باتت إحدى الخيارات المطروحة في الولايات المتحدة هي عزل ولاية فلوريدا الجنوبية عن بقية أنحاء البلاد، خشية أن تهدد الطفرات الجديدة في فيروس كورونا المستجد، الإنجازات التي تحققت في محاربة الوباء داخل الولايات المتحدة.
ووصلت السلالة البريطانية إلى فلوريدا التي يطلق عليها “ولاية الشمس المشرقة”، إلى درجة أنها تتفشى بكثرة حتى أصبحت أكثر الولايات المصابة بالسلالة الجديدة.
وتقول سلطات ولاية فلوريدا إنها سجلت 347 حالة جديدة بالسلالة الجديدة من كورونا.
والولايات المتحدة هي أكثر دول العالم معاناة من وباء كورونا، حيث سجل فيها 27 مليون إصابة وأكثر من 475 ألف وفاة.
لكن منحنى الإصابات بدأ في التراجع، مؤخرا، كما أن وتيرة التطعيم ازدادت بوتيرة عالية، إذ تم تطعيم أكثر من 47 مليون شخص، في حين أن السلالات الجديدة تهدد الجهود التي بذلت لاحتواء الوباء.
جميع الخيارات مطروحة
ويقول مسؤول فيدرالي أميركي: “إن تفشي الطفرات الجديدة الشديدة العدوى زاد من الحاجة إلى مراجعة قيود السفر المحتملة داخل الولايات المتحدة، وأن هناك محادثات مكثفة تجري لبحث ما يمكن أن يساعد في احتواء الطفرات الجديدة” .
وأضاف “لقد فعلنا ذلك مع جنوب أفريقيا والبرازيل، بعد أن تلقينا توجيهات واضحة من مركز للوقاية من الأمراض المعدية. هذه حرب ونحن في معركة مع الفيروس”.
ومما يعزز احتمال عزل فلوريدا تصريح مسؤول البيت الأبيض بأن: “الحرب فوضوية لا يمكن التنبؤ بها، وجميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.
وخلال الأسابيع الأخيرة، انخفض عدد الحالات المسجلة بمرض “كوفيد-19” الذي يسببه الوباء، من ما يزيد عن 16 ألف حالة يومياً إلى أقل من 7 آلاف.
تفشي الطفرة الجديدة
لكن، رغم هذه الأخبار الجيدة، انتشرت الطفرة الجديدة بسرعة قياسية في الولاية، وأصبحت تمثل الآن ما يصل إلى 15 بالمئة من الحالات الجديدة في فلوريدا، وفقا لتقديرات فريق من الباحثين، وهي تقديرات تختلف عن الحالات المسجلة رسميا.
وأبقى حاكم فلوريدا، الجمهوري رون ديسانتيس، اقتصاد مفتوحا حتى مع انتشار طفرات الفيروس الجديدة، إذ تشهد الولاية حركة سياحية كثيفة في الشتاء ويقصدها الأميركيون هرباً من الطقس البارد في الشمال.
ولا تلتزم فلوريدا بإجراءات العزل، وتكتفي بقيود ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي.
وفي مؤتمر صحفي، انتقد ديسانتيس احتمال فرض قيود للسفر إلى فلوريدا، وقال: “إن ذلك سيكون ذلك غير دستوري وغير قانوني، وسوف نعارضه 100 بالمئة. فهذا الأمر لا أساس له من العلم، إنما سيكون مجرد هجوم سياسي ضد فلوريدا”.
وتابع: “تقييد حق الأميركيين في السفر بحرية في جميع أنحاء بلادنا، في وقت يسمح فيه للأجانب غير الشرعيين بالتدفق عبر الحدود دون مضايقات سيكون مهزلة سخيفة ، لكنها مدمرة للغاية”.
ما قانونية العزل؟
وبشأن قانونية عزل الولاية، قال المحامي الأميركي اللبناني الأصل جون إليا، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن المحكمة العليا الأميركية تنص على أن للأميركيين حقا دستوريا في السفر بين الولايات، لكن المسؤولين الفيدراليين لديهم صلاحيات أيضا لتقييد السفر بين الولايات في حالات معينة مثل تفشي وباء، وفقا لقانون خدمات الصحة العامة الذي يسمح للحكومة الفيدرالية بوضع أطر لمنع انتشار الأمراض المعدية”.
ويضيف “عادة ما يستخدم مركز السيطرة على الأمراض تلك الصلاحيات فقط على الأفراد الذين ثبتت إصابتهم أو تعرضوا على الأرجح لمرض معد، مثل قائمة “عدم الصعود على متن الطائرة” للسفر الجوي للأشخاص المصابين بالسل أو الحصبة. تاريخيا، الوكالة لم تطبق القانون على قطاعات واسعة من السكان، او على ولاية او مقاطعة”.
وبحسب إليا، فإن التبرير القانوني لمنع السفر من ولاية بأكملها ، هو شيء معروف في الدوائر القانونية والوبائية باسم “الطوق الصحي” لكنه قيد شديد للغاية على الحرية الشخصية، وإذا أخذ إلى المحكمة، فسيكون السؤال: ألا توجد وسيلة أقل تقييدًا لتحقيق هذا الهدف؟”
اعتبارات سياسية
إلى جانب الأسئلة القانونية ، هناك اعتبارات سياسية وصحية عامة متشابكة. علماً بأن العلماء يجمعون على أن حظر السفر المحلي الذي يستهدف فلوريدا لن يوقف انتشار طفرات كورونا الجديدة.
ويقول أندرو برت وهو رئيس تجمع الكوبيين في الحزب الجمهوري بجنوبي فلوريدا لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ليس للحكومة الحق في الدخول والسيطرة على حياتنا. نحن نرتدي الأقنعة ، ونمارس التباعد الاجتماعي ، ونفعل الأشياء التي يوصي بها مركز السيطرة على الأمراض ، لكن ما ذنب سكان فلوريدا إن كانت هذه الولاية مقصد سياحي هام لكل الأميركيين، والجميع يحلم أن يزور ولايتنا ؟”
أما الناشط في الحزب الديمقراطي، كين إيفنس، يعتبر أن سياسة حاكم فلوريدا هي التي تتسبب بارتفاع الإصابات.
وقال: “السكان لا يجب أن يدفعوا ثمن سياسته في إدارة الوباء، لهذا نتأمل أن تتدخل واشنطن لردعه (حاكم الولاية). هو يلوم العمالة الأجنبية ويعتبرها مسؤولة عن انتشار السلالة الجديدة لكورونا، وهذا غير صحيح ، بل هو كلام عنصري”.