بعد أن توالت الضغوط الأميركية على تركيا، في ملفات عدة، ومن بينها حقوق الإنسان، صار الرئيس رجب طيب أردوغان يولي الملف الحقوقي والإصلاحي اهتماما كبيرا بدا مفاجئ لرئيس زج بعشرات الآلاف من معارضيه في السجون.
وكانت أحدث حلقة من الضغوط الأميركية على تركيا، رسالة كتبها 170 عضوا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وحث هؤلاء في رسالتهم إدارة الرئيس جو بايدن على الاهتمام بملف «حقوق الإنسان المقلق في تركيا».
ومما جاء في الرسالة أن «الرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية استخدموا السلطة لنحو عقدين من الزمن لإضعاف القضاء، وتعيين حلفاء سياسيين في المناصب العسكرية والاستخباراتية الرئيسية، وقمع حرية التعبير والصحافة».
وتابعت الرسالة المؤرخة بـ26 فبراير الماضي:»لقد حظيت القضايا الاستراتيجية باهتمام كبير بحق في علاقتنا الثنائية، لكن الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان والانتكاسة الديمقراطية التي تحدث في تركيا يشكلان أيضا مصدر قلق كبير».
وقبل هذه الرسالة، وجهت إدارة بايدن سلسلة انتقادات إلى ملف حقوق الإنسان في تركيا، رغم أنه لم يمض على توليها السلطة في واشنطن أقل من شهرين.
وعود بالإصلاح
وإزاء هذه الضغوط الأميركية، أعلن أردوغان، الثلاثاء، سلسلة من الإصلاحات تهدف إلى تحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد، وفق ما أوردت وكالة «أسوشيتد برس».
لكن حقوقيين ومعارضين شككوا في جدية هذه الإصلاحات، لا بل قالوا إنها محاولة لترسيخ سلطة أردوغان.
وفي خطاب متلفز، تعهد أردوغان بتسريع إجراءات المحاكمة، وتحسين الحريات الصحفية وحرية التعبير، ومنح الأقليات الحق في الحصول على عطلة مدفوعة الأجر خلال الأعياد غير الإسلامية، والحد من العنف ضد المرأة.
وقال أردوغان إن مئات الإجراءات التي قال إنها ستنفذ في العامين المقبلين، مضيفا أن الهدف النهائي لحكومته سيكون صياغة دستور جديد.
وأعرب المعارضون عن مخاوفهم من أن الدستور الجديد سيكون موجها نحو ترسيخ سلطات أردوغان.
وقال محللون إن إصلاحات أردوغان تفتقر إلى إجراءات ملموسة لتعزيز حقوق الإنسان.
وذكر هوارد إيسنستات، وهو خبير في الشؤون التركية في جامعة سانت لورانس في نيويورك: «الأمور الإيجابية كانت هامشية حقا».
وأضاف إيسنستان: «لا يوجد امر ملموس يذكر حول كيفية تغيير ذلك الوضع، على سبيل المثال، تجربة الصحفيين الذين ينقلون معلومات لا تريد الحكومة نشرها.. كان هناك القليل لشرح كيف سيؤدي ذلك إلى تقليل عدد السجناء السياسيين».
وتأتي الإصلاحات المفترضة في وقت تحاول فيه تركيا إصلاح علاقاتها مع الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية لتعويض آثار التدهور الاقتصادي.
خطاب ديسمبر
وإطلاق الوعود المراوغة من جانب أردوغان ليس جديدا، خاصة مع إدارة بايدن، إذ إنه أعلن في ديسمبر الماضي أنه سيطلق إصلاحات تشمل الديمقراطية والقانون والاقتصاد، لكن لم يحدث شيء على الأرض حتى الآن.
وتملك تركيا سجلا سيئا في ملف حقوق الإنسان، كما تظهر بيانات المنظمات الحقوقية، التي تقول إن البلاد تشهد أزمة حقوقية عميقة منذ عام 2016، وتحديدا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف ذلك العام، حيث أطلق أردوغان حملة «التطهير».
واستغل أردوغان محاولة الانقلاب للانتقام من خصومه السياسيين، لا سيما حركة الداعية فتح الله غولن، وحزب الشعوب المؤيد للأكراد، ودفع بالآلاف من هؤلاء إلى السجون، وبعضهم دون محاكمة حتى الآن.