مع انتهاء مفاعيل الحجر الصحي في فرنسا، أطلق الاتحاد العمالي العام (CGT) نداء للحكومة الفرنسية والجهات الرسمية لتسوية أوضاع العمال المهاجرين، خاصة أولئك العاملين في مجالات أثبتت ضرورتها خلال الحجر الصحي، كخدمات التوصيل والنظافة العامة والخدمة المنزلية. ودعا الاتحاد إلى المشاركة في المظاهرات المقررة في الـ20 من الشهر الجاري دعما لحقوق هذه الفئة من المهاجرين.
دعا الاتحاد العمالي العام في فرنسا (CGT) إلى المشاركة الكثيفة في المظاهرات المقررة في 20 حزيران/يونيو، للمطالبة بتنظيم أوضاع العمال المهاجرين الذين لا يحملون أوراقا أو إقامات، وضمان حقوقهم في المؤسسات التي يعملون بها، والحق في الحماية الاجتماعية والاقتصادية لجميع المهاجرين.
وسلط الاتحاد العمالي العام، الذي يتابع قضايا العمال المهاجرين منذ سنوات عديدة، الضوء على دور العمال ممن لا يحملون وثائق أو إقامات في قطاعات كاملة من الاقتصاد الفرنسي.
وحسب الاتحاد، فقد ساهمت إجراءات الحد من انتشار جائحة كورونا في فرنسا بإبراز هذا الواقع. هذه الحقيقة دفعت بالاتحاد خلال فترة الحجر الصحي، للتواصل مع رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ووزارة العمل، والمطالبة بتنظيم الأمور الإدارية لهؤلاء العمال.
خط المواجهة الأول مع الجائحة
كان هؤلاء العمال المياومون في الشركات اللوجستية الكبيرة أو مؤسسات البناء والعقارات على خط المواجهة الأول مع الجائحة، كانوا يعملون بالسر، مجبرين، وهم مهددون بالفصل من العمل في أي لحظة والبقاء بدون دخل. لقد كانوا من بين «أوائل من أدّوا واجبهم»، وفي كثير من الأحيان على حساب صحتهم أثناء الوباء.
وحول سبب إطلاق هذه الحملة الآن، تقول ليز فارون من جمعية سيماد، إن «الأزمة الصحية سلطت الضوء على الكثير من الأشياء».
وتصر فارون على ضرورة القيام بإصلاحات شاملة لقوانين الإقامة مع إجراءات أقل تعقيدا، «من الملح تغيير المسار».
أما ماريلين بولين، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد العمالي العام، فتقول «كان فيروس كورونا بمثابة محفز»، لقد بينت الأزمة واقع هؤلاء الذين كانوا غير مرئيين من قبل.
وتضيف بولين «في حين أن غالبية الفرنسيين خضعوا للحجر الصحي 17 آذار/مارس للحد من انتشار كورونا، استمر الآلاف من العمال غير الموثقين بأداء مهماتهم. العديد منهم كانوا على الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة، فغالبيتهم يعملون في وظائف يقال إنها ذات فائدة اجتماعية أساسية، مثل تنظيف المباني وخدمات التوصيل وفرز النفايات والزراعة».
ووفقا لعضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العمالي العام، «من الضروري إظهار الشجاعة السياسية من أجل تنظيم أوضاع المهاجرين غير الشرعيين. جميع الحكومات تخشى من العواقب التي قد تترتب على مثل هذا الإجراء على الرأي العام الفرنسي، ولكن عندما نقول إننا حصن ضد اليمين المتطرف، فعلينا أن نتصرف في هذا الاتجاه».
ومع الأزمة الاقتصادية التي تبعت إجراءات الحجر الصحي في البلاد، يجد هؤلاء المهاجرون أنفسهم عرضة مرة أخرى للتهميش، في الوقت الذي يفترض بهم أن يكونوا في صفوف الأشخاص الذين يجب أن يحتفى بهم ويشاد بإنجازاتهم.
للمزيد>>> مئات من عمال التوصيل المهاجرين يطالبون شركة فرنسية بتسويه أوضاعهم
وجاء إضراب المئات من عمال التوصيل غير الحاصلين على أوراق شرعية في مؤسسة فريشتي (Frichti) منذ الرابع من حزيران/يونيو، كمثال على تلك التعديات. ففي حين قامت هذه الشركة بتوظيفهم تحت مسمى «أصحاب أعمال حرة» دون التحقق من تصاريح إقامتهم، عادت وتخلت عن خدماتهم بمجرد انتشار الخبر في الصحافة المحلية، ما عرضهم لمخاطر اقتصادية واجتماعية.
«دفعوا ثمنا باهظا على حساب صحتهم»
تجدر الإشارة إلى أنه في فرنسا، يشغل العمال المهاجرون مهنا ينحى الكثير من السكان المحليين إلى إهمالها أو عدم العمل بها، ولكنها ضرورية لاستمرار المجتمع والحفاظ على الصحة العامة، كالتنظيف والزراعة وبعض الأنشطة التجارية وخدمات التوصيل…
وتمت الإشادة على مختلف المستويات بهذه الأنشطة، وشكرت السلطات العاملين بها في بعض الأحيان خلال فترة الحجر الصحي، لكن العاملين بها دفعوا ثمنا باهظا على حساب صحتهم، حسبما يتضح من أرقام الوفيات المرتفعة في منطقة سين سان دوني شمال باريس على سبيل المثال.
80% من اليد العاملة الزراعية هي من المهاجرين
ويحظى القطاع الزراعي بالعدد الأكبر من هؤلاء العمال. وأدى إغلاق الحدود الفرنسية إلى زيادة الوعي حول ضرورة الاعتماد على الإنتاج المحلي، ما يعني الاعتماد على أنشطة العمال المهاجرين الموسميين، حيث تبلغ نسبتهم من إجمالي القوى العاملة في المجال الزراعي في البلاد نحو 80%.
ولعل دعوة وزير الزراعة الفرنسي ديدييه غييوم كافة الأيدي العاملة المتاحة للمساعدة في زراعة وحصاد الخضروات والفاكهة، تشهد على مخاوف من «نقص» في الاستجابة لحاجة هذا القطاع واعترافا بدور العمال المهاجرين الأساسي به.
تنظيم مؤقت
هذا الأمر عكس نفسه على جارة فرنسا إيطاليا، التي أعلنت أنها ستنظم شؤون 200 ألف مهاجر لا يحملون إقامات شرعية، من العاملين في القطاع الزراعي أو المساعدة المنزلية، لمدة ستة أشهر فقط.
منظمات حقوقية اعتبرت أن هذا الإجراء هو شكل من أشكال التنظيم المؤقت، ولا يسمح للعمال المهاجرين بالبقاء في البلاد، وبالتالي الحصول على فرصة حقيقية للاندماج في المجتمع المحلي.
ويعتمد نحو 25% من الإنتاج الزراعي في إيطاليا على أكثر من 370 ألف عامل موسمي، يأتون من الخارج كل عام.
ويسعى عدد من الجمعيات والمنظمات الفرنسية إلى تسوية أوضاع العمال المهاجرين من كافة الفئات، بشكل نهائي.