينما المستقلة، كان لأفلام “ستاشر” و”حنة ورد” و”سعاد”، نصيب الأسد من المشاركة في المهرجانات الدولية، وسط إشادات من النقاد السينمائين.

القاسم المشترك بين الأفلام الثلاثة هو أن جزءا كبيرا من الممثلين بتلك الأعمال، يقفون أمام الكاميرا للمرة الأولى، بالإضافة إلى كون قطاع كبير من هؤلاء الفنانين الجدد غير أكاديميين، ليبقى السؤال الأهم: كيف تصنع فيلما ناجحا بوجوه جديدة؟

صناعة مختلفة

وتعليقا على ذلك، يقول الناقد الفني، طارق الشناوي، إن الفرق الأكبر بين السينما المستقلة والتجارية يكمن في أهداف كليهما؛ “ذلك أن السينما التجارية لديها حسابات أخرى، ويتجلى بها الجانب الاقتصادي، بما يتطلب وجود نجم صف أول على رأس فريق العمل، حتى يتم تسويقه بشكلٍ جيد، أما السينما المستقلة فيكون العمل هو البطل، ويمكن ألا يعرف المشاهد لأحد أعمالها أيًا من الممثلين الذين أمامه على الشاشة، وهذا لا يقلل من قيمة أعمال السينما التجارية، وقيمتها الفنية، لكنها لديها حسابات مختلفة”.

ويضيف الشناوي: “السينما المستقلة دائما ما تكون البوابة لتقديم وجوه جديدة، وهناك عديد من النماذج التي نجحت عبر أعمال السينما المستقلة ونافست نجوم نظيرتها التجارية؛ مثل: دينا ماهر، التي كانت بدايتها الحقيقية فيلم “الخروج للنهار” الذي تم تصنيفه كـ”فيلم مستقل”، ونجح في حصد أكثر من جائزة، لتبدأ بعد ذلك مسيرة ناجحة في المسلسلات الدرامية والأفلام “التجارية”، وكانت آخرها مسلسل “100 وش”، الذي لعبت به دور “نجلاء”، ولاقت قبولا قويا عند الجمهور، لدرجة تحول مشاهدها إلى (كوميكس).

“هي مهنة النفس الطويل، البحث والسعي باستمرار دون انقطاع، فربما يكون العمل القادم الذي تشارك فيه هو سبب خلودك في عقول الجمهور، وخطوة البداية الحقيقية لمسيرتك الفنية سواء من خلال الشاشات الكبيرة أو الصغيرة”.

كما يؤكد الناقد الفني أن الوقوف أمام الكاميرا لا يتطلب أن تكون أكاديميًا، لكن يجب أن تكون “مثقفا فنيا”، ومدركا لأصول المهنة التي قررت الانتماء إليها، “بعض الأكاديميين لديهم شعور بأن المهن الفنية حكرا على دارسيها، لكن التاريخ يثبت عكس ذلك، فهناك عدد كبير من عظماء الفن العربي لم يكونوا أكاديميين، مثل الفنانة الكبيرة شادية، لكن لديهم موهبة أثقلوها بالثقافة، لأن الموهبة وحدها لا تكفي”.

ويختتم الشناوي حديثه: “نأمل أن تكون الأفلام المستقلة التي نجحت مؤخرًا، فرصة لظهور وجوه جديدة على الشاشات، لأنها ستعطي أملًا لكل الفنانين الجدد، والسينما المصرية في حاجة لتجديد الدماء، وارتفاع مستوى المنافسة، ليخرج كل فنان أفضل ما لديه”.

معايير الاختيار

يقول مخرج فيلم “حنة ورد”، مراد مصطفى إن اختيار عناصر فريق العمل من ممثلي “المرة الأولى” أو الهواة يعود إلى معيار أساسي هو أن يكون هناك تلاقي مباشر بين الممثل والشخصية التي سيؤديها، مما يسهل على الفنان الجديد مهمته نسبيًا.

كما يتابع المخرج المصري: “بعد قيامنا بالخطوات الأولى، أثناء التصوير نقوم بزيادة حرية الكاميرا بشكل أقرب إلى الأسلوب الوثائقي، لنعطي الممثلين مساحة واسعة للتحرك والتعبير عن الانفعالات الموجودة بالمشاهد، وهذا يبدد القيود على الفنان، مما يزيد من مساحة الإبداع لديه، ويقدم الدور بأفضل شكل ممكن دون تصنع، فلا يشعر المشاهد للحظة أنه أمام مشهد تمثيلي”.

مساحة حرية أكبر

من جانبها، تقول مخرجة “سعاد”، أيتن أمين، إن تجربة فيلمها الذي كان يضم فريقا كاملا من ممثلي المرة الأولى كانت مميزة تماما، لما تحمله من مساحة حرية أكبر عن الأعمال الأخرى التي تكون لديها عديد من الحسابات بحكم ظروفها الإنتاجية، وازدحام جدول أعمال ممثليها ونجومها.

كما توضح أمين أن تجربة الفيلم، على عكس ظن الكثيرين، لم تكن مرهقة عليها كمخرجة بل ممتعة جدًا، “كانت هناك مساحة واسعة لإعادة تصوير عديد من المشاهد، وفرصة أكبر لأن يخرج كل مشهد على أفضل شكل دون ضغوطات”.

وتتابع مازحة: “كنا نصور عديد من المشاهد في الشارع، ولأن الممثلين غير معروفين، لم ينتبه أحد لنا، وكان لدينا وقت كافي لإعادة تصوير المشاهد، على عكس أن يكون معك فنان معروف في مشهد خارجي، لأنك تحتاج فقط دقائق معدودة لتجد نفسك محاطًا بحشد كبير من الجمهور”.

التجارب القادمة

وبسؤال المخرجين المصريين، عن إذا ما كانوا يملكون ميزانية تكفي لتصوير أفلام مشابهة، هل سيكررون تجاربهم الأولى أم يعتمدوا على النجوم، أوضح المخرج مراد مصطفى أنه سيعيد تجربة فيلمه الأول من جديد، ويعتمد على فنانين جدد بنفس المعايير، “أفلام مثل حنة ورد تحتاج إلى تلك الروح، ويتطلب الأمر أن تملك إيمانًا شخصيًا بما تفعله، دون النظر إلى ظروف الإنتاج، فإذا توفرت لديّ ميزانية ضخمة لن أستخدمها لجلب النجوم، لكن أستفيد منها في أمورٍ أخرى فيما يخص التصوير ومواقعه وكيفية إخراج الفيلم بأفضل شكل ممكن، دون النظر إلى أبطاله”.

كما شاركته الرأي، المخرجة أيتن أمين، معبرة عن أمنيتها في استمرار أبطال الأفلام المستقلة التي نجحت مؤخرًا في مسيرتهم الفنية، ويظهروا أكثر على الشاشات مستقبلًا، لأن التجارب أثبتت أنهم أصحاب موهبة حقيقية، يمكنهم تطويرها بالدراسة والتدريب.

“أحب السينما”

الكل يبحث عن خوض التجربة الأولى في عالم الفن، دون النظر إلى ما قد يجنيه من وراء ذلك، لأن أخذ خطوة البداية يعد نجاحًا في حد ذاته، لكن أن تقودك أول تجربتان لك إلى المشاركة في أكثر من 100 مهرجان سينمائي على المستوى المحلي والعالمي، فهذا لا يحدث كل يوم.

هكذا كانت بداية مسيرة الفنانة الشابة هاجر محمود مع عالم السينما، حيث كانت أحد أبطال فيلمي “سعاد” و”حنة ورد”، اللذان حققا نجاحًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، وما زالا يشاركان في المهرجانات السينمائية حتى الآن.

تقول هاجر محمود (23 عاما) إن “الصدفة” قادتها نحو المشاركة بفيلم “سعاد” الذي ساعدها بعد ذلك في الانضمام إلى “حنة ورد”، لأن مخرجه مراد مصطفى كان مخرجًا مساعدًا بفيلم “سعاد”.

وتضيف هاجر: “في أحد الأيام وجدت إعلاناً لتجارب أداء لفيلم، وكنت قد تركت عملي خلال تلك الفترة، فقررت أن أخوض تلك التجربة، وبداخلي شكوك كثيرة حول قدرتي على النجاح، على الجانب الآخر، كان هناك صوت في عقلي يخبرني بأني ليس لديّ ما أخسره، خاصةً أنني أحب السينما، فقررت الذهاب، لأفاجأ بعد أيام بقبولي ضمن فريق عمل “سعاد”، ومن خلال تجارب الأداء، اختارت المخرجة أيتن أمين دورا لي”.

كما توضح هاجر أنه بالطبع لم يكن سهلًا على مخرجي الأفلام التي شاركت بها إنتاج عمل فني بفريقٍ من “ممثلي المرة الأولى” أو هواة، “كانت هناك عديد من “البروفات” والتدريبات، ليساعدوا كل ممثل داخل العمل للوصول إلى خيوط الشخصية التي يؤديها، حتى يتقمصها، فمجرد وقوفك أمام الكاميرا تخلع شخصيتك الحقيقية وتبدلها بأخرى”.

قامت هاجر محمود بدور “وسام” في فيلم سعاد، ودور “منى” في “حنة ورد”، عن الدورين تقول: هناك نقاط تلاقي بين الدورين، على رأسها التمرد، لكن لكلٍ منهما طريقته في التعبير عن ذلك، وكانت الشخصيتان بعيدتين نسبيًا عن شخصيتي الحقيقية، وحاولت من خلال “المشاهد التجريبية”، أن أقترب منهما أكثر فأكثر، حتى تمكنت من التحول إلى “منى” و”وسام” أمام الكاميرا.

وتؤكد هاجر أنها بالطبع شاركت في الفيلمين، دون التفكير في نجاحهما على مستوى المشاركة في المهرجانات السينمائية، فكان همها الأول تأدية دورها على أكمل وجه، “لكن مع توالي المهرجانات التي شاركت بها الأفلام، باتت لديّ أحلام أكثر، وأتمنى أن يحصد الفيلمان مزيداً من الجوائز المحلية والعالمية”.

كما أعربت هاجر عن رغبتها في الدراسة الأكاديمية فيما يخص التمثيل، لتكون أكثر احترافية خلال الفترة المقبلة. وتختم حديثها مع موقع  “أتمنى أن يكون هناك فرص أكثر للفنانين الجدد للظهور أكثر على الشاشات، قبل أن يهزم اليأس البعض، خاصةً أن أفلام السينما المستقلة التي نجحت مؤخرًا أثبتت أنه يمكنك النجاح بوجوهٍ جديدة”.

 

Most Popular

Recent Comments