شرع البنك المركزي المصري في اتخاذ إجراءات جديدة لتحفيز المواطنين على فتح حسابات بنكية، في خطوة تستهدف تعزيز خطة الدولة لتحقيق الشمول المالي، مما اعتبره خبراء مصرفيون توجها هاما جاء في التوقيت المناسب لإدماج القطاع غير الرسمي في المنظومة الرسمية للاقتصاد المصري.
وبحسب قرار البنك المركزي المصري فقد تم توجيه البنوك لتطبيق الإجراءات المبسطة لفتح الحسابات، والتي يتمكن بموجبها المواطن البسيط من فتح الحسابات الجارية أو الادخارية عبر البنوك بسهولة ويسر.
وقال مصدر بالبنك المركزي المصري إن القرار يستهدف في المقام الأول فئة أصحاب الورش والمحال الصغيرة، وهي الفئة التي لا تتعامل من قريب أو بعيد مع البنوك، وأضاف أن تلك الخطوة تستهدف جذب العاملين في القطاع غير الرسمي للتعامل مع القطاع المصرفي، في ظل توجه الدولة نحو الشمول المالي وتقليل تداول الأموال النقدية «الكاش». وبحسب جهاز الإحصاء المصري فإن المنشآت الاقتصادية غير الرسمية تمثل نحو 53% من إجمالي عدد المنشآت الاقتصادية في كافة محافظات مصر.
العمال وأصحاب المهن
ويسعى البنك المركزي من خلال قراره الأخير إلى معالجة كافة التحديات التي كانت تواجه فئة العمال وأصحاب المهن أثناء فتح الحسابات عن طريق إتاحة استخدام أساليب واقعية وبسيطة قابلة للتطبيق، مثل التأكد من صحة بياناتهم من خلال المتعاملين معهم أو عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي، إذا توافر ذلك، وغيرها من الطرق المتاحة.
وشمل القرار المنشآت متناهية الصغر وأصحاب الحرف والمهن الحرة، حيث وجه «المركزي» بفتح الحسابات لهذه الفئة باستخدام مستند تحقيق الشخصية الخاص بصاحب المنشأة، أو بعض الشركاء تحت مسمى نشاط اقتصادي، في حالة عدم توافر مقر ثابت أو مستندات رسمية، وذلك حال رغبتهم في فتح الحسابات باسم النشاط أو الورش المملوكة لهم.
النبك المركزي أيضا وجه القطاع المصرفي بمراعاة أن تكون المنتجات المصرفية المقدمة لهذه الفئات متناسبة مع حدود أهليتها، وحجم المخاطر المرتبطة بها.
محمود مغربي – صاحب محل صغير لتجارة المواد الغذائية – تابع قرار البنك المركزي وعلق لـ»سكاي نيوز عربية» قائلاً إنه لا يتعامل مع البنوك، ولا يمتلك حسابا مصرفيا ويكاد لا يتعامل مع البنوك إلا في أضيق الحدود.
وأضاف صاحب المحل: «معظم تعاملاتي التجارية تتم نقدا دون تعامل مصرفي، كما أنني لا أفضل التعامل مع البنوك بسبب الإجراءات البيروقراطية التي يتطلبها فتح حساب، لكن لو تم تسهيل الأمر وإلغاء مصاريف فتح الحسابات سأمتلك حسابا، خاصة أن بعض الجهات الحكومية بدأت ترفض الأموال النقدية في بعض تعاملاتها».
وبحسب بيان البنك المركزي فإن قرار تسهيل فتح الحسابات البنكية يعد «خطوة غير مسبوقة» لحل المشاكل التي تواجه المواطنين، خاصة البسطاء منهم، لدى التعامل مع البنوك.
ووفقا لتوجيهات البنك فإنه في حالة اختلاف البيانات الموجودة في مستند تحقيق الشخصية مثل الوظيفة او العنوان عن البيانات التي يقدمها المواطن في نموذج فتح الحساب يتم الاكتفاء بتقديم «كارنيه» أو رخصة مزاولة مهنة أو بطاقة ضريبية أو مستند من الهيئة العامة للتأمينات أو مكتب العمل لإثبات الوظيفة، كما يمكن تقديم فاتورة مياه أو كهرباء أو غاز أو عقد إيجار لإثبات العنوان.
وفي حالة المنشآت متناهية الصغر يتم فتح الحسابات إذا لم يتوافر للمنشأة سجل تجاري أو رخصة ممارسة النشاط، ويمكن الاكتفاء بعقد ملكية، حتى ولو كان عقدا ابتدائياً، أو عقد إيجار.
وبحسب إحصاءات البنك الدولي فإن 33% من المصريين الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاما يمتلكون حسابات مالية بالبنوك أو البريد، كما أنه يمكن إضافة حوالي 44 مليون مواطن إلى القطاع المالي الرسمي.
توجه عام للدولة
وقال الدكتور هشام إبراهيم الخبير المصرفي وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن قرار المركزي يأتي ضمن توجه عام للدولة يتم تنفيذه حالياً، وأضاف أن القرار له فائدة من أكثر من منظور، أهمها ما يتعلق بالتعامل مع الاقتصاد غير الرسمي.
وأكد «إبراهيم» أن الفئة التي يستهدفها البنك المركزي يندرج أغلبها ضمن فئة القطاع غير الرسمي، وبالتالي فإنها لا تستفيد من كل الخدمات التي يقدمها القطاع المصرفي سواء تعلق الأمر بالإقراض أو المنتجات المصرفية الأخرى.
واعتبر الخبير المصرفي أن توقيت إطلاق تلك الخطوة أمر هام، وسط تنفيذ خطة فرض قيود على التعامل النقدية «الكاش»، قائلا: الأمر لا يقتصر على المستويين المالي والاقتصادي فحسب، لكن هناك أبعادا صحية واجتماعية من خلال إتاحة حق للمواطن العادي في الدخول ضمن المنظومة الرسمية.
خطوة البنك المركزي المصري الأخيرة ليست الأولى من نوعها من جانبه في هذا الإطار، إذ أعلن في يناير الماضي عن السماح لأصحاب الفئات العمرية التي تتراوح بين سن 16 إلى 21 سنة بفتح حسابات مصرفية بالبنوك دون الحاجة لموافقة ولي الأمر، وهو القرار الذي لا يتعارض مع القانون، ويستهدف ضم فئة جديدة من المواطنين لمنظومة المصارف.