«بعد أن عانينا من مسألة الخروج من المنزل وصعود السلالم ونزولها، اتجهنا لاختراع كرسي كهربائي يمكنه صعود السلالم ووضع مستخدمه على سريره»، كان هذا هو أحد الاختراعات العبقرية التي نجح التوأم حسام ومحمد سيد مصطفى في تقديمها للعالم رغم إصابتهما بشلل في الجزء السفلي منهما منذ ولادتهما.
وتقول الأم سهير عبد الحميد الموظفة بوزارة التضامن الاجتماعي في مركز بني مزار بمحافظة المنيا، إنها أنجبت بنتين ثم عانت كثيرا بعدما أنجبت ثلاثة توائم، هم حسام ومحمد وإبراهيم، مبينة أن إبراهيم كان طبيعيا بينما فوجئت بإصابة الولدين بإعاقة في النصف الأسفل من جسديهما.
وتؤكد الأم أن كثيرا من الأطباء قد أشاروا إلى أن حسام ومحمد لن يعيشا طويلا، لكنها كافحت بالمتابعة والعناية والاهتمام حتى نجحت في الحفاظ على حياتيهما فضلا عن إدخالهما المدارس بعد ذلك للتعليم.
صعوبات في التعليم
وفي حديث لموقع «سكاي نيوز عربية»، أوضحت الأم أن كثيرا من المدارس لم تكن لتقبل بحالة ولديها حتى تمكنت بعد ذلك من إدخالهما لإحدى المدارس التي تقبل مثل هذه الحالات، ونجحت في الوصول بهما إلى مرحلة التعليم الثانوي ثم الجامعي، ليحصل كل منهما على مؤهل عالي في كلية الآداب قسم الإعلام شعبة العلاقات العامة، وتمكّن حسام من الحصول على وظيفة في البنك الأهلي، كما يسعى محمد للحصول على وظيفة حكومية تؤمن له مستقبله.
وأضافت أن الإعاقة الحركية كانت دافعا لهما حتى أنهما تفوقا على الأشخاص الطبيعيين، مبينة أنها خافت عليهما من الاتجاه إلى البحث في الاختراعات حتى لا يعيق ذلك الدراسة، إلا أنهما نجحا في التوفيق بين الاختراعات العلمية والدراسة، وأصبحا متفوقين ومتميزين في كل شيء.
وتتابع الأم سهير قائلة: «سعيدة جدا باهتمام الدولة في الفترة الأخيرة بذوي الاحتياجات الخاصة لأني كنت أواجه مصاعب عديدة أثناء مراحل التعليم المبكرة واهتمام السلطات المصرية بذوي الهمم، خفف المشاكل هذه».
من جانبهما يقول حسام ومحمد إنهما عانيا كثيرا في التعليم خاصة الجامعي حيث تبعد جامعة المنيا عن مركز بني مزار قرابة 50 كيلومترا، وكانت عملية استقلال المواصلات صعبة للغاية حيث يرفض الكثير من السائقين ركوبهما في سيارته، ما سبب مشاكل كبيرة نجحا بصعوبة في التغلب عليها.
وتمكن الأخوان في الكلية من تخصيص مصعد خاص لذوي الاحتياجات الخاصة واستخدامه طوال فترة دراستهما، ما عاد بالنفع على حالتيهما والحالات المماثلة بكلية الآداب.
من رحم المعاناة يولد الإنجاز
في بداية الأمر ومع صعوبة النزول والصعود، اخترع التوأم وسيلة تمكّن الكرسي العادي من النزول على السلالم عبر وضع قضيب حديدي مزدوج على السلالم ويمكن تنحيته ولصقه بالجدار ثم فرده عند الحاجة على السلالم لتسهيل نزول الكرسي وصعوده.
ومع استمرار معاناتهما تمكنا من اختراع جهاز كرسي كهربائي يمكنه صعود السلالم والنزول ووضع مستخدمه على سريره.
وتعليقا على الاختراع، قال محمد: «الجهاز يمكنه التحرك وتنفيذ الأوامر استجابة لإشارات المخ، لمعالجة حالات ضمور العضلات التي تجعل من الصعوبة على ذوي الاحتياجات الخاصة استخدام أيديهم أو أرجلهم، ويمكن صناعته بمواد من السوق المصرية، وكذلك أسعار مناسبة لقدرات المواطنين».
ونجحت فكرة الجهاز في حصد العديد من الجوائز في مسابقة معرض العلوم والهندسة «آيسف»، كما حصل على المركز الأول في الكثير من المعارض العلمية.
الرافعة الكهربائية
وتمكّن التوأم من صنع رافعة كهربائية أشبه بالمصعد الكهربائي توضع في بيوت من يعاني الإعاقة للنزول والصعود وقد تم تطبيق التجربة فعليا في منزلهما.
وحصل التوأم على العديد من الجوائز الخاصة بالابتكارات مثل شهادة من جامعة ييل الأميريكية، كما حصلا على درع مؤتمر رواد الأعمال العرب الذي تم تنظيمه في مدينة الإسكندرية المصرية، وشهادة من منظمة حقوق الإنسان المصرية.
وأوضح حسام قائلا: «نجحنا أيضا في تطوير برنامج يسهّل على الطبيب تشخيص الكثير من الحالات التي تستخدم فيها الأشعة التلفزيونية (السونار) حيث يعمل البرنامج بشكل أسرع وأضمن على تشخيص هذه الحالات، دون وقوع الطبيب في أخطاء في عملية التشخيص».
خدمة المجتمع
وعمل التوأم على إطلاق الكثير من المبادرات والمؤتمرات الخاصة بمتحدي الإعاقة، مثل مبادرة «نستطيع» «WE CAN» المعتمدة على فكرة «مهمة روزفيلت»، وهي فكرة إسبانية لعمل مسيرة عالمية تأخذ من نجاح الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت الذي حكم الولايات المتحدة من على كرسي متحرك.
وكانت فكرة الفريق الإسباني بإطلاق مسيرة على مستوى العالم بوضعهم على كراسي مع أعداد من معاقي الحركة للسير في الشوارع كنوع من الدعم لمتحدي الإعاقة، وقد نجح التوأم في تنفيذ الفكرة بصعيد مصر، ولاقت نجاحا كبيرا كنوع من المشاركة الوجدانية لمثل هذه الحالات.
كما عقد التوأم مؤتمرا تحت عنوان «كمّل تعليمك» ويهدف إلى إتاحة الفرصة للطلبة الصغار من متحدي الإعاقة لاستكمال تعليمهم بآليات وإمكانات خاصة بهم في الدراسة والفصول، وقد تم عقد التوأم لقاءات مع وكلاء الوزارة في محافظة المنيا لجمع المعلومات عن معوقات التعليم لمتحدي الإعاقة خاصة وأن الكثير منهم لا يكمل تعليمه بعد المرحلة الابتدائية، وقد تم عقد مؤتمر بهذا الخصوص تم خلاله تسليم العديد من الكراسي الكهربائية المتحركة وتكريم المتميزين من متحدي الإعاقة.
كما يسعى التوأم لتفعيل القوانين التي تسهل حياة متحدي الإعاقة التعليمية مثل إنشاء فصول أرضية لهم.
كذلك ترشح التوأم لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة في مصر، حيث أكدا أن التجربة كانت جيدة للغاية رغم أنه لم يكتب لهما النجاح.
وحول هذه التجربة قال محمد: «رأينا الحب في عيون الناس بشكل أعظم بكثير من أي نتيجة، رأينا محبة الناس بشكل غير عادي جعلنا لا نندم أبدا على هذه الخطوة، خاصة مع وقوف الناس معنا، ونحن نعتزم خوض التجربة مرة أخرى».