في أحد شوارع محافظة الإسكندرية، يجلس رجل أربعيني في مقهى طوال ساعات النهار، ومع ذهاب الجالسين من حوله إلى بيوتهم مع حلول الليل، يراقب بعينيه أحد الدكاكين المجاورة، ليتحرك إليه قبل إغلاقه، حيث بات المكان الوحيد الذي يمكنه الحصول فيه على قسط من النوم، بعدما أصبح بلا مأوى.
هكذا عاش أحد الهدافين التاريخيين للدوريات المصرية لكرم القدم بدرجاتها الأربعة، برصيد 287 هدفًا، وأحد أشهر لاعبي دوري «المظاليم»، محمد داود، في الأيام الأخيرة.
وقام عدد من الرياضيين والمهتمين بدوريات «المظاليم»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمطالبة وزارة الشباب والرياضة ورؤساء الأندية التي لعب لها داود، بمساعدة اللاعب المخضرم في أزمته الحالية، تقديرًا لمسيرته القوية، واعتباره واحدًا من رموز كرة القدم بعروس البحر المتوسط.
وبصوتٍ حزين، يكشف داود عن أسباب تلك الأزمة، وكيف هزمت ظروف الحياة، من لا يرحم خصومه داخل المستطيل الأخضر؟
يقول داود لموقع «سكاي نيوز عربية» إنه يلعب حاليًا لأحد أندية الدرجة الرابعة، وبالإضافة إلى أنه مدرب في قطاع البراعم بنادي الأوليمبي، مع ذلك يجني شهريًا 1500 جنيه مصري فقط، وكان يحاول أن يسد احتياجاته بهذا المرتب، لكن بعد خلاف مع زوجته، وطرده من المنزل، أصبح بلا مأوى، وبات دخله الشهري، يحول دون حصوله على محل إقامة ثابت.
ظروف صعبة
ويضيف داود»: «في ساعات النهار، لا أملك مكانًا للحصول على قسط من الراحة، فأحاول تمرير الوقت قدر الإمكان، بين التدريبات في النادي، والجلوس على المقاهي، وفي الليل، أنام في «دكان» يملكه أحد أصدقائي، وأغادره مع بداية يوم العمل، ولا أعلم إلى متى سأصمد في وجه تلك الظروف الصعبة؟!».
ويتابع اللاعب المخضرم: «في دوريات «المظاليم»، لا نملك الاستقرار المادي مثل لاعبي الدوري الممتاز، فأغلب لاعبي أندية الدرجات الأقل، لا يحصلون على مرتبات كبيرة، وهناك من لا يحصل على مقابل مادي من الأساس، ويعتمد معظمنا على وظائف أخرى، لنستطيع البقاء داخل المستطيل الأخضر، بدافع من حب كرة القدم فقط».
كما يردف: «لكنني لا أجيد عمل أي شيء غير كرة القدم، وحققت مسيرة قوية في الملاعب بدأت منذ أكثر من عشرين عامًا، لأكون أحد عميدي لاعبي كرة القدم بمصر، وأريد فقط التقدير الكافي لما حققته عبر السنين، فكيف يمكنني التركيز داخل الملعب، وأنا لا أعلم أين سأنام فور انتهاء المباراة التي أشارك بها؟!».
خيانة مفاجئة
ويوضح المهاجم المخضرم أنه بجانب الظروف الصعبة التي عاشها في الملاعب، تعرض لأكثر من موقف صعب على المستوى الأسري، «ازدادت الأمور سوءًا، بعدما «كتبت شقتي» باسم زوجتي الأولى، وبعد انفصالي عنها، لم أحصل على شيء، لأصل إلى نقطة الصفر، وعندما تزوجت مرة أخرى، كنت أعيش مع زوجتي في شقتها، وعلى أثر خلاف معها، قامت بطردي من البيت، وأصبحت بلا مأوى».
ويملك داود ثلاثة أبناء، لا يمكنه الإنفاق عليهم بسبب ظروفه المالية الصعبة، «يصيبني الحزن عندما أجدني في عقدي الرابع من الزمن، ولا أستطيع توفير الاحتياجات الأساسية لأبنائي، وتقوم زوجاتي السابقات بالقيام بدوري، وهذا يزيد المسافة بيني وبين أبنائي بمرور الأيام».
مسيرة قوية
ويضيف داود: «أملك من العمر 43 عامًا، ومازالت أطمح في البقاء داخل الملاعب لأكبر سن ممكن، وهذا يتطلب التغلب على الظروف الصعبة التي تفرضها عليّ الحياة».
يشار إلى أن داود لعب خلال مسيرته الكروية في عديد من الأندية المصرية القوية التي بدأت عام 1996، مثل: الاتحاد السكندري، حرس الحدود، الأوليمبي، والجونة، وكان له دور كبير في صعود بعض تلك الفرق إلى الدوري المصري الممتاز.
ويختم: «أسعدتني رسائل الدعم التي وصلتني من أصدقائي والمقدرين لمسيرتي، وأتمنى أن تنتهي تلك الأزمة قريبًا».