نشرت وسائل إعلام محلية بريطانية عددا من الاقتراحات، نسبتها إلى الحكومة البريطانية، تسعى لمعالجة ملف المهاجرين غير الشرعيين الوافدين حديثا على البلاد، خاصة عبر المانش. الاقتراحات لاقت استنكارا لدى شريحة واسعة من السياسيين المعارضين للحكومة ومنظمات إنسانية وحقوقية، كونها تنطوي على اقتراحات “لا إنسانية وشريرة”، وفق تعبير بعضهم.
تسعى الحكومة البريطانية للتعامل مع ارتفاع أعداد الوافدين إلى شواطئها عبر المانش، من خلال اقتراحات سببت حتى الآن جدلا واسعا على المستوى المحلي.
من ضمن الاقتراحات المطروحة، احتجاز المهاجرين على جزيرة تخضع للسيطرة البريطانية جنوب المحيط الأطلسي، تعتبر أقرب لمدينة كايب تاون أو ريو دي جانيرو منها إلى لندن.
وجاء في الاقتراحات الأخرى وضع المهاجرين على متن عبارة ضخمة عمرها 40 عاما قبالة سواحل البلاد، يمكنها استيعاب 1,400 شخص في 141 غرفة. أو إرسالهم إلى منصات نفطية مهجورة في بحر الشمال.
ووصف سياسيون معارضون ومنظمات حقوقية الاقتراحات بـ”غير المعقولة” والـ”كئيبة”، في حين حذر أكاديميون من أنها ستكون مكلفة جدا وغير عملية.
وترفض الحكومة الإفصاح عما يتم مناقشته حاليا من تلك الاقتراحات، إلا أنها أكدت “العمل على تطوير خطط لإصلاح قوانين وسياسات البلاد حول اللجوء والهجرة غير الشرعية”.
ويأتي هذا الجدل عقب ارتفاع ملحوظ بأعداد المهاجرين الوافدين على سواحل البلاد عبر المانش، عبر قوارب صغيرة غير صالحة للإبحار في تلك المنطقة الخطرة، خلال الصيف.
وكانت وزيرة الداخلية بريتي باتل قد تعهدت بوقف تلك الرحلات، إلا أن أعداد الأشخاص الذين قاموا بتلك الرحلة غير المضمونة عبر المضيق المائي البالغ عرضه 33 كلم ارتفعت كثيرا.
ووفقا لمسؤولين حكوميين، ساهم انتشار جائحة كورونا بارتفاع أعداد المهاجرين القادمين عبر تلك الطريق، بعد أن انخفضت أعداد الشاحنات القادمة من فرنسا عبر النفق الأوروبي، والتي كان المهاجرون يتسللون إليها للوصول إلى أراضي المملكة.
للمزيد>>> توقيف شبكة تهريب مهاجرين عبر المانش تعمل في ثلاثة دول أوروبية
وأفادت الشرطة البريطانية في عدد من المناسبات أن مجموعات “العصابات المنظمة” استفادت من ياس الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى بريطانيا بأية وسيلة، ويتقاضون منهم آلاف اليوروهات مقابل إرسالهم في تلك الرحلات الخطيرة.
وكانت الشرطة الأوروبية قد أعلنت الأربعاء عن توقيف شبكة تهريب، مؤلفة من 12 شخصا، موزعين بين فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة.
“التجربة الأسترالية”
وأثارت الخطط التي تناقشها الحكومة لمعالجة ذلك الملف شكوكا في أوساط المعارضين لها، بسبب غرابتها.
من الاقتراحات التي وردت أيضا، إنشاء مركز على أرخبيل جزر “أسينشون وسانت هيلين” البركاني، على بعد أكثر من نحو 6,500 كلم من المملكة المتحدة.
وكانت صحيفة “الفاينانشال تايمز” البريطانية قد أوردت في عددها الصادر الخميس، أن الحكومة البريطانية بصدد مناقشة أيضا إرسال قوارب بمضخات ضخمة لتوليد أمواج اصطناعية في المانش، لمنع القوارب من الوصول إلى سواحل البلاد. فضلا عن مقترح آخر يقضي بإنشاء حاجز اصطناعي يصد القوارب قبل وصولها الساحل.
صحف محلية بريطانية شبهت الاقتراحات التي تناقشها الحكومة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأسترالية، حيث قامت بإرسال المهاجرين على جزر بعيدة عن البر الرئيسي، على جزر مانوس وماورو وكرسماس آيلاند.
وشهدت تلك المراكز التي تعرضت لإدانات متعددة من الأمم المتحدة، لكنها مدعومة من الأحزاب الأسترالية الرئيسية، مظاهرات ومحاولات انتحار في صفوف المهاجرين.
“مثال شرير”
ورفضت وزيرة الداخلية البريطانية التعليق على أسئلة حول أوجه الشبه بين المقترحات التي تتم مناقشتها حاليا، والآليات التي اعتمدنها السلطات الأسترالية.
متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني قال أمس الخميس إن الحكومة عاكفة على دراسة المقترحات، ومن ضمنها الاطلاع على تجارب دول أخرى.
وأضاف “من الواضح أن هناك مشكلة علينا التعاطي معها”.
متحدث باسم حزب العمال البريطاني قال إن المقترحات “مثالا شريرا حول البيئة السيئة” التي أوجدتها حكومة المحافظين حيال الهجرة.
فضيحة مهاجري “ويندرش”
وأضاف أن الحكومة “لم تستفد” من فضيحة ويندرش التي حصلت مؤخرا، والتي طالت أبناء مهاجرين بريطانيين من جزر الكاريبي انتقلوا إلى المملكة المتحدة في خمسينات وستينات القرن الماضي، حيث تم احتجازهم وترحيلهم لاعتبارهم مهاجرين غير شرعيين.
الفرع البريطاني لمنظمة العفو الدولية قال إن فكرة “نفي طالبي اللجوء إلى مواقع نائية ومعزولة… ستتحدى عملية الاستجابة لاحتياجات وحقوق النساء والرجال والأطفال”.
في حين أورد أخصائيون وأكاديميون أن إرسال المهاجرين إلى تلك المواقع سيكون مكلفا وغير مجد، فضلا عن أنه قد يتعارض مع الالتزامات القانونية لبريطانيا حيال موضوع اللجوء.