قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيادة رواتب العاملين في الجهاز الإداري للدولة بنحو 37 مليار جنيه، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه (نحو 150 دولار)، بجانب إقرار علاوتين بتكلفة نحو 7.5 مليار جنيه.
وجاءت قرارات السيسي بعد اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، بحضور نائب وزير المالية للسياسات المالية أحمد كجوك، ونائب وزير المالية للخزانة العامة إيهاب أبو عيش.
والعلاوة الأولى دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وتدفع بقيمة 7 بالمئة من الأجر الوظيفي، أما الثانية فخاصة للعاملين غير المخاطبين بهذا القانون، وقيمتها 13 بالمئة من الراتب الأساسي.
كما وجه السيسي بزيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، بتكلفة إجمالية نحو 17 مليار جنيه، وزيادة قيمة المعاشات بنحو 13 بالمئة بتكلفة إجمالية نحو 31 مليار جنيه، إضافة إلى ترقية الموظفين المستوفين اشتراطات الترقية في نهاية يونيو، بما يحقق تحسنا في أجورهم بقيمة علاوة الترقية المقررة قانونا بكلفة تقدر بنحو مليار جنيه، فضلا عن تخصيص حافز مالي يقدر بنحو 1.5 مليار جنيه للعاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
قرارات تاريخية
قرارات الرئيس المصري وصفها نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار عوض الترساوي، بـ»التاريخية، التي تراعي المصريين وتضمن لهم حياة آمنة ومطمئنة، رغم أنها ستكلف الاقتصاد المصري قرابة الـ60 مليار جنيه».
وتابع الترساوي في حديثه لموقع «سكاي نيوز عربية»، أن «الأجور ارتفعت في مصر قرابة 60 بالمئة عما كانت عليه في عام 2015، وهو ما يعبر عن رؤية قوية وواضحة من الدولة تراعي من خلالها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للجميع، بخلاف أن الزيادة الجديدة أعلى بكثير من معدل التضخم في الأسعار الذي عانى بسببه المواطن، فيما كانت الزيادات السابقة تستهلك في معدلات التضخم المرتفعة ولا يشعر بها المواطن».
وأكد المسؤول المصري أن «الاقتصاد العالمي يعاني في ظل جائحة كورونا، غير أن الاقتصاد المصري صامد ويتعامل بشكل مثالي، ويتوقع له كثير من أساتذة وخبراء الاقتصاد أن يتطور بشكل غير مسبوق خلال العامين المقبلين».
نمو الموازنة 9 بالمئة
وكان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بسام راضي، قد أكد أن وزير المالية محمد معيط عرض أبرز ملامح مشروع موازنة العام المالي 2021-2022، التي تضمنت نموا قدره 9 بالمئة عن تقديرات العام الجاري، وتستهدف خفض العجز الكلي إلى نحو 6.6 بالمئة من الناتج المحلي، وتحقيق فائض أولي قدره 1.5 بالمئة من الناتج المحلي، واستمرار الحفاظ على معدلات المديونية.
وأشار معيط إلى أن «الموازنة تسعى إلى مواصلة جهود الحفاظ على الاستقرار المالي المتوازن في ظل تداعيات جائحة كورونا، وجهود مساندة النشاط الاقتصادي وتحفيزه، من دون الإخلال باستدامة مؤشرات الموازنة والدين، حيث تستهدف تقديراتها الحفاظ على استدامة الانضباط المالي والمديونية الحكومية، ومساندة النشاط الاقتصادي خاصة أنشطة الصناعة والتصدير».
وتابع الوزير أن «الموازنة الجديدة تستهدف دفع جهود الحماية الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطن، والتركيز على دفع أنشطة التنمية البشرية خاصة الصحة والتعليم، وذلك من خلال عدة خطوات، أهمها تخصيص 2.1 مليار جنيه لتمويل السنة الأولى من المشروع القومي لإحلال المركبات، لتغطية نحو 70 ألف سيارة أجرة وميكروباص وملاكي، إلى جانب استمرار التركيز على تطوير منظومة التعليم والصحة، بما فيها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأحوال المالية للمدرسين والأطباء، فضلا عن مواصلة الدعم المقدم لقطاعي الصناعة والتصدير».
هدية للمصريين
ويقول عضو مجلس النواب المصري أحمد السباعي إن «قرارات السيسي هدية للشعب المصري، الذي استطاع الصمود طيلة السنوات الماضية، وها هو يشعر الآن بنتاج ما فعل».
وتابع السباعي في حديثه مع موقع «سكاي نيوز عربية»، أن «الهدف الرئيسي من إصدار قرار زيادة المعاشات وإقرار العلاوات، مواكبة الظروف الاستثنائية الراهنة المصاحبة لتداعيات فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى رفع الأعباء عن كاهل المواطنين».
وأكد النائب المصري أن «السيسي يعي تماما ما فعلته الفئات محدودة الدخل خلال السنوات الماضية، وكان لا بد أن تتم مكافأتهم».
وأوضح السباعي أن «تلك الحزمة من القرارات ستنعكس بالإيجاب على العاملين في القطاع الخاص أيضا، حيث إن العاملين بالدولة من خلال تلك الزيادة سيساعدون على تنشيط الأسواق المحلية، وهو ما سيزيد الفرص أمام القطاع الخاص».
المعاشات الجديدة بداية يوليو
ومن جهة أخرى، قال رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية جمال عوض، إن قرار الرئيس بزيادة قيمة المعاشات بنحو 13 بالمئة تتكلف 31 مليار جنيه، وسيتم تطبيقه يوليو المقبل، منوها أنه «في هذا التوقيت من كل عام تتم زيادة المعاشات».
وصرح عوض أن معدل التضخم العام الماضي كان 5.1 بالمئة، مشيرا إلى أن السيسي وجه أن تكون زيادة معاشات 2021 بنحو 13 بالمئة، بحيث تعوض نسبة التضخم وتوفر زيادة في الدخل الحقيقي لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، مشيرا إلى أن إجمالي تكلفة الزيادة 31 مليار جنيه يستفيد منها 10.5 مليون مواطن.
ويشير قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 إلى زيادة المعاشات في 30 يونيو من كل عام، اعتبارا من أول يوليو، بنسبة معدل التضخم، وبحد أقصى 15 بالمئة.
الحكومة تتحدى نفسها
ويقول نائب الرئيس التنفيذي بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية علي الإدريسي، إن «الحكومة المصرية تتحدى نفسها، لأنها أُلزمت بالقرارات من دون طلب من المواطنين، ويحسب لها اتخاذها في ظل تلك الظروف القاسية التي يعانيها العالم أجمع بسبب جائحة كورونا، التي أثرت على الاقتصاديات العالمية».
وأكد الإدريسي أن «الدولة لديها من الإصرار والعزيمة ما تجعلها تستمر في مواجهة تداعيات كورونا، دون تحميل لأي تراجع في الإيرادات للمواطنين، وما قامت به خلال السنوات الأخيرة نقلة حقيقية في الاستثمار، حيث استطاعت بناء ثقة مع القطاع الخاص والمستثمرين، ووفرت مشروعات وأفكارا استثمارية تدخل عائدا كبيرا».
وأكد نائب الرئيس التنفيذي بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن «جميع دول العالم تحركت فيها الأسعار في ظل أزمة كورونا، وعدد كبير من المصريين لا يشعرون بالجائحة لأن الأسعار ثابتة دون تحريك، وهو ما يجعل مصر تتعامل بشكل إيجابي ومحترف مع الجائحة ومع القدرات المالية والاستثمارية الخاصة بها».
تأثير إيجابي على طلب السلع والخدمات
ويقول خبير التنمية المستدامة والتطوير الحضاري الحسين حسان، إنه «كانت هناك تبعات سلبية للأزمة العالمية خاصة في ظل جائحة كورونا، بخلاف التبعات السلبية التي تأثرت بها أسواق العمل وبالتحديد في مجال الأجور، غير أنه في تلك الفترة كانت مصر تكتب وصفة الإصلاح الاقتصادي».
وأكد حسان لموقع «سكاي نيوز عربية»، أنه «رغم الإصلاح وسياسة التقشف في مصر، فإن الدولة تحاول بكل مؤسساتها التخفيف عن المواطنين من خلال زيادة الرواتب، لتحسين مستوى دخل شريحة واسعة من أفراد المجتمع المصري».
وتابع أن «رفع الرواتب وزياد المعاشات سيكون لهما تأثير مميز على تنشيط الطلب الاستهلاكي على السلع والخدمات، بالإضافة إلى أنها تأتي ضمن حزمة من الإصلاحات تقوم بها مصر لتطوير أداء الجهاز الإداري للدولة».