وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي البنك المركزي، بإطلاق برنامج جديد للتمويل العقاري لصالح محدودي ومتوسطي الدخل لدعم قدرتهم على تملك الوحدات السكنية، من خلال قروض طويلة الأجل تصل إلى 30 سنة وبفائدة منخفضة ومبسطة لا تتعدى 3 بالمئة، تحت مسمى «مبادرة التمويل العقاري».
وتشترط المبادرة أن تكون الوحدات مسجلة وليست عليها أي مخالفات، وأن تكون أيضا كاملة التشطيب وجاهزة للمعيشة، لتكون قابلة للاستفادة من قرض التمويل، بهدف توفير شقق لمحدودي ومتوسطي الدخل، وإحداث انتعاشة للقطاع العقاري الذي يعاني ضعف في القوة الشرائية منذ بداية عام 2019.
وتراعي المبادرة أن تكون الأقساط سواء الشهرية أو الربع سنوية في متناول المواطنين، لتنفيذ لتوجيهات الرئيس بضرورة توفير سكن آمن للمواطنين.
فترة سداد طويلة
ويقول أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع علي الإدريسي، إننا «لسنا معتادين على سماع فترة السداد الخاصة بالمبادرة الرئاسية للتمويل العقاري، سواء من جانب البنوك الحكومية أو الخاصة، بخلاف كونها مبادرة مختلفة ومتميزة وتنافسية في نفس الوقت، لأن القسط الذي يدفعه المواطن سيكون أقل من إيجار وحدات سكنية في بعض المناطق».
وتابع الإدريسي في حديثه مع موقع «سكاي نيوز عربية»، أن «القيمة الإيجارية الخاصة بكثير من الشقق في ظل نظام الإيجار الجديد في نفس حدود القسط الخاص بالمبادرة، وهنا سيقوم المواطن بسداد القرض انتهاء بالتملك بعد سنوات السداد»، مطالبا بأن تكون هناك تسهيلات للذين يرغبون في السداد المعجل.
وأكد أستاذ الاقتصاد أن «المبادرة مهمة للغاية لمحدودي الدخل، حيث توفر لهم الاستقرار والحياة الكريمة، خاصة أنه من الصعب عليهم توفير مقابل وحدة سكنية بشكل كامل، بخلاف التقسيط المريح الذي سيؤمن لهم المسكن والمعيشة، بجانب توريثها في المستقبل للأبناء والأحفاد، ويستفيد منها في شكل ضمانات في الحصول على القروض البنكية».
وأوضح: «هناك جانب آخر مرتبط بقطاع العقارات الذي كان يعاني الركود نتيجة عدم يقين المستثمرين والمعلومات الضبابية الخاصة بالسوق، والتساؤلات الدائمة حول مصير جائحة كورونا وتأثيرها على السوق، مما يعني أن المبادرة ستكون محركا قويا للسوق العقارية».
ونوه الإدريسي إلى أن «هناك حزمة من العوائد غير المباشرة للاستفادة، حيث إن المبادرة تعود بالنفع على الاقتصاد المصري كله، لأن حركة الاستثمار والرواج في سوق العقارات تنتقل بالتبعية لجوانب أخرى غير مباشرة، من بينها توفير فرص عمل للشباب والقطاع الصناعي وقطاع النقل، وجذب استثمارات أجنبية، وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج».
أعلى المعدلات العالمية في فترة التمويل
وأكد نائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم، أن حجم مبادرة التمويل العقاري يبلغ 100 مليار جنيه.
وقال نجم إن «مبلغ الـ100 مليار جنيه قابل للزيادة في حال كان الإقبال عليها كبيرا من قبل المواطنين»، مشيرا إلى أن تلك المبادرة تتميز بطول مدتها إلى 30 عاما، التي تعد من أعلى المعدلات العالمية في الفترات الزمنية للتمويل، كما أنها متناقصة، مما يعني أن المواطن المستفيد من المبادرة سيدفع فقط الفائدة على المبالغ المتبقية عليه مع خصم المبالغ المسددة.
وأوضح المسؤول المصرفي أنه «سيتم خلال الأيام المقبلة الإعلان عن كامل التفاصيل والاشتراطات اللازمة للحصول على التمويل من خلال تلك المبادرة، وستراعي أن تكون الأقساط سواء الشهرية أو الربع سنوية في متناول المواطنين».
مواجهة الإيجارات المرتفعة
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد أبو علي، إن «هذه المبادرة تعكس اهتماما كبيرا وحقيقيا من قبل الدولة والقيادة السياسية، للاهتمام بدعم طبقات محدودي ومتوسطي الدخل في إتاحة الفرصة المتوفرة لهم، والحصول علي سكن ملائم وجيد، وهي أبسط الحقوق التي يكفلها لهم الدستور المصري».
وتابع أبو علي في حديثه لموقع «سكاي نيوز عربية»: «تلك المبادرة الرئاسية ستعزز من قدرة الدولة على مواجهة فكرة الإيجارات المرتفعة التي تزيد من العبء المالي على الأسر المصرية غير القادرة على توفير الإيجارات في ظل محدودية دخولهم».
مصر الأرض الخصبة
ويقول عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين محمد البدري، إن «المبادرة لها فوائد عظيمة من كل الاتجاهات، فمحدودو الدخل سيكون بإمكانهم تملك عقارات مع دفع قيمة مماثلة لإيجارها، وعلى المستوى الاقتصادي سيتحرك القطاع العقاري مما سيساعد المستثمرين للعودة مرة أخرى إلى السوق».
وأكد البدري في حديثه لموقع «سكاي نيوز عربية»، أن «قطاعات كثيرة أيضا ستستفيد من المبادرة، حيث إن هناك ملايين فرص العمل ستتواجد في كل قطاعات التشييد، والقطاع الصناعي الذي سيعمل على توفير المواد المستخدمة في القطاع العقاري كصناعات مواد البناء المختلفة، وقطاع المقاولات، بخلاف ذلك انخفاض أسعار الإيجارات في مصر التي تصل أحيانا لأرقام كبيرة جدا».