الرئيسيةالطب والصحةكيف تتطور الفيروسات فى الخفافيش؟

كيف تتطور الفيروسات فى الخفافيش؟

لعبت‭ ‬الخفافيش‭ ‬دورًا‭ ‬وبائيًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭ ‬وإيواء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا،‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا‭ ‬تسبب‭ ‬أمراضًا‭ ‬تنفسية‭ ‬خفيفة‭ ‬في‭ ‬البشر،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تغيرت‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬عندما‭ ‬تسبب‭ ‬فيروس‭ ‬يحمله‭ ‬الخفافيش‭ ‬في‭ ‬وباء‭ ‬المتلازمة‭ ‬التنفسية‭ ‬الحادة‭ ‬الوخيمة‭ (‬سارس‭).‬

تأثرت‭ ‬17‭ ‬دولة‭ ‬بشدة‭ ‬بـ»سارس‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬معدل‭ ‬الوفيات‭ ‬للمرضى‭ ‬فوق‭ ‬60‭ ‬عامًا‭ ‬إلى‭ ‬50٪،‭ ‬وتبع‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وباء‭ ‬متلازمة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التنفسية‭ (‬MERS‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬وأخيرا‭ ‬الوباء‭ ‬الحالي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬انتشر‭ ‬إلى‭ ‬192‭ ‬دولة‭ ‬ومنطقة‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬الخفافيش‭ ‬كانت‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحلقات‭ ‬الثلاثة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أدلة‭ ‬مباشرة‭ ‬بشأن‭ ‬دور‭ ‬الخفافيش‭ ‬في‭ ‬الوباء‭ ‬الحالي،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للجهاز‭ ‬المناعي‭ ‬للخفافيش‭ ‬تحمل‭ ‬غزو‭ ‬الفيروسات‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬دون‭ ‬ظهور‭ ‬علامات‭ ‬إكلينيكية‭.‬

وتناقش‭ ‬مقالة‭ ‬مراجعة‭ ‬حالية‭ ‬نُشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭  ‬Environmental Science and Pollution Research‭ ‬،‭ ‬دور‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬الأوبئة‭ ‬والدور‭ ‬الوبائي‭ ‬للخفافيش،‭ ‬كما‭ ‬تقدم‭ ‬الورقة‭ ‬أيضًا‭ ‬أدلة‭ ‬تساعد‭ ‬فى‭ ‬تحديد‭ ‬دور‭ ‬الخفافيش‭ ‬في‭ ‬وبائيات‭ ‬الوباء‭ ‬الحالي‭.‬

كيف‭ ‬تلعب‭ ‬الخفافيش‭ ‬دورا‭ ‬فى‭ ‬انتقال‭ ‬الفيروسات؟

تمثل‭ ‬الخفافيش‭ ‬حوالى‭ ‬خُمس‭ ‬تنوع‭ ‬الثدييات‭ ‬ولديها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1400‭ ‬نوع،‭ ‬فهى‭ ‬ليلية‭ ‬وهى‭ ‬الثدييات‭ ‬الوحيدة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الطيران‭ ‬المستمر،‭ ‬وتعيش‭ ‬الخفافيش‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬كثيفة‭ ‬كبيرة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬3000‭ ‬خفاش،‭ ‬وهذا‭ ‬القرب‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬انتقال‭ ‬الفيروسات‭ ‬وانتشارها‭ ‬إلى‭ ‬الحيوانات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتعمل‭ ‬الخفافيش‭ ‬كمستودع‭ ‬طبيعي‭ ‬لمختلف‭ ‬الفيروسات‭ ‬الحيوانية‭ ‬المنشأ‭ ‬وتشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬للصحة‭ ‬العامة‭.‬

تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الوبائي‭ ‬للخفافيش‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1920‭ ‬عندما‭ ‬وجد‭ ‬أنها‭ ‬تنشر‭ ‬داء‭ ‬الكلب‭ ‬والفيروسات‭ ‬الأخرى‭ ‬بين‭ ‬الماشية‭ ‬والبشر،‭ ‬وتم‭ ‬تأكيد‭ ‬دور‭ ‬الخفافيش‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1994‭ ‬أثناء‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭  ‬Hendra‭ ‬بين‭ ‬الخيول‭ ‬ونيبا‭ ‬والسارس‭ ‬والفيروسات‭ ‬الخيطية‭ ‬بين‭ ‬البشر‭.‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬فحص‭ ‬الخفافيش،‭ ‬ووجد‭ ‬الباحثون‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفيروسات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العائلات‭ ‬المعروفة‭ ‬مثل‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا،‭ ‬فيما‭ ‬أظهر‭ ‬باحثون‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬الوجود‭ ‬المتزامن‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الجينومات‭ ‬الفيروسية‭ ‬فى‭ ‬الخفافيش‭ ‬يعزز‭ ‬تطور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السلالات‭ ‬المتحولة‭ ‬الجديدة‭ ‬وغير‭ ‬المعروفة‭.‬

دور‭ ‬الخفافيش‭ ‬فى‭ ‬انتقال‭ ‬الأوبئة

هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الخفافيش‭ ‬تلعب‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الوبائي‭ ‬الحاسم‭ ‬منها‭:‬

أولا‭: ‬تعيش‭ ‬الخفافيش‭ ‬طويلاً‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تطير‭ ‬لمسافات‭ ‬طويلة،‭ ‬وتساعد‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬الأفقي‭ ‬والرأسي‭ ‬للفيروسات،‭ ‬أي‭ ‬بين‭ ‬الخفافيش‭ ‬ومن‭ ‬الخفافيش‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭.‬

ثانيًا‭: ‬تعيش‭ ‬الخفافيش‭ ‬بطريقة‭ ‬مكتظة،‭ ‬فقد‭ ‬تعيش‭ ‬ملايين‭ ‬الخفافيش‭ ‬في‭ ‬الكهوف‭ ‬أو‭ ‬الأشجار‭ ‬أو‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬المباني‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬انتقال‭ ‬العدوى‭ ‬من‭ ‬الخفافيش‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان‭ ‬احتمالًا‭ ‬حقيقيًا‭.‬

ثالثًا‭: ‬الخفافيش‭ ‬لديها‭ ‬نظام‭ ‬أيض‭ ‬معدل،‭ ‬فعندما‭ ‬تطير‭ ‬ترتفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الجسم،‭ ‬مما‭ ‬ينشط‭ ‬جهازها‭ ‬المناعي،‭ ‬مثل‭ ‬الحمى‭ ‬لدى‭ ‬البشر،‭ ‬وهذا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬الخفافيش‭ ‬لمجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭.‬

أخيرًا‭: ‬للفيروسات‭ ‬والخفافيش‭ ‬علاقة‭ ‬تطورية‭ ‬مشتركة‭ ‬وهذا‭ ‬مكّنهم‭ ‬من‭ ‬التعايش‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬توازن،‭ ‬ويتضمن‭ ‬تكيف‭ ‬الجهاز‭ ‬المناعي‭ ‬للخفافيش‭ ‬غلوبولين‭ ‬مناعي‭ ‬متعدد‭.‬

وقارن‭ ‬العلماء‭ ‬بين‭ ‬هياكل‭ ‬الجينوم‭ ‬للإنسان‭ ‬والخفافيش،‭ ‬حيث‭ ‬يحتوى‭ ‬الجينوم‭ ‬البشري‭ ‬على‭ ‬7٪‭ ‬من‭ ‬الجينات‭ ‬المناعية،‭ ‬بينما‭ ‬تمتلك‭ ‬الخفافيش‭ ‬2‭.‬75‭ – ‬3.5٪،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخفافيش‭ ‬تمتلك‭ ‬آلية‭ ‬فريدة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاستجابات‭ ‬الالتهابية‭ ‬التي‭ ‬تسببها‭ ‬الفيروسات‭ ‬لمنع‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭.‬

ويحتوى‭ ‬جينوم‭ ‬الخفافيش‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬جينات‭ ‬مهمة‭ ‬للمسارات‭ ‬المضادة‭ ‬للفيروسات‭ ‬والمناعة‭ ‬الفطرية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬الإنترفيرون‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬الخفافيش‭ ‬يحمي‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭.‬

ويستعرض‭ ‬البحث‭ ‬الحالي‭ ‬دور‭ ‬الخفافيش‭ ‬كمستودع‭ ‬طبيعي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الفيروسات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬فهم‭ ‬العوامل‭ ‬المناعية‭ ‬والفسيولوجية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬الخفافيش‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬ويمكن‭ ‬تطوير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬العلاجية‭ ‬الجديدة‭ ‬إذا‭ ‬فهمنا‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للخفافيش‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬منع‭ ‬تعديل‭ ‬البروتين‭ ‬بوساطة‭ ‬الفيروس‭ ‬بعد‭ ‬الغزو‭ ‬الفيروسي‭.‬

Most Popular

Recent Comments