الرئيسيةالهجرةالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.. كيف تعمل؟ ومتى يمكن للاجئين التوجه إليها؟

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.. كيف تعمل؟ ومتى يمكن للاجئين التوجه إليها؟

دعت‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬كرواتيا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬تفسير‭ ‬ممارساتها‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬إبعاد‭ ‬المهاجرين‭ ‬عن‭ ‬حدودها،‭ ‬كما‭ ‬أدانت‭ ‬المجر‭ ‬ودولا‭ ‬أخرى‭ ‬لرفضها‭ ‬استقبال‭ ‬المهاجرين‭. ‬وقد‭ ‬يتجه‭ ‬اللاجئون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المحكمة‭ ‬للطعن‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬الطرد‭ ‬المتخذة‭ ‬بحقهم‭ ‬أو‭ ‬لشجب‭ ‬ظروف‭ ‬الاستقبال‭. ‬مهاجرنيوز‭ ‬يقدم‭ ‬شرحا‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬المحكمة‭ ‬ووظيفتها‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان؟

المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬هي‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬قضائية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭. ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ستراسبورغ‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬فرنسا،‭ ‬وتتمثل‭ ‬مهمتها‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬احترام‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬لنحو‭ ‬830‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الـ47‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬أوروبا‭. ‬تأسست‭ ‬عام‭ ‬1959،‭ ‬وتضم‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ ‬وروسيا‭ ‬وأرمينيا‭.‬

من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأحكام،‭ ‬تستند‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لعام‭ ‬1950‭. ‬وصدّقت‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1974،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الحقوق‭ ‬وتأمينها‭ ‬والمساواة‭ ‬وحرية‭ ‬التجمع‭ ‬والتعبير‭ ‬والعقيدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسائل‭ ‬متعلقة‭ ‬باحترام‭ ‬الخصوصية‭ ‬وتجريم‭ ‬الرق‭ ‬والإتجار‭ ‬بالبشر‭.‬

يقول‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬موظفي‭ ‬رئاسة‭ ‬المحكمة‭ ‬باتريك‭ ‬تيتيون‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬مهاجر‭ ‬نيوز،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تحاكم‭ ‬الدول‭ ‬المُوقعة‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬فقط‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‭ ‬الممكن‭ ‬اتخاذها‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬نفسه‭. ‬ويوضح‭ ‬تيتيون‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أولا‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬محاكم‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬تريد‭ ‬توجيه‭ ‬التهم‭ ‬إليه،‭ ‬واستنفاذ‭ ‬جميع‭ ‬السبل‭ ‬القانونية‭ ‬هناك،‭ ‬بما‭ ‬يتضمن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬أو‭ ‬مجلس‭ ‬الدولة‭ ‬مثلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المسألة‭ ‬إدارية‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الإجراءات‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬المعني‭.‬

هل‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ملزمة؟

‮«‬نعم‭. ‬إن‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ملزمة،‭ ‬لأن‭ ‬الدول‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬الخضوع‭ ‬للاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصديق‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬تيتيون‭. ‬ويوضح‭ ‬أن‭ ‬تنفيذها‭ ‬يتم‭ ‬بمراقبة‭ ‬لجنة‭ ‬الوزراء،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬أوروبا‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭. ‬وعندما‭ ‬تصدر‭ ‬المحكمة‭ ‬حكمها،‭ ‬يُحال‭ ‬الحكم‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬الوزراء،‭ ‬التي‭ ‬تصبح‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬المعنية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬القرار‮»‬‭.‬

في‭ ‬حالات‭ ‬نادرة،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬مترددة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬ما،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬لمنح‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬لسجنائها‭.‬

‮«‬إن‭ ‬أحكام‭ ‬المحكمة‭ ‬ليست‭ ‬ملزمة‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكنها‭ ‬تمثل‭ ‬أيضا‭ ‬إشارة‭ ‬قوية‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬المدانة‭ ‬وإلى‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬أوروبا‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬المحامي‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والأوروبي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬ستراسبورغ‭ ‬جوليان‭ ‬مارتان‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬أدانت‭ ‬المحكمة‭ ‬تركيا‭ ‬بشأن‭ ‬إجراءات‭ ‬اعتقال‭ ‬الأشخاص،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بإمكان‭ ‬المحامين‭ ‬التدخل‭ ‬خلال‭ ‬الساعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬احتجاز‭ ‬الشخص،‭ ‬فعمدت‭ ‬فرنسا‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬تشريعاتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تُدان‭ ‬بدورها‭. ‬ويرى‭ ‬مارتان‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المثال‭ ‬يثبت‭ ‬فاعلية‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬ويصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أداة‭ ‬رائعة‭ ‬تبني‭ ‬قانونا‭ ‬قضائيا‭ ‬حقيقيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭.‬

من‭ ‬يمكنه‭ ‬التقدم‭ ‬للمحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬فعله؟

يمكن‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬استنفذ‭ ‬سبل‭ ‬الاستئناف‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬الوطنية،‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬بطلب‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وذلك‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الـ47‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬أوروبا‭. ‬أي‭ ‬بإمكان‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭. ‬‮«‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شخص‭ ‬يخضع‭ ‬لإجراءات‭ ‬طرد‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ولكنه‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬للتعذيب‭ ‬عند‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬بلده‭ ‬الأم،‭ ‬فيمكن‭ ‬تقديم‭ ‬طلب‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وإذا‭ ‬خلص‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬التعذيب‭ ‬قائم،‭ ‬فإن‭ ‬فرنسا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬طرد‭ ‬الشخص‮»‬،‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬يؤكده‭ ‬باتريك‭ ‬تيتيون‭.‬

ويمكن‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬القاصرين‭ ‬الأجانب‭ ‬غير‭ ‬المصحوبين‭ ‬بذويهم‭ ‬والذين‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬مأوى‭ ‬مثلا،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬طالبي‭ ‬اللجوء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حقوقهم‭ ‬كشروط‭ ‬الاستقبال‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الفرنسي‭. ‬لكن‭ ‬يذكّر‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مقدم‭ ‬الطلب‭ ‬قد‭ ‬استنفذ‭ ‬جميع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوطنية‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬قبل‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭. ‬ولا‭ ‬يغفل‭ ‬مارتن‭ ‬ذكر‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬المدّعي،‭ ‬‮«‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬تستغرق‭ ‬بالفعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قد‭ ‬تطول‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمدة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬ثلاث‭ ‬وخمس‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬الصعوبة‭ ‬على‭ ‬الوقت‭ ‬الطويل‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬توجد‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬ليست‭ ‬سهلة‭ ‬وهي‭ ‬ملؤ‭ ‬نموذج‭ ‬الطلب‭ (‬القابل‭ ‬للتنزيل‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭). ‬‮«‬هناك‭ ‬عدد‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المتطلبات‭ ‬الإجرائية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بكل‭ ‬ذلك،‭ ‬يتم‭ ‬رفض‭ ‬الطلب‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لغالبية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المرفوعة‭ ‬حاليا‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬باتريك‭ ‬تيتيون،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬المحامي‭ ‬ليس‭ ‬إجباريا‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الطلب‭ ‬لكن‭ ‬يُنصح‭ ‬الاستعانة‭ ‬به‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الالتزام‭ ‬بتطبيق‭ ‬الإجراءات‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭.‬

يؤكد‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشراك‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تجنبها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭. ‬ملء‭ ‬نموذج‭ ‬الطلب‭ ‬صعب‭ ‬جدا‭ ‬والشروط‭ ‬صارمة‭ ‬للغاية‭. ‬يجب‭ ‬اختيار‭ ‬الأجوبة‭ ‬المطابقة‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬الشخص‭ ‬وتوقيع‭ ‬الأوراق‭ ‬وشرح‭ ‬قضية‭ ‬المدعي‭ ‬في‭ ‬صفحتين‭ ‬فقط‭. ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية،‭ ‬بإمكان‭ ‬الجميع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الأوراق،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬تعيين‭ ‬محامٍ‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬لمارتن‭ ‬يمكن‭ ‬للمحكمة،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬بشأن‭ ‬شروط‭ ‬قبول‭ ‬الملف‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬مقدم‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حرج‭ ‬للغاية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬احتجاز‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬عالجت‭ ‬المحكمة‭ ‬597‭ ‬شكوى‭ ‬تتعلق‭ ‬بفرنسا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬578‭ ‬شكوى‭ ‬لم‭ ‬تقبلها‭ ‬المحكمة‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬متابعتها‭. ‬أصدرت‭ ‬19‭ ‬حكماً‭ (‬بشأن‭ ‬19‭ ‬طلباً‭) ‬كان‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬منها‭ ‬انتهاكاً‭ ‬واحداً‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬للاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬‮«‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬تعتمد‭ ‬سياسة‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬الإخلاء‭ ‬وإلغاء‭ ‬الحجز‭. ‬وهذا‭ ‬يشكك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬طرق‭ ‬دراسة‭ ‬القضايا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المحكمة‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬أسباب‭ ‬قرارها‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الطلب‭ ‬غير‭ ‬مقبول‮»‬،‭ ‬يأسف‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭ ‬قائلا‭ ‬‮«‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أيضا‭ ‬تقديم‭ ‬نفس‭ ‬الطلب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تمت‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬الملف‮»‬‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬في‭ ‬إجراء‭ ‬طارئ‮»‬‭ ‬لطلب‭ ‬تعليق‭ ‬الطرد‭ ‬أو‭ ‬تسليم‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬بلده‭ ‬الأم،‭ ‬بينما‭ ‬تصدر‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬قرارها‭ ‬النهائي‭ ‬بشأن‭ ‬القضية‭. ‬‮«‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬المحكمة‭ ‬طلبات‭ ‬التعليق‭ ‬المؤقت‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية،‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬مقدم‭ ‬الطلب‭ ‬معرضا‭ ‬لخطر‭ ‬حقيقي‭ ‬بحدوث‭ ‬ضرر‭ ‬جسيم‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‮»‬‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬الملائم‭ ‬أن‭ ‬يتوجه‭ ‬المهاجر‭ ‬أو‭ ‬اللاجئ‭ ‬أو‭ ‬الأجنبي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان؟

بحسب‭ ‬باتريك‭ ‬تيتيون،‭ ‬فإن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬أداة‭ ‬مفيدة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬لحقوق‭ ‬المنفيين،‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬استفادوا‭ ‬منها‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬يوجد‭ ‬حاليا‭ ‬حوالي‭ ‬350‭ ‬حالة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمهاجرين‭ ‬أو‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬غير‭ ‬نظامي‭. ‬وخارج‭ ‬الحالات‭ ‬الشخصية،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تغيير‭ ‬تشريع‭ ‬الدولة‭ ‬والنهوض‭ ‬بحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬سيليادين،‭ (‬مهاجرة‭ ‬توغولية‭ ‬تعرضت‭ ‬للاستعباد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬أفارقة‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭). ‬وبعد‭ ‬صدور‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬جرّمت‭ ‬فرنسا‭ ‬العبودية‭ ‬المنزلية‭.‬

بشكل‭ ‬عام،‭ ‬يبرر‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭ ‬وجود‭ ‬حالات‭ ‬عديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأجانب‭ ‬والمهاجرين،‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اللجوء‭ ‬وحق‭ ‬الإقامة‭ ‬عرضة‭ ‬بانتظام‭ ‬للانتهاك‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭ ‬3‭ (‬حظر‭ ‬المعاملة‭ ‬المهينة‭) ‬من‭ ‬الاتفاقية‮»‬‭. ‬ويستذكر‭ ‬قضية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬رفضت‭ ‬بلجيكا‭ ‬طلب‭ ‬لجوء‭ ‬عائلة‭ ‬أفغانية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬اليونان‭ ‬بسبب‭ ‬اتفاقية‭ ‬دبلن‭. ‬ورفضت‭ ‬الأسرة‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬اليونان‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬ظروفها‭ ‬المعيشية‭ ‬مروعة،‭ ‬وتوفي‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬أبنائها‭. ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬أثرها‭ ‬إدانة‭ ‬اليونان‭ ‬وبلجيكا‭ ‬بشدة،‭ ‬وعالجت‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬طلب‭ ‬اللجوء‭ ‬الخاص‭ ‬بالعائلة‮»‬‭.‬

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المادة‭ ‬3‭  ‬بشأن‭ ‬حظر‭ ‬المعاملة‭ ‬المهينة‭ ‬للاتفاقية،‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمهاجرين‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أدينت‭ ‬فرنسا‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬السلطات‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬قاصر‭ ‬أجنبي‭ ‬غير‭ ‬مصحوب‭ ‬قبل‭ ‬عملية‭ ‬تفكيك‭ ‬مخيم‭ ‬‮«‬غابة‭ ‬كاليه‮»‬‭ ‬وبعدها‭.‬

فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسألة‭ ‬‮«‬الإعادة‭ ‬القسرية‮»‬‭ ‬للمهاجرين‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬مؤخرا‭ ‬موضوع‭ ‬قضية‭ ‬رفعها‭ ‬ثلاثة‭ ‬سوريين‭ ‬ضد‭ ‬كرواتيا،‭ ‬فقد‭ ‬صدرت‭ ‬بالفعل‭ ‬أحكام‭ ‬ضد‭ ‬الطرد‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬طرد‭ ‬ثلاثة‭ ‬عراقيين‭ ‬من‭ ‬السويد‭.‬

إذا‭ ‬رفضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الملف،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬استئناف‭ ‬القرار؟‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬التابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي؟

‮«‬عندما‭ ‬ترفض‭ ‬المحكمة‭ ‬الملف،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬أسبابا‭ ‬لذلك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استئنافه‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حتى‭ ‬تقديم‭ ‬الطلب‭ ‬نفسه‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يمكن‭ ‬الاستعانة‭ ‬بلجنة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تراقب‭ ‬تطبيق‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬عليه‭ ‬173‭ ‬دولة‭. ‬لكن‭ ‬آراء‭ ‬تلك‭ ‬اللجنة‭ ‬وتوصياتها‭ ‬ليست‭ ‬إجبارية‭. ‬بحسب‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭.‬

محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية‭ ‬تتبع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهي‭ ‬مؤسسة‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما،‭ ‬مقرها‭ ‬لوكسمبورغ‭. ‬وبحسب‭ ‬باتريك‭ ‬تيتيون،‭ ‬فإن‭ ‬عملها‭ ‬يضمن‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وتوحيد‭ ‬تفسيره‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬الاتحاد‭ ‬ويتعامل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬‮«‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الاقتصادية‮»‬‭. ‬أما‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬لاهاي،‭ ‬فهي‭ ‬الجهاز‭ ‬القضائي‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبت‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

هناك‭ ‬أيضا‭ ‬محاكم‭ ‬قارية‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬المحكمة‭ ‬الأفريقية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬محكمة‭ ‬الدول‭ ‬الأمريكية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬‮«‬يجعل‭ ‬أحكام‭ ‬القضاء‭ ‬واعدة‭ ‬للغاية‭ ‬والتي‭ ‬تلهم‭ ‬عمل‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭. ‬وقد‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تواجه‭ ‬قضايا‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬جوليان‭ ‬مارتن‭ ‬الذي‭ ‬يرحب‭ ‬‮«‬بالحوار‭ ‬البنّاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقدم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬المؤسستين‭.‬

Most Popular

Recent Comments