تستغرق إجراءات طلب اللجوء في فرنسا وأوروبا عادة وقتا طويلا وجهدا مضنيا. ومع ذلك، هناك إجراء سريع يضمن الحصول على رد في غضون أسابيع قليلة. إلا أن العديد من الجمعيات التي تعنى بالمهاجرين، تدين طريقة التعاطي مع ملفات اللجوء المستعجلة. فما هي طبيعة تلك الإجراءات؟
ما هو الإجراء المستعجل لطلب اللجوء؟
يستغرق إعداد طلب لجوء عادي 131 يوما تقريبا في فرنسا في 2018. لكن بالنسبة للذين يقومون بإجراءات سريعة لطلب اللجوء، مهلة الانتظار تكون أقصر، إذ تبلغ 15 يوما أي 96 ساعة عندما يكون طالب اللجوء في أحد مراكز الاحتجاز الإداري.
ومثلما هو الحال بالنسبة للطلبات العادية، يتولى مكتب حماية اللاجئين “أوفبرا” النظر في ملفات اللجوء المستعجلة وفحصها. في 2018، أحصى المكتب 37759 طلبا مستعجلا من مجموع 120000، أي بزيادة تقدر بـ 19.6% مقارنة بالسنة السابقة.
ماهي الحالات التي يطلب فيها اللجوء المستعجل؟
هناك حالتان يمكن أن يتم فيهما التسريع في طلب اللجوء.
1/ عندما يكون طالب اللجوء متحدرا من بلد آمن. وتوجد قائمة مفصلة بالبلدان الآمنة على الموقع الرسمي لمكتب حماية اللاجئين. ومن بين هذه البلدان ألبانيا والسنغال وغانا.
2/ عندما يتم رفض طلب لجوء بصفة نهائية في حين أن طالب اللجوء يريد إعادة النظر في ملفه من جديد.
وهناك حالات أخرى، تسمح لمكتب حماية اللاجئين بالتسريع في إجراءات اللجوء، مثل:
– رفض طالب اللجوء رفع بصمته الإلكترونية.
– محاولة طالب اللجوء الاحتيال من خلال تقديم مستندات مزيفة على سبيل المثال أو إخفاء معلومات معينة أو تقديم عدة طلبات تحت هويات مختلفة.
– انتظارطالب اللجوء أكثر من 120 يومًا منذ وصوله إلى فرنسا قبل التقدم بطلب للجوء.
ما هي أكثر الجنسيات المعنية بالتسريع في إجراء اللجوء؟
وفق تقرير صادر في 2018 عن مكتب حماية اللاجئين في فرنسا، تحتل ألبانيا المرتبة الأولى من حيث عدد الطلبات المستعجلة بنسبة 19.7%، وتليها جورجيا بنسبة 16% ثم أرمينيا بنسبة 5.5% وأفغانستان بنسبة 4.9% ثم السنغال بنسبة 4.8%. وتعد كل هذه البلدان -باستثناء أفغانستان- آمنة بالنسبة إلى فرنسا.
و”يعود السبب الرئيسي إلى ارتفاع عدد الأفغان الذين يقدمون طلبات لجوء مستعجلة، إلى أن طلباتهم غالبا ما تكون ليست الأولى في أوروبا. فهم كثيرا ما يذهبون أولا إلى السويد أو ألمانيا”. توضح المحامية أود ريمايلهوالتي ترافق العديد من المهاجرين في إعداد ملفاتهم.
وتضيف “بمجرد الوصول إلى كاليه، يجد الأفغان أنفسهم مضطرين لتقديم طلب لجوء جديد في فرنسا، في حين أنهم في أغلب الأحيان يحاولون الوصول إلى إنكلترا”. وتقول المحامية: “في فترة من الفترات، كان هناك عدد من السودانيين الذين قاموا بإجراءات مستعجلة لأنهم رفضوا رفع بصماتهم أو وضعوا لاصقا على أصابعهم كي لا يتمكن الأعوان من أخذ بصماتهم بوضوح”.
هل يمكن استئناف طلب لجوء مستعجل تم رفضه؟
الأمر ممكن ولكن الاستئناف يختلف حسب نوع طلب اللجوء.
– إذا كانت الإجراءات عادية، فستستمع المحكمة الوطنية لحق اللجوء من خلال 3 قضاة إلى طالب اللجوء في غضون 5 أشهر من تاريخ تسجيل الاستئناف.
– إذا كان طلب اللجوء مستعجلا، يقع الاستماع إلى الشخص عن طريق قاض واحد في غضون 5 أسابيع من تاريخ تسجيل الاستئناف، ما لا يترك متسعا كبيرا من الوقت لإعداد الوثائق اللازمة وجمعها أو ترجمتها.
هل يعتبر الإجراء المستعجل فرصة أم عقابا؟
العديد من الجمعيات التي تساعد المهاجرين ترفض الإجراءات المستعجلة للجوء، وتعتبر أن الملفات في هذه الحالة تدرس بشكل متسرع للغاية قد يؤدي إلى الرفض. جمعية فرنسا أرض لجوء تضع مثلا على موقعها الإلكتروني ” إذا كنت تقوم بإجراء مستعجل لطلب اللجوء، ننصحك بالذهاب إلى أقرب منصة لطلب المساعدة.” وبالنسبة لجمعية سيماد “هذه الإجراءات المستعجلة لا خير فيها، ونطالب بإلغائها”. وقالت متحدثة باسم الجمعية لمهاجر نيوز “التسريع في المدة الزمنية يضر بحقوق طالبي اللجوء”.
من جهتها، تقول المحامية أود ريمايلهو: “من حيث الإجراءات، يمكن اعتبار طلبات اللجوء المستعجلة عقابا. ونلاحظ ذلك خاصة في المحكمة الوطنية لحق اللاجئ عندما يتم رفض طلب ما. وعلى عكس طالب اللجوء المعتاد، الذي يكون له متسع من الوقت لإعداد ملفه وتجميع وثائقه، سيستمع قاض واحد للشخص الذي تقدم بطلب لجوء مستعجل مقابل ثلاثة ثلاثة قضاة لمن يتبع إجراء عاديا. ويكون التصريح بالحكم في غضون خمسة أسابيع”. وتضيف أنه مع اعتماد قانون اللجوء والهجرة الجديد في الخريف الماضي، تبرز مشكلة أخرى، “فالأشخاص الذين يخضعون لإجراء مستعجل يمكن أن يمنعوا من حق الإقامة. فرغم الوثيقة المؤقتة التي تقدم إليهم في انتظار استماع المحكمة الوطنية لهم، يمكن أن يطلب منهم ترك الأراضي الفرنسية فورا. وفي هذه الحالة، يقع الاستئناف في غضون 15 يوما للطعن في القرار”.
وتشير المحامية إلى أن طلبات اللجوء المستعجلة لا تفضي كلها إلى رفض. “بالنسبة للأشخاص الذين جاؤوا من بلدان آمنة، الأمر يكاد يكون مستحيلا. وفي الوقت الحالي، هناك عدد كبير من الأفغان الذين ينجحون في الحصول على حق اللجوء. وفي هذه الحالات لا يكون إجراء طلب اللجوء المستعجل عقابا، بل هو نهاية لسنوات من الضياع والتشرد”.
هل يمكن الرجوع إلى إجراء كلاسيكي بعد طلب لجوء مستعجل؟
يمكن لمكتب حماية اللاجئين رفع الإجراء المستعجل للأفراد الذين ينتمون لأسرة واحدة. ” كنت أتابع حالة شقيقين، الأول طلب اللجوء من خلال إجراء عادي والثاني من خلال إجراء مستعجل. وتقرر لاحقا، دراسة ملفيهما باتباع الإجراءات المعتادة.”
لكن عندما يكتشف أن الملف أكثر تعقيدا مما يبدو أو عندما تظهر في الأفق مشاكل صحية، يمكن لطالب اللجوء العودة إلى الإجراء العادي بعد موافقة مكتب حماية اللاجئين.”أتذكر قصة شخص كان يحمل جنسية مزدوجة وجاء من بلد آمن، أما البلد الثاني فلم يكن آمنا. ونظرا لتعقيدات الملف والحاجة إلى التعمق فيه، تمت العودة إلى الإجراء العادي”. تقول المحامية.
ووفقا لتقرير صادر عن مكتب حماية اللاجئين في 2018، تم تحويل 24 ملف طلب لجوء مستعجل إلى إجراءات كلاسيكية لتقديم طلبات اللجوء.