انتهت الجولة الخارجية لمعرض «أسرار مصر الغارقة» بعد حوالي 6 سنوات من العرض في باريس وإنجلترا وسويسرا و4 مدن أميركية، وضم المعرض 293 قطعة أثرية من المتحف المصري والمتحف اليوناني الروماني ومتحف الإسكندرية ومتحف مكتبة الإسكندرية.
ورغم إعلان وزارة السياحة والآثار المصرية تحقيق المعرض نجاحا واسعا في تلك الدول، إلا أن عرض الآثار المصرية بالخارج يظل قضية مثار جدل طوال الوقت بين الأثريين وخبراء السياحة بمصر.
مخاطرة كبيرة
ويري كبير الأثريين المصريين مجدي شاكر أن المعارض الخارجية للآثار المصرية تحمل في طياتها مخاطر كثيرة لاحتمالية تعرض القطع الأثرية للضرر من كسر أو تلف أثناء عملية النقل أو العرض بالخارج.
ويقول شاكر، في تصريحات لموقع «سكاي نيوز عربية»، «إن المعارض الخارجية ربما تكون وسيلة ترويج، ولكنها لا تتناسب مع طبيعة آثار الحضارة المصرية، خاصة وأن أغلب متاحف الدول تضم قطع أثرية مصرية، ما يعني أن هذا النوع من الدعاية غير مؤثر بشكل كبير، وليس عامل محفز للمخاطرة بعرض الآثار لعدة سنوات بالخارج».
وتنص المادة 10 في قانون رقم 117 لسنة 1983 لحماية الآثار، على أن «يجوز للهيئة تبادل بعض الآثار المنقولة المكررة مع الدول أو المتاحف أو المعاهد العلمية العربية أو الأجنبية وذلك بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير المختص بشئون الثقافة».
وتضيف المادة «يجوز بقرار من رئيس الجمهورية ولمدة محدودة عرض بعض الآثار في الخارج، ولا يسرى هذا الحكم على الآثار التي يحددها مجلس إدارة الهيئة سواء لكونها من الآثار الفريدة أو التي يخشى عليها من التلف».
ويوضح الخبير الأثري، إلى أن مصطلح آثار فريدة في القانون السابق غير سليم، جميع الآثار المصرية فريدة من نوعها نظرا لانتمائها لحضارة لا تقدر بثمن، طارحا تساؤلات حول العائد التي تحصل عليه مصر من المعارض بالخارج وشكل المخاطر التي تتعرض لها القطع المعروضة.
فرصة ترويجية
وترى الخبيرة السياحية راندا العدوي أن المعارض المقامة خارج مصر كنزا ثمينا يثري العقول، خاصة وأن فكرة الترويج للآثار المصرية عبر الاشتراك بالمعارض الدولية ليست بالجديدة.
وتوضح العدوي، في تصريحاتها لموقع «سكاي نيوز عربية»، أن معرض أسرار مصر الغارقة حقق ترويجيا كبيرا لتاريخ عصور وأحداث مختلفة عبر عرض الآثار الغارقة المكتشفة في مدينة الإسكندرية تحت مياه البحر المتوسط، ما يعني إضافة منتجا جديدا للسياحة المصرية.
وتضيف «يجب استغلال نجاح هذا المعرض بعرض الآثار الغارقة في معارض سوق السفر العربي والفيتور الاسباني وأي تي بي برلين ودبليو تي أم الإنجليزي، ودعوة المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لزيارتها».
كما يعتبر أستاذ الآثار والحضارة المصرية القديمة بجامعة القاهرة أحمد إبراهيم بدران أن المعارض الخارجية لها جوانب إيجابية مهمة من بينها، الترويج للآثار المصرية في أكثر من دولة خلال فترة محددة، مشيرا إلى نجاح معرض «توت عنخ آمون» في استقبال 2 مليون زائر في لندن، ونشر دعاية مكثفة للحضارة المصرية في باريس.
ويشير بدران، في تصريحات لموقع «سكاي نيوز عربية»، إلى أن عائد المعارض الخارجية تصبح داعم مهم لوزارة السياحة والآثار المصرية لاستكمال مشروعات الترميم والاكتشافات الأثرية بجانب الميزانية المخصصة لها من الدولة المصرية.
الترويج بشروط
وتؤكد العدوي أن خروج الآثار للمعارض لا يحمل أي جوانب سلبية أثناء النقل من معرض لآخر، خاصة وأنه يتم برعاية كاملة وفقا لمعايير وضوابط محددة وبمرافقة المتخصصين من الأثريين.
ويضيف بدران «مصر لديها الخبرة الكافية لاختيار المؤسسات المنظمة للمعارض، ويجب أن تكون المؤسسة المتقدمة لديها خبرة سابقة وذات مرجعية علمية للتأكد من الحفاظ على آثارنا في الخارج، لذا لا مانع من إقامة المعارض مع وضع ضوابط لفك وتركيب القطع الأُثرية».
بينما يجد شاكر، أن استبدال قطع الآثار الأصلية بالمستنسخات الأثرية في المعارض الخارجية حلا مناسبا للحفاظ على آثار مصر، ووسيلة ترويج بديلة للحضارة المصرية في الوقت نفسه.
وفي السنوات الماضية، أقيمت عدة معارض خارج مصر، من بينهم معرض “توت عنخ آمون» الذي ضم 150 قطعة أثرية من بينهم 60 قطعة عرضت لأول مرة خارج مصر، ومعرض ملوك الشمس في التشيك وضم 90 قطعة أثرية، وعرض 11 تمثالا في معرض آخر ملكات مصر القديمة « كليوباترا» في بريطانيا.