نشرت شبكة «ميغروروب» المدعومة من مجموعة اليسار الأوروبي الموحد في البرلمان الأوروبي، تقريرا عن عمليات احتجاز المهاجرين في الدول الأعضاء في الاتحاد، لا سيما إيطاليا واليونان وإسبانيا وألمانيا. وحذرت من عدم قانونية تلك الإجراءات.
أعربت عدة جمعيات ومنظمات وشبكات حقوقية عن قلقها إزاء إجراءات الاحتجاز الإداري للمهاجرين في عدد من الدول الأوروبية. شبكة «ميغروروب» (Migreurop) المكونة من جمعيات وباحثين أكاديميين، تحدثت في تقرير نشرته في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عن الارتفاع المتزايد بحالات الاحتجاز الإداري خارج الأطر القانونية في دول مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان وألمانيا.
تقرير الشبكة الذي جاء تحت عنوان «محتجزون ومستبعدون-احتجاز غير رسمي وغير قانوني في إسبانيا واليونان وإيطاليا وألمانيا»، أوضح أن أشكال الاحتجاز غير الرسمية وغير القانونية «اكتسبت أهمية متصاعدة وباتت جزءا أساسيا من عمل نظام الحدود للاتحاد الأوروبي». وأعلن معدوه عن خشيتهم من أن تصبح هذه الممارسات هي القاعدة في القارة العجوز، في وقت تتم فيه مناقشة «ميثاق أوروبي بشأن الهجرة» محتمل في بروكسل.
على خط المواجهة، دول تفرز المهاجرين على الحدود
في المقام الأول، هناك البلدان التي تشكل خط المواجهة الأول مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا، والتي، حسب «ميغروروب»، يتمثل دورها في «فرز المهاجرين والحد من حركتهم، وهو إجراء غير شرعي، كي لا يتمكنوا من الوصول إلى دول أخرى أعضاء في الاتحاد». من هذا المنطلق، يلاحظ الباحثون أن فترات الاحتجاز التي تتم على الحدود الخارجية بشكل عام قصيرة جدا (باستثناء الجزر اليونانية)، وغالبا ما تكون غير منظمة، وتهدف إلى تسهيل طرد المهاجرين إلى بلد آخر أو إعادتهم إلى الجانب الآخر من الحدود. وجاء في التقرير أن ذلك «يحدث بعيدا عن مراكز الاحتجاز» التقليدية، «وفي أماكن غير رسمية، بما في ذلك المناطق الحدودية ومراكز الشرطة، مع صعوبة ممارسة المهاجرين لحقوقهم، كالوصول للمعلومات أو الحق بتوكيل محام لتمثيلهم».
«ممارسات أمنية»
وألقى التقرير الضوء على التغيرات التي طرأت على مراكز الاحتجاز خلال السنوات الأخيرة، معتمدا على تجربة البؤر الساخنة في إيطاليا والتي فاق عددها الـ7,500 في عام 2019، واليونان التي بلغت أعداد المهاجرين المحتجزين فيها 38,423 موزعين على أكثر من ستة آلاف مركز، ومقرات الاستقبال المؤقت للأجانب في إسبانيا التي بلغت أعدادها أكثر من ألف وتستقبل أكثر من 15 ألف مهاجر.
وحسب «مغروروب»، فإن تلك ممارسات «أمنية بحتة، والهدف منها تسريع عمليات الطرد من الحدود. ويؤدي هذا إلى حرمان الآلاف من حريتهم وتركهم غارقين في حالة من عدم التيقن».
وتختلف الأرقام وإجراءات الاحتجاز والإعادة القسرية بين البلدان المختلفة. إسبانيا مثلا رفضت في 2019 السماح لنحو 500 ألف شخص الدخول إلى أراضيها، «معظمهم احتجزوا وحرموا من حرياتهم في منشآت حدودية قبل إعادتهم». لكن بالنظر إلى بيانات السلطات الإسبانية الرسمية، نجد أن أعداد المهاجرين المحتجزين في مراكز الترحيل الرسمية تظهر وجود نحو 29 ألف شخص فقط.
أسباب جديدة للاحتجاز
تقرير «ميغروروب» تناول أيضا دول المقصد في غرب وشمال أوروبا، مركزا على ألمانيا بشكل خاص، حيث وصف «آليات الاحتجاز المعقدة التي يتعرض لها المهاجرون والهادفة إلى إعادتهم إلى الدول التي وصلوها بداية في أوروبا (دبلن) أو إلى دول المنشأ (من خلال اتفاقيات الترحيل أو الاتفاقيات المشابهة للإعلان الأوروبي التركي…).
كما جاء في التقرير أن السلطات الألمانية أوردت أسبابا جديدة تخولها احتجاز المهاجرين، معتبرا أن «عمليات الاحتجاز والآليات والأسس القانونية الداعمة لها، تتيح للسلطات الألمانية رفع أعداد عمليات الترحيل والطرد (22,097 حالة في 2019)… فضلا عن أنها (السلطات) زادت أعداد أماكن الاحتجاز بشكل ملحوظ لتبلغ 745 مركزا في 2019، مقارنة بـ438 في 2015.
«الميثاق سيسمح بإضفاء الشرعية على سياسة الاحتجاز»
كما دانت «ميغروروب» سياسة «ردع المهاجرين» المعمول بها حاليا، والتي تسببت بمعاناة إنسانية هائلة، كتلك الموجودة في جزيرة ليسبوس اليونانية. وكالكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية، أشار التقرير إلى الخشية من أن يتحول الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، المطروح حاليا على طاولة البحث في البرلمان الأوروبي، إلى آلية لتطبيع تلك الممارسات (الاحتجاز). وجاء في التقرير أن «هذا الميثاق هو أداة ستسمح للدول الأعضاء بإضفاء المنهجية على سياسة قمعية ولدت قبل 30 عاما، فضلا عن ممارسات الاحتجاز غير القانونية التي تتزايد بشكل ملحوظ».
وحسب نص الميثاق، سيخضع طالبو اللجوء، من المهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر أو عبروا الحدود الأوروبية، لإجراءات مراقبة، ستخول الدول المعنية أن تحتفظ بهم على حدودها الخارجية أو في مناطق عبور ريثما تتم دراسة طلباتهم، وهذا «في ظل ظروف معيشية قاسية» حسب تقرير ميغروروب». وأعربت الشبكة الأوروبية الحقوقية عن أسفها لكون الدول ستعمل على اعتماد إجراءات لجوء معجلة وعمليات ترحيل إلى الحدود، وذلك عبر احتجاز المهاجرين.
وتجري حاليا مناقشة كافة المقترحات المتعلقة بالميثاق الذي قدمته المفوضية الأوروبية في أيلول/سبتمبر الماضي، والذي تأمل أن يدخل حيز التنفيذ عام 2022.
ووفقا لمعدي تقرير «مغروروب»، فإنهم لن يتوقفوا عن التحقيق في عمليات الاحتجاز غير القانونية وسوء معاملة المهاجرين في أوروبا، مؤكدين على أن «تلك الحقيقة (عمليات الاحتجاز) واضحة وملموسة في دول أخرى»، وأنها غير محصورة بالدول الأربعة التي تناولها التقرير فقط. وأنهم يعملون حاليا على تقرير حول دول البلقان.